تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولأجل هذا لا نستطيع أن نقطع بأنّ الإمالة في {الباري} لم تثبت بالأداء عن ابن مجاهد أو عن غيره، وحتّى إن لم يثبت النصّ في ذلك فلا يمنع من ثبوته أداءً كما تقدّم، وإن صرح فارس ابن أحمد بأنّ ابن مجاهد اعتمد على القياس في المسألة فإنّ ذلك لا ينفي ثبوته أداءً عنه أو عن غيره. والعلم عند الله تعالى.

المسألة السابعة: كلمة {كلتا} حيث اختلف الأئمة في أمالتها وقفاً وهذا اختلاف طبيعيّ لعدم ورود نصوص صريحة في ذلك وسبب ذلك أنّ كلمة {كلتا} وقعت قبل ساكن فلم يحتج العلماء إلى التصريح بإمالتها لأنّها لا تمال وصلاً، والوقف عليها بعيد الوقوع لوجودها في أوّل الآية وهذا الذي يفسّر انعدام النصوص في إمالتها. ولكنّ السؤال: إذا وقفنا عليها اختباراً فكيف نقف عليها لأصحاب الإمالة؟ لا بدّ من جواب للفصل في المسألة لغموضها ولوجود حاجّة ماسّة لمعرفة الحكم في الوقف، فاضطر العلماء إلى استعمال القياس في ذلك فمن اعتبرها ألف التأنيث أمالها على وزن (فِعلى) ومن اعتبرها ألف التثنية فتحها، إذن فالقياس قائم على أصيل وثيق معتبر بين أهل الأداء وأهل اللغة، وهو إمالة ألف التأنيث وفتح ألف التثنية، وقد رُوي عن الكسائي فتحها كما ذكر الداني في جامع البيان وهو مذهب أهل اللغة في الكوفة وهذا الذي جعل ابن الجزري يميل إلى الفتح كما هو واضح في النشر.

المسألة الثامنة: كلمة {تترا} على قراءة من نوّن أي {تتراً} فمن اعتبر الألف بدلاً من التنوين ك {صبرا} و {نصراً} التي تجري فيها وجوه الإعراب من نصب وجرّ ورفع فحكمها الفتح، ومن اعتبرها ملحقة بجعفر ودرمل نحو أرطى جاز إمالتها لأنّها كالأصلية المنفلبة عن الياء (انظر جامع البيان والنشر) قال الداني:"والقراء وأهل الأداء على الأول – أي الفتح – وبه قرأت وبه آخذ جامع البيان ص345.

أقول: إن هذه المسألة ليست مبنية على الرأي المحض كما يتوقّعه البعض بل العمدة في ذلك المشافهة كما قال الداني:" وبه قرأت وبه آخذ " وما فعله الداني هو تعليل الفتح المقروء به عنده وتقويته من الناحية القياسية واللغوية. قد يقول القائل كان باستطاعته الاكتفاء بما تلقاه عن مشايخه، الجواب: هؤلاء الأئمة جمعوا بين الرواية والدراية، والدراية وهو العلم بوجوه القراءات والروايات وعللهما ولا شكّ أنّ هذه المنزلة تفوق من يعتمد على المشافهة المجردة عن العلم. ولا ننس أنّ المتقدمين على عصر الداني لم يقوموا بحصر جميع الكلمات الممالة في القرءان اختصاراً، فاكتفوا بذكر القواعد المعرفة للممال وفق ما تلقوه عن مشايخهم بالإسناد،إلاّ بعض الكلمات القليلة التي ظاهرها تخرج عن تلك القواعدة المضبوطة فيظنّ البعض أنّها لا تثبت، فكم من وجه ثابت في الأداء لم يكن منصوصاً عليه قديماً ثمّ دوّن بعد ذلك في المصادر التي ظهرت في القرن الرابع والخامس للهجرة فقام أئمّة هذا الوقت بحصر هذه الكلمات وبيّنوا أحكمها على أساس ما ثبت بالأداء عندهم فجعلوا لها محملاً معتبراً و قياساً مقبولاً لا يخرج عن الحدود والضوابط التي وضعها أهل الأداء للقياس.

المسألة التاسعة: ورود في كتاب التيسير وجه الفتح في فواصل {والشمس} وبعض فواصل النازعات نحو {ضحاها} وشبهه لورش مع أنّ الداني صرح في جامع البيان أنه قرأ على ابن خاقان بالتقليل حيث قال: "وأقرأني ابن خاقان وأبو الفتح عن قراءتهما في روايته عن ورش الباب كله بين اللفظين "، وطريق التيسير هي قراءة الداني على ابن خاقان، فكيف التوفيق؟

الجواب: قد روى الداني الفتح أيضاً من طريق ابن خاقان في كتابه المفردات حيث قال "ومالم يكن بعد الألف هاء وألف نحو بعض آي النازعات وآي والشمس وضحاها فإنه لا خلاف بينهم فيما قرأت لهم في إخلاص الفتح إلا في قوله في النازعات {من ذكراها} " (المفردات ص44). وإسناد الداني في كتابه المفردات هو عن ابن خاقان. قال ابن الجزري في النشر " والذي عوّل عليه في التيسير هو الفتح كما صرح به في أوّل السور مع أنّ اعتماده في التيسير على قراءته على أبي القاسم الخاقاني في رواية ورش وأسندها في التيسير من طريقه ولكنه اعتمد في هذا الفصل على قراءته على أبي الحسن فلذلك قطع عنه بالفتح في المفردات وجهاً واحداً مع إسناده فيها الرواية من طريق ابن خاقان "النشر 2/ 48. وقد روى الداني

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير