تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العدد إلى الأمصار كلهم، درءا للفتنة التي أدركها بفضل من الله بخطه للمصاحف، وهذا الأمر يقرب كثيرا إلى سبب ارتضاء الأمصار الإسلامية آنذاك لمذهب فقهي واحد لا غير، ويفسره كذلك سبب امتناع الإمام مالك من طلب أبي جعفر المنصور إلزام جميع الأمصار الإسلامية بكتابه الموطأ، ومشى الأمر كذلك في سائر العصور: تسود وتتغلب قراءة أورواية في مصر من الأمصار على القراءات جميعا، حتى وصل الحال في عصرنا إلى انتشار رواية حفص عن عاصم انتشارا ذريعا تلته رواية ورش عن نافع فقالون عن نافع فالدوري عن أبي عمرو، وكانت القراءة السائدة عندنا بالمغرب هي قراءة حمزة إلى القرن الرابع حيث حلت مكانها قراءة نافع بجهود الإمام محمد بن خيرون المتوفى سنة 325هـ، وذلك راجع إلى انتشار مذهب مالك في المغرب منذ القرن الأول تقريبا فناسب انتشار قراءة شيخه نافع كذلك، ووجدت كثيرا من علمائنا كره القراءة بالقراءات المتواترة في الصلاة في المساجد التي تختلف إليها العامة سدا للذريعة ودرءا للمفسدة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: "وَأَمَّا جَمْعُهَا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ فِي التِّلَاوَةِ فَهُوَ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، وَأَمَّا جَمْعُهَا لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَالدَّرْسِ فَهُوَ مِنْ الِاجْتِهَادِ الَّذِي فَعَلَهُ طَوَائِفُ فِي الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَلَمْ يَكُونُوا يَجْمَعُونَ "، وإن كان هذا النص لا يدل دلالة مباشرة على ما نحن بصدده إلا أنه أفادنا أن الصحابة والتابعين لم يكونوا على اهتمام بجمع القراءات خارج الصلاة فضلا عن أن يجمعوها في الصلاة أو أن ينوعوا في تلاواتهم بينها، فكانوا يمشون على وفق اختياراتهم فحسب، أما إن كان الغرض تعريف الناس بهذا العلم فليس محله الصلاة فالإنسان مطالب في صلاته بالخشوع والطمأنينة وهذا منعدم إذا حل الغريب الذي لم يعهده من قبل على مسامعه فينشغل قلبه، والحلقات القرآنية في المساجد كفيلة بإيصال هذا ولم يعرف عن علماء القراءة أنهم عرفوا الناس بالقراءات في الصلاة بل في حلقات الإقراء، والله تعالى أعلم.

ولقد رأيت إقبالا كبيرا من الشباب في الجزائر في هذه الآونة الآخيرة على جمع هذا العلم المبارك بشقيه علم التجويد وجمع القراءات المتواترة، ورأيتهم يدأبون على التنقل في شتى الحلقات القرآنية على اختلاف مشائخها، وقد يسافر أحدهم إلى المدينة المنورة أو سورية، أو مصر فيحصل على إجازة في رواية ما فيرجع إلى بلده مشار البنان مطاع الكلام، إلا أنك تجد الرجل خالي الوفاض من العلوم الضرورية التي تعينه على التمكن في هذا الفن والغوص في خباياه كعلوم العربية بشتى ضروبها، وعلوم القرآن بكل صنوفها، بل تجد أحدهم يتصدى للتدريس وهو لا يفقه تفسير كلمة غريبة في كتاب الله فضلا عن أن يفسر آية بكاملها، ولا يحسن يوجه بين قراءتين مختلفتين في المعنى، قصدت بكلامي هذا أن الراغب في جمع القراءات القرآنية لا يكن همه فحسب الجمع فقط وإنما خدمة كتاب الله العزيز، ولا يتأتى ذلك إلا بدراسة كل ما يتعلق بكتاب الله من علوم تساعد على فهم ما أقفل فهمه، وتفسير ماصعب تفسيره. نسأل الله الكريم بمنه وفضله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وقد فسر علماؤنا الأهلية كابن العربي في أحكام القرآن وابن حجر في الفتح أن يحفظ الإنسان كلام الله ويعلمه ويعمل به، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[16 Jan 2008, 12:54 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد

لقد صرحتم بأنّ قراءة القرءان بالرواية مخالف لما كان عليه سلف الصالح. طيّب. هل يعني أنّ هذا الفعل بدعة؟ إن كان كذلك فهل عندك قول أو فتوى لأحد العلماء المعتبرين يقول ببدعية صلاة التراويح بالروايات؟ وقد سألت شخصياً شيخنا فضيلة الشيخ الدكتور محمد علي فركوس حفظه الله تعالى وغيره عن ذلك فأجاب بالجواز وقد استشرت بعض مشايخي في ذلك فشجّعوني على ذلك خلافاً لأخواني الجزائريين.

أمّا ما أفتى به مشايخ الحجاز في المنع فهو منوط بوجود فتنة وترتّب على ذلك بعض المفاسد. فإذا انتفت الفتنة فيبقى الحكم على إطلاقه. زيادة على ذلك أنّ المسجد الذي قرئ فيه بالروايات معروف لا يقصده عموماً إلاّ طلبة العلم والمهتمين بذلك سواء من قريب أو من بعيد، وفيه مصلحة عظيمة بالنسبة لطلاب العلم وحتّى العوام الذين كانت تظهر البهجة على وجوههم فرحاً بهذه الروايات التي كانت مجهولة لديهم. إذن فالمصلحة عامة بالنسبة لطلاب العلم والعوام من الناس بالإضافة إلى إقرار وزارة الأوقاف الجزائرية لذلك لموافقة لما تسعى إليه في نشر القراءات في هذه السنوات الأخيرة.

أمّا قضية التدبر والعلم بمعاني القراءات وتوجيهها لا يختصّ بالإمامة فقط بل هو عام ومطلوب لكلّ من تصدّر للإقراء وتلقى القراءات عن المشايخ والناس يتفاضلون في ذلك كما يتفاضلون في الضبط والإتقان. وإن كنت يا أخي ممن تتقن الروايات أداءً ودراية وعلما بمعانيها وعللها فإنّي سأستضيفك في رمضان المقبل بحول الله لإمامتنا في صلاة التراويح حتى نستفيد منك الإتقان والمعاني.

والسلام عليكم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير