تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- كان له أسلوبه الخاص في التعامل مع آذان المستمعين، وكان يبدأ القراءة بصوت منخفض، ويستمر كذلك يجرب صوته ويعلو به درجة واحدة ثم درجتين ثم ثلاث درجات على السلم الموسيقي لينزل مرة أخرى إلى درجة القرار. ثم يرتفع ثانية من درجة إلى درجتين ثم إلى ثلاث درجات ومنها إلى الدرجة الرابعة. وينزل مرة أخرى بصوته إلى درجة القرار. وبذلك يتضح للشيخ أمران: نوعية الصوت التي تتغير كل يوم، ونوعية جمهور المستمعين أمامه. وعلى هذا الأساس يضع المقرئ هيكلا أو إطارا لقراءته يتلاءم مع هذين الأمرين. عندئذ يكون قد مر من الزمن عشرون دقيقة تقريبا، يرتفع الصوت مرة أخرى تدريجيا حتى يبلغ درجة الجواب، بادئا بمقام البياتي الذي كان يعتبره أساس كل النغمات، بخلاف الرأي المعروف بأن مقام الراست هو الأساس. وكان الشيخ ينتقل بين المقامات الأصلية والفرعية ببراعة فائقة مع الالتزام بأصول علم القرآءات ومعاني الآيات الكريمة التي يتلوها.

- إن صوته مدرب على القراءة الطويلة وكلما ازدادت ساعات التلاوة ازداد صوته قوة وحلاوة ومقدرة وتمكنا وارتيادا لآفاق المقامات حتى جوابات الجوابات من الديوان الثاني في السلم الموسيقي الحنجري، والتي لم يصل إليها صوت إلا صوته ولا يحكمها أداء على الإطلاق إلا أداؤه. فقد استطاع أن يمزج بين الأحكام والتفسير وعلم القرآءات والموسيقى الصوتية والحنجرية مزيجا ارتجاليا مبدعا خلاقا جعل كل مستمعيه لا يستطيعون الإحاطة بموهبته وإبداعاته.

* محمد عبدالوهاب:

يقول الموسيقار محمد عبدالوهاب: "إن الشيخ مصطفى إسماعيل يفاجئنا دائما بمسارات موسيقية وقفلات غير متوقعة. وهو كبير جدا في موهبته وكبير في إدارة صوته، وله جرأة في الارتجال الموسيقي والصعود بصوته إلى جواب الجواب بشكل لم نعرفه في أي صوت حتى الآن".

* الدكتورة رتيبة الحنفي عميد المعهد العالي للموسيقى:

في ذكرى وفاة عبد الحليم حافظ قرأ الشيخ مصطفى إسماعيل أمام أهل الفن والموسيقى، فقالت له الدكتورة رتيبة الحنفي عميدة المعهد العالي للموسيقى أنذاك: "ما هذا الجمال يا شيخ مصطفى ... والله أنت وحدك معهد كامل للموسيقى".

* عمار الشريعي:

على طريقة "غواص في بحر النغم" يحلل الموسيقار عمار الشريعي ترتيل الشيخ لقوله تعالى: "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر، ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر". ففي إحدى التسجيلات قرأ مصطفى إسماعيل هاتين الآيتين خمس مرات دون أن تتشابه إحداهما مع الأخرى في الطريقة.

يتلو بنفس منظم وإيقاع سليم في تتابع الهمزات. ففتحنا أبواب السماء (سكتة خفيفة)، بما (سكتة خفيفة) ء منهمر .. وكأنه يقرأها عروضيا، وهو مدرك لكل ذلك يتلوه بفن واستمتاع. فحين يذكر فتح أبواب السماء يصعد بألف كلمة (السماء) إلى عنان السماء في فضاء ملكوت الله الواسع ورحابة رحمته الأوسع. وكذلك يصعد بألف كلمة (بماء) تعبيرا عن غزارة الماء واستمراره، ثم التوقف عند (منهمر). وبشأن قفلة الآية الكريمة يذكر عمار الشريعي في تحليله أن شيخنا كان خلاقا في فن القفلة مبدعا، يظل يقرأ حتى يصل للمقام المناسب، ويظل في نفس درجة المقام الموسيقي منذ البداية حتى الختام.

لقد كان الشيخ مصطفى إسماعيل قادرا أيضا على التنقل بين المقامات الموسيقية المختلفة أثناء التلاوة، يقرأ بحس موسيقي عال. ويكمل عمار الشريعي تعليقه على الآيات الكريمة نفسها قائلا: "إنه يمكن ربطها موسيقيا بمقام الصبا، وهو مقام يدل على الحرقة والشجن، مما يناسب سياق الآيات الكريمة التي انتهت بإغراق قوم نوح بالطوفان".

لقد ملأ الشيخ مصطفى إسماعيل رحمه الله الدنيا وشغل الناس بطريقته الجديدة في الأداء التنغيمي، وقدرته على التحليق في آفاق عليا من جمال التعبير الصوتي فتأتي تلاوته في غاية من العذوبة والجمال، والتمكن من تمثيل الآيات بصوته الطيع والتعبير عن المعاني بأداء خارق دون أن تشعر أنه يتكلف ذلك أو يجهد نفسه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير