هو الذي قال عنه الشيخ المرصفي ــ في هداية القارئ ــ: (وأما في حالة إخفائهما الأصلي فلا ينتقلان إلي الخيشوم ولا يستقران في طرف اللسان الذي هو مخرجهما الأصلي بل ينطق بهما قريبين من مخرج الحرف الذي يخفيان عنده)
وإليك ما ذكره الشيخ المرصفي في هذا الباب فقد أفاد وأجاد ــ رحمه الله ــ حيث يقول:
(القول في تثبيت حروف الغنة في مخرجها أو نقلها إلي مخرج غيرها:
سبق أن ذكرنا في آخر مخارج الحروف بعض ما قاله أئمتنا فيما يخرج من الخشيوم. ومما قالوا يخرج من الخيشوم النون والميم الساكنتان حال الإخفاء أو الإدغام بالغنة. وزاد بعضهم علي ذلك النون والميم المشددتين. وقالوا إن مخرج كل من النون والميم في هذه الأحوال يتحول من مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون وبين الشفتين بالنسبة للميم إلي الخيشوم علي الصحيح وخص بعضهم النون المخفاة بالتحول من طرف اللسان إلي الخيشوم دون الميم.
وأما خروج النون من طرف اللسان والميم من بين الشفتين ففي حالة إسكانهما مع الإظهار أو تحريكهما.
هذا مضمون قولهم في هذا المقام في كثير من المراجع التي بيدي.
ونقول: إن الحق الذي يجب أن يُتبع في هذه المسألة ويشهد له النطق الصحيح هو أن مخرج كل من النون والميم المشددتين وكذلك النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في النون وكذلك الميم الساكنة المدغمة في مثلها أو المخفاة لدي الباء سواء كانت أصلية أو مقلوبة من النون الساكنة والتنوين لا يتحول إلي الخيشوم بل يظل ثابتاً في مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون والتنوين وبين الشفتين بالنسبة للميم. ومن قال بخلاف ذلك فقد نازع في شيء محسوس قد حدده النطق.
وأما النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما بالغنة في حروف (ينمو) غير النون كما تقدم فينتقل مخرجهما من طرف اللسان إلي مخرج المدغم فيه نفسه وليس إلي الخيشوم ويؤيد ذلك ماهو مقرر في أن الإدغام في غير المثلين بشرطه يستلزم إبدال المدغم من جنس المدغم فيه وخروج الأول من مخرج الثاني وتصييره حرفاً واحداً مشدداً كما تقدم في تعريف الإدغام.
فإذا أدغمنا النون الساكنة والتنوين في الميم نجد أن مخرجهما قد تحول من طرف اللسان إلي مخرج المدغم فيه وهو الميم وإذا أدغمناهما في الواو والياء نجد أن مخرجهما قد تحول من طرف اللسان أيضاً إلي مخرج المدغم فيه (الواو والياء) وهنا نجد أن النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في الميم والواو كان مخرجهما من الشفتين. وفي حال إدغامهما في الياء كان مخرجهما من وسط اللسان وهذا واضح من النطق بأدني تأمل.
وأما في حالة إخفائهما الأصلي فلا ينتقلان إلي الخيشوم ولا يستقران في طرف اللسان الذي هو مخرجهما الأصلي بل ينطق بهما قريبين من مخرج الحرف الذي يخفيان عنده من غير أن يبدلا من جنسه كما في الإدغام لأن الإبدال حنيئذ يأتي بالتشديد.
والإخفاء لا تشديد معه وهذا هو مقتضي عبارة تعريف الإخفاء السابقة التي تقول الإخفاء هو عبارة عن النطق بحرف ساكن خال من التشديد علي صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول.
والمراد به هنا النون الساكنة والتنوين. فوجود الغنة في الحرف الأول مع النطق به ساكناً غير مشدد بين صفتي الإظهار والإدغام يتطلب نقل النون الساكنة والتنوين من طرف اللسان إلي قرب مخرج الحرف الذي يخفيان عنده كما قدمنا: ويشهد بذلك النطق السليم في أداء الإخفاء علي ما بيناه آنفاً: فمثلاً إذا أخفينا النون الساكنة عند القاف في نحو {يُنقَذُونَ} نجد أنها لم تستقر في طرف اللسان ولم تتحول إلي الخيشوم ولكنها قريبة من مخرج القاف الذي هو من أقصي اللسان. وكذلك إذا أخفيناها عند الشين المعجمة في نحو {مَنْشُوراً} وعند الفاء في نحو {لاَ يَنفَعُ} وجدناها لم تستقر في مخرجها ولم تتحول إلي الخيشوم ولكنها قريبة من مخرج الشين الذي هو من وسط اللسان وقريبة من مخرج الفاء الذي هو من باطن الشفة السلفي. وكذلك إذا أخفيناها عند الصاد في نحو {وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ} أوعند الذال المعجمة في نحو {مِّن ذَكَرٍ} أو عند التاء المثناة فوق نحو {إِن تَتُوبَآ} أو عند الغين المعجمة في نحو {مِّنْ غِلٍّ} في قراءة الإمام أبي جعفر إلي آخر حروف الإخفاء وجدناها غير مستقرة طرف اللسان وغير محولة إلي الخيشوم ولكنها قريبة من
¥