وإنما وصفت لك حروف المعجم بهذه الصفات لتعرف ما يحسن فيه الإدغام وما يجوز فيه، وما لا يحسن فيه ذلك ولا يجوز فيه، وما تبدله استثقالاً كما تدغم، وما تخفيه وهو بزنة المتحرك. ـ ثم ذكر باب الإدغام في الحرفين .. )) ا. هـ 1/ 449
وقوله واضح لا يحتاج إلي بيان بل قال عند فراغه من وصف الحروف ما نصه: وهذه الحروف التي تتمتها اثنين وأربعين جيدها ورديئها أصلها التسعة والعشرون، لا تتبين إلا بالمشافهة، .. )) ا. هـ 1/ 448
ولا أظن أن هناك أوثق من طريقة القراء في التلقي والأداء ولو استثنينا قضية الضاد الظائية فلا خلاف بين القراء في الهمزة أو القاف أو الطاء أو الجيم فالجميع ينطقونها بخلاف ما ذهب إليه أهل الأصوات ولايخفي علي أحد أن هذا العلم منشأه من الغرب، قال د/ عبد الرحمان صالح في مداخلة له في مسألة الطاء: لقد قبلنا –نحن الدكاترة المشتغلين في الأصوات العربية أقوال أنيس ومشايعيه في همس الطاء.
وقبولنا لمثل هذا يعود إلى أمرين:
-إيحاء الكاتبين في الأصوات من خريجي الجامعات الغربية، وتعريفهم الجديد الغريب المختصر للجهر والهمس،))
وقال د/ غانم قدوري في لقاء معه في ملتقي أهل التفسير: المرحلة الثالثة: الدرس الصوتي العربي الحديث
اطلع المتخصصون بالدرس اللغوي العربي على عدد من كتابات المستشرقين في قواعد اللغة العربية، التي ظهرت في مصر في النصف الأول من القرن الميلادي الماضي، منها محاضرات المستشرق الألماني برجستراسر عن (التطور النحوي للغة العربية) التي ألقاها سنة 1929 في الجامعة المصرية، والقسم الأول منها في دراسة أصوات العربية، وكذلك محاضرة المستشرق الألماني أرتور شادِهْ عن (علم الأصوات عند سيبويه وعندنا)، والتي نُشِرَتْ في صحيفة الجامعة المصرية سنة 1931.
وتضمنت هذه المحاضرات عرضاً للفكر الصوتي الحديث، ورصداً لعدد من المشكلات الصوتية التي يثيرها هذا الفكر، ولم ينعكس ذلك على دراسة علم التجويد، فظلت تعرض مسائله وقضاياه بالطريقة الموروثة ذاتها في الرسائل التي أُلفت فيه في هذه الحقبة.
وكانت الخطوة الثانية التي أسست للدرس الصوتي العربي الحديث قد تمت على يد عدد من الباحثين الذين درسوا هذا العلم في الجامعات الغربية، وكان في مقدمتهم الدكتور إبراهيم أنيس الذي أصدر كتابه (الأصوات اللغوية) سنة 1947، والدكتور تمام حسان الذي أصدر كتابه (مناهج البحث في اللغة) سنة 1955، والدكتور محمود السعران الذي أصدر كتابه (علم اللغة: مقدمة للقارئ العربي) سنة 1962. وفي أثناء ذلك تمت ترجمة كتاب (اللغة) للغوي الفرنسي فندريس سنة 1950.
ثم تتابعت المؤلفات في علم الأصوات على يد الجيل الثاني من علماء اللغة المحدثين في مصر، مثل الدكتور عبد الرحمن أيوب والدكتور كمال محمد بشر، والدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور عبد الصبور شاهين، ثم ظهرت مؤلفات أُخرى في مصر وغيرها من بلدان العالم العربي، في قائمة طويلة لا يتسع المقام لذكرها)) ا. هـ
ثم أضفوا علي هذا العلم الصبغة العربية ولعلها تلقي قبولا وقام د/ عبد الصبور شاهين وغيره من ترجمة بعض كتب المستشرقين، ولكي يثبتوا نظريتهم في إثبات تغير بعض الأحرف فمنهم من ذهب إلي الطعن في تسلسل أسانيد القراء وذكر أن هناك حلقة مفرغة في أسانيد القراء وهو ما قاله د/ محمد حسن جبل في محاضرة له في كلية القرآن الكريم. وهذا أيضا يتضح من قرأ له كتاب (تحقيقات في التلقي والأداء) واستشهد فيه بكلام ابن مجاهد وردَّ مطلق التلقي وله كلام طويل في المسألة.
أقول: وهذا طعن صريح في تواتر القرآن ويفتح باب شر للطاعنين في القرآن، ولو فرضنا ضعف التلقي في الأداء عند البعض فلا يدل ذلك علي الضعف عند جميع القراء، وإذا كنا نتعارك هل توجد فرجة بقدر الورقة أم لا .. فهل نأتي لهذه الحروف ونغيرها، بل من المفترض أن نطعن في فهمنا نحن لا في تلقي القرآن.
قال ا. د/عبد الصبور شاهين في كتابه ـ علم الأصوات ـ:" ... فإن صوتي الطاء والقاف يكونان قد تعرضا للهمس خلال القرون وصارا ينطقان بوصفهما الجديد مهموسين،عند قراء القرآن وهم المقياس المثالي لسلامة النطق الحرفي للفصحي "ا. هـ صـ112
إذا كان الأمر كذلك فلم العدول عن طريق القراء؟؟ ثم هل هذه الأوصاف هي التي تضبط الصوت دون السماع؟؟
¥