إلا أن ما وصل إلينا من ذلك إنما هو بعض الإشارات لكنها وافية بالمراد بوجه عام، لأنها تدخل ضمن الموقف العام الذي اتخذه أكابر العلماء من هذه القضية منذ المائة العاشرة ـ فيما عدا ابن القاضي بفاس ـ.
أما إحدى هذه الإشارات فنجدها في الأرجوزة التالية للشيخ محمد الولاتي من علماء شيقيط في قوله:
وأحمد اللمطي حين نظرا
في الهاء عندهم سوى التصميم حفاظ أهل الغرب قال: لم أرى
كذاك رخوهم لحرف الجيم ().
وأما الإشارة الثانية فهي من آخر ما كتب في وقتنا، وهي لمؤلف كتاب "المحجة في تجويد القرءان" قال بعد أن قرر أحكام الهمزة وأحوالها وبين أن همزة بين بين تسهل بين الهمزة وجنس حركتها (كذا):
"يجوز إشراب الهمزة المسهلة بين بين صوت الهاء قليلا، ولا سيما المفتوحة، وبه قرأنا على شيخنا عن أشياخه () رحمهم الله ثم قال:
"وإبدالها هاء خالصة ليس براوية، وأراه لحنا" ().
-5موقف أهل الصحراء المغربية وعلماء شيقيط:
ولعل أكثر المواقف صرامة في رفض إبدال همزة التسهيل هاء هي مواقف أهل الصحراء المغربية وما وراءها، ويترجم عن هذه المواقف عدد كبير من الآثار التي وقفت على بعضها أو على الإشارة إليها من آثار قراء الصحراء وعلمائهم.
ومن أبرز من تصدى لهذا المذهب من علماء هذه الجهات الشيخ محمد المختار بن محمد بن يحيى الولاتي، فألف في ذلك نظما ونثرا، وهو من علماء شنقيط توفي سنة 1352هـ.
فأما نثرا فقد ألف في ذلك كتابه الذي سماه "درة الغائص، في الرد على أهل الهاء الخالص" () وأما نظما فقد نظم فيه أرجوزة لعلها تضمنت أهم ما أدار عليه بحثه في كتابه النثري، ونظرا لأهميتها باعتبارها من ثمرات التمسك بالأصول والقواعد المنهجية التي أرسى عمداء المدرسة المغربية أركانها، كما أنها تمثل واجهة من واجهات هذه المعركة الأدائية في هذه الجهاب من البلاد المغربية، وحفاظا عليها وتعريفا بها نوردها بنصها وهي في 37 بيتا حسب النص الذي وصل إلي مصورا عن أصل أمدني بها بعض الأساتذة الباحثين شكر الله له (). وهذا نصها:
أرجوزة محمد المختار الولاتي في تسهيل الهمز
الحمد لله الذي لي علما
وصلواته على من أيدا
وأله وصحبه إذ سطروه
وحرروه ورووه بالسند
وشرطوا فيه التواتر إلى
وبعد لما عمت البلايا
أردت نصحهم بما في علمي
تسهيلك الهمزة بين بين أن
من جنس شكلها متى تضم
وإن تكن مكسورة فمزجها
وإن تكن مفتوحة فقد عرف علم كتابه الذي قد أحكما
بساطع النور فجاء مرشدا
ورتلوه غاية ونشروه
وجعلوه فيه شرطا يعتمد
طبقة سفلى كما قد نقلا
بالهاء خالصا على "الزوايا" ()
خوف حديث وارد في الكتم
تمزجها مزجا بحرف قد سكن
فمزجها بالواو قد يؤم
بالياء جنسها، وذاك نهجها
لها امتزاج واضح مع الألف
في كلها صويت هاء نزعا
وقيل مع كل صويت الهاء
للشامي مع نجل حدادة الأبر
فبان أن من يقول العمل
ليس له في ذي الثلاث من سند
ومن يقل رويته فليات لي
أين رواه، وإلى من استند وقيل في المفتوح قط وقعا
ثلاثة في طرق القراء
والحافظ الداني أبي عمرو الأغر
بالهاء خالصا لمن يسهل
فصار محدثا لقول انفرد
بالغزو في المطولات الأول
فيه، وهل قال به من يعتمد؟؟؟
أول من قال به أكاز ()
لأنه خالف خط المصحف
فقد حكى ابن الجزري في نشره () وقوله ليس له اعتزاز
والنحو، والسند فيه منتف
ألف طريق قد خلت من ذكره
وصوتها لا الهاء كل ذكره
وأذن التصغير () بالتقليل
إذ هو خالصا به لم يقل
كالمهدوي والداني والخراز
كذا ابن شنبوذ ونجل غلبون
والمالقي () والشاطبي والحصري
والغير من أئمة القراء
وأحمد اللمطي حين نظرا
في الهاء عندهم سوى التصميم
واغتر من للهاء جهلا مالا
واختلفوا في النطق بالتسهيل
من بعد نثره الذي فيه أبي
أن مضافا في النظام حذفا وكلهم ذكره مصغره ()
فضل أهل الهاء عن دليل
شيخ من أشياخ الأداء الأول
والشيخ مكي ونجل غازي
وفارس بن أحمد المقربون
وابن شريح والسخاوي الأشهر
لم يرو منهم واحد بالهاء
حفاظ أهل الغرب قال لم أرى
كذلك رخوهم لحرف الجيم
بنظم نجل القاضي حيث قالا:
فقيل بالهاء بلا تفصيل
عن ذكر هاء مطلقا فوجبا
وهو "صويت الها" لما قد عرفا
"وما يلي المضاف يأتي خلفا
وذا الذي أفادني الشيخ الأبر عنه في الإعراب إذا ما حذفا" ()
شيخ الأداء الأحمدي () المعتبر
¥