تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإسلامية حتى إذا جاء العصر الحديث وصارت الغلبة في البلاد العربية والإسلامية للكفار من أهل الاستخراب والاستشراق من ملل الكفر المختلفة، وهو ملة واحدة في الحرب على الإسلام والمسلمين، ظهر من يدعي وضع علم جديد هو علم الأصوات.

ولعلكم تلحظون إصرارهم على كلمة (علم) ويقصدون بذلك أنه علم تجريبي من نتائج المعامل مثل سائر العلوم التجريبية، في إشارة واضحة إلى أن ما عند المسلمين من ذلك مجرد ظنون وتخمينات وأوهام لا تخضع للمعايير العلمية، وهم لا يؤمنون إلا بالتجرب و والمعمل البشري، وكل ما عدا ذلك من الخرافات (الميتافيزيقية) أي ما وراء الطبيعة، وهذا عندهم من الضلال المبين، وما أصروا على تسمية ما زعموا أنهم وضعوه بعلم الأصوات إلا من باب الطعن على قراء القرآن وعلماء العربية الأثبات في كل القرون والأعصار والأمصار.

وقد كان بعد ذلك ما كان من تلقف جماعة من بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتا لهذه الدعاوى حين تتلمذوا على هؤلاء الكفرة من يهود ونصارى ومن لا دين لهم من المستشرقين الذين حضروا إلى بلادنا أو بعث إليهم أبناء الإسلام والعربية، لا لتعليمهم العلوم التجريبية من الطب والتقنية الحديثة والصناعات المفيدة التي يتساوى فيها البشر، بل لتعليمهم العلوم الإنسانية التي تقوم على الأخلاق والدين،ولكل وجهة فيها هو موليها. وقد عادوا إلينا فخورين بما اكتشفوه من كنوز لغوية جدية في ظنهم لا عهد للعرب والمسلمين بها فيخيالهم ويجب أن تحل محل علم التجويد والعربية عندنا في وهمهم.

وحسبك دليلا على ذلك أنك ذكرت -صادقا مصدقا -أن أول من ألف في علم الأصوات في العربية بالعربية هو إبراهيم أنيس الذي لا يؤمن بالإعراب في العربية ويراه مجرد بدعة تواضع عليها بعض علماء العربية في القرون المتأخرة ثم فرضوها على الفصحاء! ولا يؤمن-كشيخه د. طه حسين- بالقراءات القرآنية ويرى أن لكل أحد أن يقرأ القرآن بما شاء كيف شاء، ولهما تلاميذ وأتباع إلى اليوم تقيلوهما وهذا شائع عنهم منتشر في كتبهم، ولا يخفى عليكم. مع أن أكثرهم لا يعرفون ما التجويد؛ إذ لم يدرسوه ولم يطلعوا على كتبه بله تلقيه ممن يعانيه من أهل القرآن ومعانيه. ومع ذلك فقد أقبلوا بغير قليل من التفاخر والتعالي والدعاوى العريضة وهم شديدو الاعتزاز بشيوخهم من الغرب كثيرو الرزاية على أسلافهم من قدامى العرب سواء أكانوا من القراء أم من علماء العربية، المهم عندهم أنهم قدامى يجب تركهم.

وقد درستُ علم الأصوات الحديث عند بعض هؤلاء التلاميذ الأوفياء لشيوخهم الأدعياء، فلم أجد عندهم من جديد مفيد أو قديم سليم، فكل ما هنالك مصطلحات جديدة بعضها معربة وأكثرها مترجمة ترجمة من لا يحسن العربية إحسانه الأعجمية،ثم نظريات طويلة الذيل قليلة النيل، ثم آراء وأقوال قيلت في لغات أخرى ممن جهل الفصحى، في جملة دعاوى سفسطائية لا صلة لها بالواقع مع الجهل بالقرآن، فقلما تجد مدرسا لعلم الأصوات الحديثة في الجامعات الإسلامية والعربية-بله غيرها- يحسن قراءة الفاتحة بما يغني عن إعادة صلاة من صلى خلفه.

أما علم التجويد فلا ف في أنه من العلوم الإسلامية العربية العريقة عراقة العربية أصيلة أصالة الكتاب الكريم.

لأنه به الإله أنرلا * وهكذا منه إلينا وصلا

ونحن جميعا نؤمن إيمانا لا يتطرق إليه الشك أن النبي-عليه الصلاة والسلام -تلقى القرآن من لدن حكيم حميد وتلقى منه أصحابه-رضوان الله عليهم- وهكذا إلى اليوم، دون أي إخلال بشيء من لفظه، فقراء القرآن هم الذين حفظ الله بهم كتابه الكريم وذكره العظيم، فلا ناقص عندهم ليكمل ولا خلل ليصلح ولا ناقص ليتم بعد مرور أكثر من أربعة عشر قرنا على نزوله، فعلم الأصوات لأهل القرآن علم يضر والجهل به ينفع؛ لأن كثرة المصطلحات وتداخلها في أي علم مما يؤدي إلى الخلط والاضطراب، فما عندنا في علم التجويد يكفي لحفظ هذا الكتاب وأدائه كما أنزل،إلى يوم القيامة وما بعد يوم القيامة كذلك، إن شاء الله عز وجل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير