تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ينظر بعض النحويين إلى الشائع من اللغات، ويغفل عن غيره، كقراءة ابن عامر (يدعون ربهم بالغدوة) (). جاء في الكتاب: في (غدوة) لغتان، اللغة الأولى استعمالها معرفة، علم جنس، فلا تدخل عليها أل، واللغة الثانية: استعمالها نكرة، فيجوز تعريفه (). إلا أن أبا عبيدة لحن ابن عامر، وقال إنما قرأ تلك القراءة اتباعاً لخط المصحف، وليس في إثبات الواو في الكتاب دليل على القراءة بها، لأنهم كتبوا الصلاة والزكوة بالواو (الصلوة) (الزكوة) ()

غدوة في اللهجة اليمنية تعني غدا، ولعلكم تعلمون أنها كذلك في المغرب العربي بدوله الخمس، و (الأمازيغ: البربر: القبائل) أصولهم يمنية. ولو صح سند ابن عامر إلى رسول الله، فلا يدل سوى على الإقرار النبوي، لا أن جبريل أقرأه بجميع الوجوه.

ومعروف أن العرب في الجاهلية كانوا يعتمدون الإملاء السرياني، وأن الخط العربي أصلا تطور عن الخط النبطي، فيعضد هذا كلام أبي عبيدة. والسريان اليعاقبة الغربيون يفخمون الألف ويميلونها للواوحتى اليوم، وقد أخذوا هذا من اليمن وقد أشار إلى ذلك ابن جني (سر صناعة الإعراب 2/ 581) ومن بقايا السريانية اللهجة البحرينية - وقد كانت البحرين مستعمرة آرامية - ففيها (بوب - دور - نور) بدل (باب - دار - نار).

ثم ظهر في زماننا علم يسمي علم الأصوات، وقد قاموا بتخطئة القراء في بعض الأحرف مثل: الهمزة الضاد والقاف والطاء والجيم،، كما جعل بعضهم مخرج الخاء والغين من أقصي اللسان مع مخرج القاف مستدلين بقول ابن سينا في ذلك. ثم الاعتراض علي بعض الصفات.

أئذا وجدنا مخارج تلك الأصوات عند القراء مختلفة عن وصف سيبويه رواية عن مؤسس علم الأصوات الخليل، فكيف لا نقول خطأ؟ على أن هذا منهج معياري، وكان ينبغي أن يكون وصفيا

وبخصوص الأصوات التي ذكرتموها، بترتيبكم

الهمزة:

أحيلكم على كتاب د. رمضان عبدالتواب (مشكلة الهمزة) وهو على الشبكة. وليس من العلم أن نختصر كتابا في أسطر.

القاف:

هو صوت مجهور قطعا، وقل فيه ما قلت في الطاء قبله. وما زلنا نحن في اليمن ننطقه كما وصفه سيبويه، وهو نفس نطق (الجيم السامية: القاف البدوية) إلا أنه أخف قليلا.

الطاء:

هو صوت مجهور قطعا. إلا أن تأثر اللغويين العراقيين – ومنهم د. غانم - بنظرائهم المصرييين جعلهم يظنونه مهموسا؛ لأنه ينطق في اللهجة المصرية – التي غزت العالم الإسلامي من خلال الدراما – مهموسا، فهو تاء مفخمة، والصواب أنه دال مفخمة – كما وصفها سيبويه - وكما ننطقها نحن في اليمن. وإن كانت اللهجة الصنعانية تبالغ في جهره حتى يقترب من الضاد المصرية، ولا أقول العربية.

الضاد:

من الشائع أن العربية تفردت به، وهذا غير صحيح

فهو موجود في الأوجاريتية، وفي اليمنية القديمة (السبئية: الحميرية) وهما قبل العربية بقرون، فلئن وجد في العربية، فقد أخذته منهما ولم تعطه لهما.

ولذلك فمن الطبيعي أن نطق الضاد خطأ في مصروالسودان والشام - بدوله الأربع - (دال مفخمة) وفي العراق واليمن والخليج (ذال مفخمة: ظاء) وفي المغرب - بدوله الخمس (ذال محضة)

وهكذا فإن صوت الضاد السامية العربية ما زال مجهولا، وكل ما يزعم أنه اكتشاف فإنما هو غلبة ظن، لا يقين.

وإذا أخذنا وصف سيبويه، فإن أقرب نطق له هو نطق لهجة محافظة (أبين) اليمنية، وهو صوت مائل قريب من اللام، فهناك يقال: قلب – بتفخيم اللام – بدل (قضب) ;. ويدل على ذلك الشاهد النحوي المعروف:

مال إلى أرطاة حقف فالطجع. أي اضطجع.

ويذكرونه عند وصف (التضجع) من لغات العرب القبيحة: كالفحفحة – العنعنة – التلتلة – العجعجة ..

الجيم:

أكثر القراء اليوم ينطقونه معطشا مخرجه الغار (كجيم صعيد مصر)

في حين أنه من المقرر في علم اللغات السامية أن صوت الجيم العربية – كما كان ينطقها العرب في الجاهلية، وكما وصفه سيبويه، وكما أثبت البحث السامي - صوت لهوي قريب من القاف، وهو أشبه ما يكون بالجيم القاهرية، أو القاف البدوية. وإن شئنا الدقة، فهي الجيم السامية الإبية، جيم محافظ (إب) اليمنية، الموصوفة في قوله تعالى وفاكة وأبا.

وأنا شخصيا أعتقد أن الاستدلال بكلام أهل الأصوات مثل الاستدلال بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ما دام لا يخالف أصلا.

ما كان لكم أن تقولوا مثل هذا القول؛ فإن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير