(5) أود أن أبين للإخوة المهتمين بهذا الموضوع والمتابعين لما أكتب أن قناعتي بفائدة علم الأصوات اللغوية لدارس التجويد ومتعلم القراءة تتعزز يوماً بعد يوم، فكلما تعمق الدارس في دراسة التراث الصوتي العربي، وأتقن القراءة وحصل الرواية، وكلما أبحر في ميدان علم الأصوات اللغوية اكتشف حقائق جديدة، وتأكد لديه أيضاً أن علماء التجويد المتقدمين قد سبقوا إلى تأصيل كثير من قواعد هذا العلم من خلال ملاحظتهم الذاتية، وأن ما جاء به علم الأصوات لا يلغي ما أنجزوه بل يعززه ويوضحه ويُقَوِّمُ جوانب القصور فيه، وييسر تعلم القراءة وإتقان تجويدها. وآمل أن أتمكن من مراجعة ما كتبت بالاعتماد على أجهزة مختبر الصوت، فإن لم أتمكن فإن ذلك لا يزعزع قناعتي بما كتبتُ، وآمل أن يواصل المسيرة ويكمل الشوط الباحثون الشباب الذين استكملوا مستلزمات البحث في هذا المجال من إتقان القراءة، والإلمام بعلم الأصوات، والقدرة على استخدام أجهزة مختبر الصوت، وحسبي أني حاولت بما أتيح لي من وسائل، فحققت عددا من كتب علم التجويد، وكتبت مجموعة أبحاث في علم التجويد، في إطار منهج يحرص على الإفادة من حقائق علم الأصوات، وختمت مسيرتي العلمية بالتأليف في اتجاهين: الأول يتمثل بإعادة كتابة علم الأصوات العربي من خلال الإفادة مما أنجزه علماء التجويد، والثاني إعادة كتابة علم التجويد من خلال الإفادة مما كتبه علماء الأصوات، والمحصلة النهائية المرجوة إزالة الفجوة بين العلمين، وهي ليست كبيرة، ومحو الجفوة بين الفريقين، والله أعلم، وهو يهدي إلى سواء السبيل.
15/ 12/1431هـ = 21/ 11/2010م
بارك الله فيك -شيخنا المفضال - على هذه المشاركة الطويلة المفيدة، جزاك الله عليها خير الجزاء. وبارك الله في وقتك وعلمك وجهدك. ولعلك تسمح لنا ببعض النظرات في مواضع قليلة منها وإلا فهي كلها تحتاج في نظري إلى تعليق مناسب:
1 - ما الأسس العلمية التي ترون أن المشاركين في هذا التحاور يمكن أن يتفقوا عليها ليحتكموا إليها؟
2 - لعل هذا من نقل العبد الضعيف وليس من نقل شيخه عبد الحكيم -بارك الله فيه ونفع به - وليس هذا مهما ولكن المهم أني أرجو أن أكون ممن اطلع على جل -ولا أقول كل - ما كتب في علم الأصوات الحديث، ومن ذلك بعض المراجع التي أشرتم إليها، وقد درست علم الأصوات مقررا دراسيا في أكثر من جامعة لأكثر من مرة في أكثر من بلد، فصحبته ما يقرب من عشرين عاما في علاقة لم تكن ودية دائما، فلم أرجع من ذلك بشيء يذكر، وكما ازددتم أنتم وغيركم يقينا بفائدة هذا العلم الحديث ازددت أنا يقينا بعدم جدواه بل بكثرة أضراره على الباحثين في علوم القرآن والعربية، أما على العامة ومن إليهم من أمثالي فأراه أشد ضررا؛ فلست من المتشككين في جدواه بل من المتيقنين في عدم عدواه بل بضرره الكبير؛ لأن كل ما في هذا العلم الحديث من صواب فهو عند السلف القدماء بأوضح عبارة وأنصع بيان مع التواضع والبركة والخير، وما لا فلا. والحديث في هذا يطول، ومن أراد التأكد أو المزيد أو هما معا فعليه بالمصادر والمراجع القديم منها والحديث، وأذكر منها على سبيل المثال:
*أثر القراءات في الأصوات والنحو، لعبد الصبور شاهين.
*المنهج الصوتي للبنية العربية، لعبد الصبور شاهين، أيضا.
*دراسة الصوت اللغوي، لأحمد مختار عمر.
*التفكير الصوتي عند العرب، لهنري فليش، ترجمة عبد الصبور شاهين.
*أصالة علم الأصوات عند الخليل من خلال مقدمة كتاب العين، لأحمد قدوري.
*الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني، لحسام سعيد النعيمي.
*الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، لغانم قدوري الحمد. والمدخل إلى علم أصوات العربية، له أيضا.
*الجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات، لعبد البديع النيرباني.
وفي بعض هذه الكتب كلام طويل الذيل قليل النيل عن الجانب النظري لعلم الأصوات، ولكن عند التطبيق أسمع جعجعة ولا ترى طحنا، كما يكثر في بعضها بعض الغمز والهمز والطعن في جهود السلف، وتلك شنشنة أعرفها من أخزم.
والمراجع القديمة في التراث أكثر وأشهر من أن أمثل لها.
ولعل العيب فيّ. والله أعلم.
¥