وأمّا الضاد فموقفي واضح وليس على أساس ما يقوله علماء الأصوات أبداً بل على ضوء ما سطّره أئمّة أهل الأداء المتقدّمين. فهو خلاف يدون بين لأهل الأداء لوحدهم، وليس لعلماء الأصوات دخل في المسألة في نظري.
وقد وضّحت لكم أنّ ما يقوله علماء الأصوات لا ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار إذا كان له أثر في تغيير أداء حرف أو هيئة أدائيّة، وهذا حدّ متين يجعلنا لا نخشى من الأداء الثابت بالرواية من التغيير، فليس ولن يكون لعلم الأصوات سلطان من الناحية التطبيقية الأدائيّة أبداً. لأنّ هذا العلم مصدره الأداء ونصوص المتقدّمين من أهل الأداء، وهذان المصدران كفيلان بحفظ الأداء من التغيير في وقتنا الحالي كما كان بالأمس، ولن نستبدل علماً اعتنى بحفظ القرءان منذ قرون بعلم مستحدث يختلف تماماً عن علم التجويد من حيث المصدر والهدف.
أمّا من الناحية النظرية فالاجتهاد مفتوج كما كان في الماضي وسيكون في الحاضر والمستقبل. فالضاد وُصفت بأنّها متفشّية باجتهاد وهو غير صحيح بالنسبة لمذهب الجمهور، والذين اختلفوا في ذلك ينطقونها بنفس الهيئة والكيفيّة وهذا هو المهم. وليس هناك ما يمنعني أن آخذ بأقوال بعض علماء الأصوات لتوضيح بعض الظواهر الصوتية إن كان فيها زيادة توضيح في غير ما يمسّ الأداء.
أمّا مسألة الغين والخاء. أخي الحبيب لا تفهمني غلط. وأريد بالمناسبة سؤال أخواني المشايخ لا سيما المعترضين عليّ. فأقول لهم: لو ثبت بالأجهزة وبطريقة مرئيّة ملموسة مثلاً أنّ الخاء والغين يخرجان من مخرج مغاير لما عليه علماء التجويد. ما المانع من تبنّي هذا القول فيما لا يؤثّر على أداء الحرفين في النطق والسمع؟ وهذا المثال يوافق تماماً أنكار أحد كبار علماء الأمّة أنّ الأرض مكوّرة ثمّ رجع عن قوله لثبوت ذلك بالأجهزة المرئية.
بالإضافة إلى ذلك ينبغي عدم استبدال عبارات علماء التجويد بعبارات علماء الأصوات فيما لا فائدة فيه فاصطلاح "حروف الرخاوة" يغنيني عن استعمال اصطلاح "حروف لاحتكاكية" لأنّ هذا الصطلاح له مدلوله ومقتضاه الخاص عند علماء الأصوات تفريقاً بين الأجناس عندهم، ولكن بالنسبة لنا فلن يأتي هذا اصطلاح بقيمة إضافيّة علميّة.
أخي الحبيب:
- إنّ المسائل التي نختلف فيها و علماء الأصوات في جهة الأداء محصورة ومعروفة، ونحن نتفق فيها جميعاً ولله الحمد إلاّ في مسألة الضاد التي الخلاف فيها دائرٌ بيننا.
- ليس لعلماء الأصوات سلطان على علماء التجويد في الأداء المنقول لاختلاف المصادر والأهداف.
- عدم استعمال مصطلحات علماء الأصوات إلاّ إذا اقتضت الحاجّة لذلك.
- الاستفادة من علم الأصوات في تفسير بعض الظواهر الصوتية.
وأخيراً أقول للمشايخ المعترضين.
الذي حملني أن أتكلّم عن نفسي أي العبد الضعيف ليس من باب الافتخار والإعجاب بالنفس حاش لله ومعاذا الله. وإنّما المراد من ذلك أنّ تجربتي في الميدان تجعلني متأهّلاً أن آخذ من علم الأصوات ما أراه مفيداً.
وأستسمح مشايخنا الكرام إن كان في كلامي ما يُحرج.
والحمد لله ربّ العالمين.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[29 Nov 2010, 04:22 م]ـ
شيخيّ الفاضلين وأستاذيّ الكريمين وأخوي العزيزين عبد الحكيم عبد الرازق ومحمد الحسن بوصو، بارك الله فيكما وجزاكما عن العلم وطلبته وعن الحق والحقيقة وسلف هذه الأمة الصالح من القراء وعلماء التجويد والعربية خير الجزاء.
وأشكر لكما جهدكما في هذا التحاور العلمي الذي كفيتماني فيه كثيرا من الكلام والشرح والبيان.
لا أدري إن كان في كلامي السابق من الشدة والغلظة والتجاوز ما يمنع حتى رد السلام الموجه إلى الشخص تعيينا؟ وهل كانت أسئلتي بعيدة عن الموضوع؛فلا تستحق أن يلتفت إليها فضلا عن الرد عليها؟ هل خرجت عن أخلاق أهل العلم وطلبته وآداب التحاور الواجب التزامها من الصغار أمثالي مع مشايخنا الكبار؟
إن كان شيء من ذلك قد حدث فإني تائب منه إلى ربي ومستغفر ومعتذر مرة أخرى.
وإلا فقد حدث أخيرا ما كنت أخشاه من ضيق الصدر وعدم احتمال المخالف وإخراج التحاور العلمي الهادئ إلى ما لا صلة له به من كلام بعيد عنه وفهم أبعد وغضب من كنت أسعى جاهدا إلى عدم إغضابه، وكان أمر الله قدرا مقدورا.
الآن عدت إلى مقاعد جمهور المتابعين لما تكتبون، المستمتعين المستفيدين.
¥