وفي رأيي فإن علم التجويد انبثق عن علم الأصوات - وإن كانوا لم يسموه - حتى لا يزعل د. سليمان خاطر
إلا أن علم التجويد انفصل، فأصبح علما مستقلا منذ القرن الخامس على يد مكي والداني رحمهما الله
ثم استقر وترسخ بعدها بقرون على يدي ابن الجزري رح1، وقد أشار الشيخ عمار إلى شيء من ذلك
ولما بدأ التأليف في علم الأصوات - على يد إبراهيم أنيس وكمال بشر - كان لا بد من الحديث عن جهود علماء التجويد
الذين هم تلاميذ الجيل الأول من اللغويين، وبرزت أهميتهم في أنهم وضعوا مصنفات خاصة مستقلة -
تأمل مثلا قول إبراهيم أنيس مثلا - نقلا عن ابن الجزري في التمهيد "إن المصريين - وبعض أهل المغرب
- ينطقون - بالضاد المعجمة - طاءً مهملة" (الأصوات اللغوية: 51 الهامش)
والباء هنا بدلية؛ ومعنى هذا أن ابن الجزري يخطّئ هذا النطق، الذي هو تماما نطق إخواننا المصريين لها.
ومثل هذا التصنيف المستقل هو ما لم يفعله الخليل وسيبويه وابن جني؛ فالعلوم اللغوية كانت - وما زالت متداخلة -
ونقرأ اليوم عن علم الصرف الصوتي
أما عند مكي ومن بعده، فظهر علم التجويد كأنه علم مستقل، وإلا فهو امتداد لعلم الأصوات، وتطور عنه
على أن لي تعريفا ألقيته على مسامع طلابي في الجامعة ووزارة الإعلام - من صحفيين ومذيعين -
كما ضمنته كتابي (لغة الإعلام) _تحت الطبع) وهو أن
"المتكلم الجيد - سواء كان مذيعا، أوقارئا، أو منشدا، أو حتى مغنيا - هو الذي إذا استمعت إليه، لم تعرف جنسيته"
فإذا عرفت جنسيته، فسبب ذلك أن طريقة نطق بني قومه هو الذي دلك عليه، وهذا قصور وعجز وضعف
وأبرز جانب في هذا التعريف - بطبيعة الحال - هو الصوت
فإذا وقع المتكلم في خطأ صوتي، فإنه يدرك بسهولة، بعكس ما لوكان خطأ نحويا أو دلاليا
فنحن نرضى من المذيعين والقراء بالحاصل - ولايكلف الله نفسا إلى وسعها -
أما ادعاء فلان أوفلان أن مخارج أصوات القراء مسندة إلى رسول اللهصل1 كألفاظ القراءات فهذا ما لا نقبله،
ولا يؤيده الواقع اللغوي التاريخي، ولا حتى الواقع المعاصر.
ولو شئنا أن نشق على المتكلمين لألزمناهم ليس فقط مخرج الصوت، بل ما هو أدق منه وأشق وأدق وأثقل وأصعب وأعسر
وهو ما يصطلح عليه الأصواتيون بـ (النبر: stress، والتنغيم: intonation)
ولكن (((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)))
والحمدلله
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[01 Dec 2010, 08:30 م]ـ
أخي الأستاذ الكريم أبا هشام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكَ الله خيرا على مشاركاتك النافعة، وبارك الله فيك، وفي علمك.
أخاف أنْ يَتَشَتَّتَ الحوارُ ويطول في الحديث عن بعض المسائل الفرعية ... أو مناقشة ما لم يَحِنْ وقته، ونحن نناقش الآن مسألتين عَرَّجَ عليهما الإخوة الْمُعْتَرِضون، فأرجو أنْ تكرمنا برأيك في هاتين المسألتين:
1 - ما فائدة علم الأصوات؟ وماذا يمكن أَنْ يُقَدِّمَ لِمُعَلِّمِي وَمُتَعَلِّمِي تلاوة القرآن الكريم؟
2 - دعوى تخطئة القُرَّاء.
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[01 Dec 2010, 11:11 م]ـ
فهل يصح أن يقال: إن المشتغلين بعلم الأصوات خَطَّؤُوا سيبويه، ومن تابعه من علماء العربية والتجويد، الجواب: اللهم لا. ثم هل يصح أن يقال: إنهم خَطَّؤُوا القراء، الجواب: لا أيضاً.
فالجميع يسمع تلاوة القراء أهل الرواية والأداء ينطقون الطاء، ويتخذها مقياساً لأصوات العربية الفصحى، ..... وأن يكفوا عن ترديد تهمة تخطئة المشتغلين بالأصوات للقراء
سيدي الفاضل لقد كنتم تقولون في السابق بأن الخلاف لفظي والمسألة مجرد خلاف في وصف حرف دون المساس بأصل الحرف.
إذا كان هذا رأيكم قديما .. فانظر لقولكم:
فأهل الأصوات لا ينكرون نطق القراء لصوت الطاء، ولا يَدْعُون إلى تغييره، وإنما ناقشوا قضية أثارها وصف لسيبويه لهذا الصوت
فهل هذا الكلام صحيح؟؟
وقلتم أيضا:
¥