يتكون منظار الحنجرة الحديث من أنبوب مرن مصنوع من مادة ناقلة للأشعة الصوتية، ينتهي أحد طرفيه بعدسة شيئية تكون متصلة في الغالب بآلة تصوير، يتم إدخال الطرف الذي ينتهي بالعدسة الشيئية عبر إحدى فتحتي الأنف إلى التجويف الأنفي حتى تشرف على الحنجرة من خلف اللهاة ... ومن ميزات منظار الحنجرة أنه بإمكان الشخص الذي تقام عليه التجربة التحدث بصورة طبيعية، إلى درجة كبيرة أثناء التجربة.
الحنجرة والحلق من أعضاء الجهاز الصوتي التي لا يمكن مشاهدتهما بالعين المجردة أثناء الكلام، لذلك فإن منظار الحنجرة مفيد في تحديد الأعضاء التي تدخل في نطق الأصوات التي مخارجها من الحلق أو الحنجرة، وهذا يفيد في دراسة مخارج أصوات كالعين والحاء والهمزة والهاء في اللغة العربية، والتي لا تزال مخارجها وكيفية نطقها غير معروفة بشكل دقيق، وهذه صورة لأحد أنواع منظار الحنجرة:
http://tafsir.net/mlffat/files/411.jpg (http://tafsir.net/mlffat/index.php?action=viewfile&id=411)
(2) راسم الذبذبات Oscilloscope
يقوم راسم الذبذبات بتحويل الطاقة الصوتية إلى طاقة كهربائية، تعرض مع عامل الزمن على شاشة عرض صغيرة، حيث تظهر التغييرات في شدة الصوت، ويمكن تحديد زمن الذبذبة، وما إذا كان الصوت مجهوراً أم مهموساً، ومعرفة التردد الأساس للوترين الصوتيين، وهذه صورته:
http://tafsir.net/mlffat/files/413.jpg (http://tafsir.net/mlffat/index.php?action=viewfile&id=413)
(3) المطياف أو راسم الأطياف Spectrograph
يقدم المطياف ثلاثة أبعاد للموجة الصوتية المرسومة، وهي: التردد، والشدة، والزمن، وهذا يعين الباحث في معرفة زمن الصوت، والتردد الأساس، والشدة، ويفيد المطياف في دراسة المصوتات، إذ الفرق الأساسي بين أغلب المصوتات هو فارق طيفي، وتطورت صناعة المطياف بسرعة وظهرت منه عدة أجيال، وهي تشترك جميعاً في عرض موجات الصوت الكلامية بأبعادها الثلاثة، وهذه صورته:
http://tafsir.net/mlffat/files/414.jpg (http://tafsir.net/mlffat/index.php?action=viewfile&id=414)
وختم الدكتور منصور الغامدي حديثه عن أجهزة مختبر الصوت بقوله:" الصوتيات علم معملي يعتمد على التجارب التي بدورها تعتمد على معامل مجهزة تجهيزاً حديثاً يواكب التطور العلمي والتقني الذي نعيشه، وهناك أجهزة تخدم فروع الصوتيات الثلاثة: النطقية والأكوستية (أي: الفيزياوية) والسمعية. فيمكن متابعة حركات الجهاز الصوتي وعضلاته والهواء المنساب داخله، كما يمكن تسجيل موجات الصوت اللغوية وتحليلها، إضافة إلى ذلك فإنه يمكن وضع تجارب واستخدام أجهزة دقيقة لمعرفة الكيفية التي تتم بها عمليتي السمع والإدراك، كل هذا الكم من الأجهزة تجعل النتائج التي يخرج بها الباحثون في علم الصوتيات دقيقة لدرجة كبيرة وتتمتع بالثبات والموضوعية".
ومما يؤسف له أن كثيراً من جامعاتنا تفتقر إلى معامل الصوتيات، لعدم توفر الإمكانات المادية والبشرية المتخصصة، فالتعامل مع هذه الأجهزة الحديثة يحتاج إلى خبرة وتدريب، وقد سبقتنا الدول المتقدمة بصناعة هذه الأجهزة وتطويرها واستخدامها في دراسة لغاتهم.
ونحن لا نزال نتجادل عن جدوى هذه الأجهزة، ويتخوف البعض منا من عاقبة استعمالها في دراسة أصوات العربية وتحليل نصوص القراءات القرآنية، ويتساءل: ماذا نعمل إذا تعارضت نتائج هذه الأجهزة مع ما هو مقرر في الرواية، أيهما نقدم الرواية أو ما تأتي به الأجهزة؟ ويبدو لي أن هذا التساءل نابع من عدم المعرفة بهذه الأجهزة، لأنها لا تخترع نطقاً جديداً، وإنما هي تقوم بتحليل ما يقدم لها من مادة صوتية، شأنها في هذا شأن أجهزة تسجيل الصوت، التي تعيد ما يقدم لها من مادة، ولكن قد تكشف الأجهزة خطأً وقع فيه الدارسون في وصف ظاهرة صوتية بالاستناد إلى الملاحظة الذاتية.
وكرر بعض الإخوة المحاورين القول بأنه لا توجد وسيلة للتحقق من صدق ما تأتي به هذه الأجهزة، والجواب على ذلك سهل، وهو أن هذه الأجهزة كما قال الدكتور منصور الغامدي: "تجعل النتائج التي يخرج بها الباحثون في علم الصوتيات دقيقة لدرجة كبيرة وتتمتع بالثبات والموضوعية"، فإذا ما أتقن التعامل معها جاءت نتائجها دقيقة، والتطبيق كفيل ببيان أبعاد هذا القضية ومدى واقعيتها.
وأصبحت لدينا اليوم مجموعة من البحوث والدراسات الصوتية العربية التطبيقية التي استخدمت أجهزة مختبر الصوت الحديثة، إذا افترضنا أن دراسات الرواد الأوائل لعلم الأصوات العربي لم يتحقق لها ذلك، ومن أقدم هذه الدراسات كتاب الدكتور سلمان العاني Arabic phonology الذي ترجم إلى العربية بعنوان (التشكيل الصوتي في اللغة العربية)، ومنها أبحاث الدكتور سمير شريف إستيتية، وأبحاث تلامذته من طلاب الماجستير والدكتوراه، وبين يدي كتاب (الخصائص النطقية والفيزيائية للصوامت الرنينية العربية)، للدكتور فتح الله الصغير، وهو أطروحته للدكتوراه التي أشرف عليها الدكتور سمير، وذكر في مقدمتها سبعة أعمال أنجزت بالاعتماد على أجهزة مختبر الصوت، ومنها مجموعة أبحاث كتبها الدكتور علي يحيى المباركي، وكتاب التجويد القرآني دراسة صوتية فيزيائية للدكتور محمد صالح الضالع، وغيرها.
وأختم هذه الحلقة بالدعوة إلى التكاتف لإنشاء معامل الأصوات، وأن يكون عندنا متخصصون بها، لديهم إلمام بعلم القراءات واللغة العربية، لننتقل من مرحلة نقل حقائق علم الأصوات من كتب الغربيين إلى مرحلة الإبداع والتطوير لهذا العلم بإمكاناتنا الذاتية، ولدينا من تراثنا العلمي رصيد كبير يمكن أن نبني عليه، وأن نصل إلى الريادة في هذا العلم ونجعله في خدمة قراءة القرآن الكريم واللغة العربية، هدانا الله وإياكم إلى الحق المبين، وجمعنا وإياكم عليه، آمين.
¥