وكان النص عن الداني في جامع البيان هو كالتالي "واختلف عن ورش عنه في ذلك فقرأت له من طريق أبي يعقوب على ابن خاقان وأبي الفتح وأبي الحسن وغيرهم من قراءتهم بالأسانيد المذكورة بغير تسمية بين السور في جميع القرآن وعلى ذلك عامة أهل الأداء من شيوخ المصريين الآخذين برواية الأزرق" اهـ بلفظه.
قلت: وعبارة التيسير باختيار السكت صريحة في اختياره دون رواية أخرى عن الأزرق، وعبارة جامع البيان كذلك بالقراءة بترك التسمية صريحة بأن أداء الداني عن الثلاثة كان بترك التسمية فقط أي أنه كان بكل من السكت والوصل، وهكذا جزم ابن الجزري في التحبير (ص 39) بقوله "وبكل من السكت والوصل قطع جماعة من الأئمة لورش" اهـ محل الغرض منه
ويعني أن القاطعين من الأئمة لورش بالوصل ومنهم المهدوي في الهداية وأبو الطاهر إسماعيل الأندلسي المصري في كتابه العنوان وهما مغربيان ومنهم الحضرمي في كتابه المفيد في القراءات الثمان و، وكذا أبو نصر البغدادي في المفيد في القراءات العشر وهما مشرقيان، إنما قطعوا له بالوصل بعد روايتهم الوصل عن الأزرق.
نعم لقد قرأ الداني بالسكت على شيوخه الثلاثة خلف وفارس وطاهر كما هو صريح عبارة التحبير، ولكن النص في جامع البيان بترك التسمية الذي يقع على الوجهين غيرها وجه السكت ووجه الوصل وكذلك دلالة الاختيار في التيسير.
ولقد حوى جامع البيان للداني (ص 243ـ244) النص صريحا بذلك كما هو قوله: حدثنا طاهر بن غلبون عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد قال: لا يقرأ بسم الله الرحمان الرحيم بين السورتين إلا في فاتحة الكتاب وذكر أنه كذلك قرأ على ابن سيف وذكر ابن سيف أنه كذلك قرأ على أبي يعقوب الأزرق وذكر أبو الأزرق أنه كذلك قرأ على ورش وذكر ورش أنه كذلك قرأ على نافع " اهـ محل الغرض منه
وكذلك في التذكرة لطاهر بن غلبون شيخ الداني (ص 63) قال"وقرأ الباقون بغير فصل بين السورتين بـ"بسم الله الرحمان الرحيم" في جميع القرآن جاء ذلك منصوصا عن ورش وحمزة" اهـ بلفظه
قلت: ولو أرادوا السكت وحده لقالوا بالسكت ولتركوا عبارة ترك التسمية ذات الدلالة الصريحة على دخول وجه الوصل بين السورتين.
أما سؤالك: من أين جاء الشاطبي بوجي البسملة والوصل مع أن الداني ما قرأ إلا بوجه السكت؟ اهـ
فأقول لعل الصواب أن تقول:
من أين جاء الشاطبي بوجه البسملة بين السورتين للأزرق؟
وهو ما يسلم لك قوله لأني زعمت أن الوصل كذلك هو رواية عن الأزرق وقطع به من ذكرت آنفا.
أما جواب من أين جاء الشاطبي بوجه البسملة عن الأزرق؟
فلقد أجبت عليه في آخر البحث ليعلم الناس اليوم أن الداني والشاطبي وابن الجزري هم طرق مستقلة بذاتها وأن الأركان الثلاثة كانت أيام الجمع لأمثال هؤلاء الأئمة الثقات أما اليوم فلا يقرأ القرآن إلا من طرقهم وإنما يلزمنا نحن المتأخرين اتصال الأداء بشرطه وتحرير الطرق وكما بينته في بحث إثبات تواتر القرآن
طالب العلم
الحسن محمد ماديك
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[12 May 2008, 04:46 م]ـ
الأخ أبا المنذر الجزائري سلمك الله
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
أما والله لم أقرأ ردك إلا بعد أن أضفت ردي على الأخ محمد يحيى شريف
الجزائري إذ كنت قد كتبته يوم أمس وحال دون نشره في الموقع الظروف الفنية له
والآن فتحت الموقع وأضفت الرد فإذا بمداخلتك:
الأخ أبا المنذر الجزائري بل الشيخ الوقور إني بردك لفخور وبك لحفي
أكرمك الله وسلمك ويسر لي الاستفادة منك وإنك لم تعد الصواب بل اقتصرت عليه
وهكذا يجب أن يكون البحث العلمي أي تحرير الطرق أقدس وأكبر مني
ومنك ومن العالم أجمع ومنه شيوخنا الكرام الداني والشاطبي وابن الجزري
أخوك
الحسن محمد ماديك
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[12 May 2008, 05:49 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
إنّ عبارة الداني في جامع البيان لا تحتمل الوصل والسكت جميعاً لعدّة أسباب:
السبب الأوّل: لا يُعقل أن يُصرّح الداني بعبارة واحدة تحتمل أكثر من وجه خاصّة في مقام الرواية
السبب الثاني: وجود فرق كبير من حيث الأداء بين السكت والوصل بل هما ضدّان لا يمكن الجمع بينهما في التعبير، إذ السكت ينافي الوصل، ولو كان التعبير دائرٌ بين السكت والوقف لسلمنا ذلك لاشتباههما في الأداء.
السبب الثالث: إنّ أهل الأداء فرّقوا بين السكت والوصل أداءً وتعبيراً ولا شكّ أنّ الداني عليه رحمة الله تعالى كان عالماً بهذا الخلاف والفرق، فكيف يستعمل نفس العبارة للدلالة على وجهين ثابتين عند الأئمّة بالنصّ والأداء كلّ على حدة مع تباين الفرق بينهما في النطق؟
السبب الرابع: أنّ تصريح الداني بالسكت في بعض كتبه كالتيسير لتفسير وتبيين للمبهم الذي أشرت إليه في جامع البيان.
السبب الخامس: إنّ تصريح الداني بوجه السكت بين السورتين وعدم تصريحه بوجه الوصل لدليل على أنّ مذهبه السكت لا غير، وحينئذ ينبغي حمل كلامه في جامع البيان على وجه السكت.
السبب الثامن: الرواية لا تثبت بالاحتمال والظنّ إلاّ إذا عند غموض العبارة والنصّ، وقد صرّح الداني بوجه السكت مما يحعل وجه الوصل ساقطاً لغموض العبارة المعتمد عليها في إثباته. فإذا اجتمع ما يفيد القطع واليقين مع ما يفيد الظنّ فلاشكّ من ترجيح ما يفيد القطع واليقين لا سيما في مقام الرواية
السبب التاسع: لم يذكر ابن الجزري وغيره من المحققين والمحررين ثبوت وجه الوصل للداني فيما أذكر، ولو كانت عبارة الداني تحتمل وجه الوصل لأثبتوه له.
أمّا ما ذكرته من رواية بعض المشايخ المصريين لوجه الوصل لا يدلّ على قراءة الداني له عنهم. فالعبرة بما قرأ به عليهم.
أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
محمد يحيى شريف الجزائري.
¥