تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"فروى أصحاب أبي يعقوب الأزرق عنه أداء تمكينهن تمكينا وسطا بزيادة يسيرة، وهي كالزيادة التي يزيدها من هذا الطريق في تمطيطهن مع تأخر الهمزات في المتصل والمنفصل مطابقة لمذهبه في التحقيق وتحكمها المشافهة، سواء كانت الهمزة قبلهن محققة أو ألقى حركتها على ساكن قبلها أو أبدلت حرفا خالصا، لأنها في حال الإلقاء والبدل ومن أوتي فقد أوتي وقوما ءاخرين .. وما أشبهه على مذهبه، وكذلك هؤلاء ءالهة ومن السماء ءاية وما كان مثله" ().

فانظر إلى قوله في "التيسير": "زيادة متوسطة على مقدار التحقيق"، وقوله هنا "تمكينا وسطا بزيادة يسيرة" ثم قارن بقوله بعده: "وهي كالزيادة التي يزيدها من هذا الطريق في تمطيطهن مع تأخر الهمزات .. " فإنك تجد الاشكال في التنظير بين هذين الضربين مع تفاوتهما في قوة السبب الجالب للمد، ولكن يمكن توجيه قوله على أنه يعني زيادة التمطيط أي المقدار الذي يزيد على التوسط يمثل ما زاد به التوسط على القصر من زيادة في التمكين لورش.

على أن الإمام المنتوري قد تنبه إلى ما في كلام الحافظ من إبهام جعل المؤلفين على مذهبه يحملون أقواله هنا على انه يعني التوسط في مد هذا الضرب مما تقدم فيه السبب على حرف المد، وهو ما فهمه الإمام الشاطبي وأشار إليه بقوله:

"ووسطه قوم كآمن هؤلاء ءالهة ءاتى للإيمان مثلا

فقال المنتوري معترضا: "ولا أعلم من هؤلاء القوم"؟ ولعلهم الذين صنفوا في القراءات بعد الداني على طريقته وفهموا من كلامه "التوسط" كما فهمه الناظم، وقد وقفت على ذلك في كتب بعضهم، وها أنا أذكر نصوص الحافظ أبي عمرو الداني في كتبه:

ـ قال في التعريف: "وتفرد ورش بزيادة التمكين قليلا لحروف المد واللين إذا تقدمتهن الهمزات ... مما لم يقع فيه قبل الهمزات ساكن غير حرف مد ولين" ().

ـ وقال في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين": "فأصحاب أبي يعقوب يزيدون في تمكينهن يسيرا على مذهبه في التحقيق".

ـ وقال في "التيسير": "فإن أهل الأداء من مشيخة المصريين الآخذين برواية أبي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حروف المد في ذلك زيادة متوسطة على مقدار التحقيق" ().

ـ وقال في "التلخيص" و"إيجاز البيان": "يمكنون حروف المد في ذلك تمكينا وسطا من غير إسراف، على مقدار مذهب ورش في تحقيق القراءة وتفكيك الحروف وإشباع الحركات وتبيين السواكن" ـ: ولا يوقف على حقيقة ذلك إلا بالمشافهة".

ـ وقال في "جامع البيان": "تمكينا وسطا بزيادة يسيرة .. " وذكر ما تقدم نقله.

ـ وقال في "الاقتصاد": "فروى عنه مدهن زيادة يسيرة كالزيادة التي يزيدها على القراء في مدهن إذا أتت الهمزات بعدهن".

ـ وقال في "إرشاد المتمسكين" و"التمهيد": "إنما هي زيادة يسيرة على مذهب غيره من القراء كمذهبه في الزيادة لحرف المد إذا أتت الهمزة بعده، ألا ترى أن ورشا يشبع المد في ذلك فوق إشباع غيره من القراء إلا حمزة وحده، فكذلك تلك الزيادة سواء، مع الإجماع على أن الزيادة لحرف المد مع تقدم الهمزة كشطر الزيادة في التقدير له مع تأخرها" ().

ومن مجموع هذه النقول التي أفادنا بها الإمام المنتوري يمكننا أن نتمثل جيدا الرتبة التي يعنيها أبو عمرو ويزول الإبهام واللبس فيما ذكر في جامع البيان وغيره من التنظير بين هذا الضرب وبين ما تقدمت فيه أحرف المد على الهمزات دون تعرض للنظر إلى مذهبه في هذا بالقياس إلى مذهب غيره، وقد تبين من قوله في "التمهيد" و"إرشاد المتمسكين" إنما هي زيادة يسيرة على مذهب غيره، أنه يعنى مقدارا معينا لا يصل إلى الإشباع، وذلك أن مذهب غيره في هذا الضرب هو القصر وحده كما تقدم، أي ما يعبر عنه بمد الصيغة لا غير، ولما كان مد الصيغة عنده فيه زيادة تمكين بالقياس إلى مذهب غيره لأخذه في روايته بطريق التحقيق، فإن الزيادة التي زادها في هذا الضرب مضافة إلى تلك الزيادة التي زاد بها على غيره في مد الصيغة تصل بنا إلى مرتبة الوسط المعبر عنه عند الإمام الشاطبي بقوله: "ووسطه قوم" فلا يبقى مكان لاعتراض من اعترض عليه، وهو نفس ما فهمه أبو الحسن بن بري من أقواله حين قال في منظومته:

"وبعدها ثبت أو تغيرت فاقصر، وعن ورش توسط ثبت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير