تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولقد عبر أبو عمرو عن هذا بأجلى بيان في قوله السابق: "مع الإجماع على أن الزيادة لحرف المد مع تقدم الهمزة كشطر الزيادة في التقدير له مع تأخرها"، فهذا يدل دلالة واضحة على أن مذهب أبي عمرو في هذا الضرب التوسط.

انتقاد المنتوري على الداني ما ذكره من الإجماع على المد:

ولقد انتقد عليه الإمام المنتوري دعوى الإجماع هذه ولم يسلمها فقال متعقبا له فيما قال:

"لا يوجد الإجماع على ما ذكر، بل أكثر المصنفين للحروف حملوا الرواية على ظاهرها ونصوا في كتبهم على المد في "ءامن" وبابه لورش، وإلى هذا ذهب الإمام أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبوذ والشيخ أبو الفضل محمد بن جعفر بن عبد الكريم الخزاعي، والإمام أبو بكر محمد بن علي الأذفوي، والإمام أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي، والشيخ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني، والمقرئ أبو عبد الله محمد بن سفيان الفقيه، والشيخ أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي، والحافظ أبو علي الحسن بن علي الأهوازي والمقرئ أبو القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب القرطبي، والإمام أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني، والمقرئ أبو الحسين يحيى بن إبراهيم بن البياز اللواتي، والمقرئ أبو علي منصور بن الخير بن يعلى المغراوي المالقي، والشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي سعيد بن الفحام القرشي، والشيخ أبو الطاهر إسماعيل بن يخلف بن سعيد العمراني، والمقرئ أبو محمد شعيب بن عيسى بن علي بن جابر الأشجعي اليابري، والأستاذ أبو بكر محمد بن عبد الله بن معاذ اللخمي الاشبيلي، والمقرئ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن مهلب الثقفي، والأستاذ أبو جعفر أحمد بن علي بن خلف بن الباذش الأنصاري، والشيخ أبو زكريا يحيى بن أحمد بن عتيق القرطبي، والمقرئ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الملك الخولاني، والشيخ أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان المقرئ الأندلسي نزيل الديار المصرية، وقال الحصري في قصيدته:

"وان تتقدم همزة نحو "ءامنوا و"أوحي" فامدد ليس مدك بالنكر" ()

ولا شك أن هؤلاء الذين سماهم الشيخ المنتوري هم أكابر رجال المدرسة المغربية من المؤلفين إلا يسيرا منهم من المشارقة بدأ بذكرهم، ومعنى هذا أن الإجماع الذي حكاه أبو عمرو الداني على مد هذا الضرب مدا وسطا كشطر الزيادة له في التقدير فيما تأخرت فيه الهمزة، لا مكان له بل هو منتقض بمذهب من ذكرهم الشيخ المنتوري، لكن قد يعتذر لأبي عمرو بكون أكثر من ذكرهم المنتوري معاصرون له أو متأخرون عن زمنه.

ومع إمكان الاعتذار لأبي عمرو بما ذكرنا فلا ينبغي أن يغيب عنا أن هؤلاء الأئمة الذين ذهبوا في هذا الضرب إلى الإشباع إنما ينقلون عن أصل مشترك، ولم يتتابعوا هكذا على أمر لا أصل له ولا قائل به، بل إن وجود هذا الأصل ورواية من رواءه من أئمة مدارس الأقطاب وغيرهم هو مفترق الطريق بين المدارس الأدائية في طريق الأزرق عن ورش، وهو حجر الزاوية كما قدمنا في بناء الطراز المغربي القيرواني الذي تميز في رواية ورش بمذهب فني خاص هو ما سماه الحافظ أبو عمرو الداني بـ"الأخذ الشديد على مذهب المشيخة الأولى من المصريين" يعني به الأخذ بمذهب التحقيق والتمكين الشديد، وهو ميسم من المياسم المشتركة بين سائر المدارس المغربية القيروانية منذ عهد التأسيس ابتداء من مذاهب الرواد كأبي عبد الله بن خيرون ورجال مدرسته وانتهاء إلى زمن الأقطاب في المائة الخامسة.

بل إننا نجد الإمام أبا جعفر بن الباذش يجعله مذهب المغاربة مطلقا دون استثناء، فيقول عند ذكره للاختلاف بين الرواة ومشيخة الأداء: "وقد تنازع القراء في هذا الأصل، فمنهم من اخذ فيه لورش بالمد الطويل المفرط، وعلى ذلك المغاربة، وقد قرأت على غير واحد منهم فرأيتهم يفضلونه في المد على ما تأخرت فيه الهمزة نحو جاء ومنهم من زاد في التمكين على نحو ما يزيد مع تأخر الهمزة، ومنهم من ترك زيادة المد في ذلك البتة اما منكرا لظاهر الرواية أو متأولا لها، واما مختارا لما الرواية عنده بخلافه" ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير