يعني أن الاحتمال ظل واردا في قولهم عنه ويمد الآخرة""أأرادوا به الإبدال المحض أم التسهيل بين بين؟ وقد حكى أبو عمرو المذهبين في تأويل هذه العبارة:
فأما عن تأويل ذلك على معنى البدل فقال في التيسير":"فورش يبدلها ألفا، والقياس أن تكون بين بين ().
وقال في "الاقتصاد":"فروي عنه البدل للهمزة، وهي رواية أكثر المصريين عنه، " وذلك ضعيف في العربية على أن قطربا حكاه عن العرب ()
وقال في "إرشاد المتمسكين": وهو قول شيوخ المصريين، وذلك ضعيف في القياس، غير أني به قرأت عليهم". وقال في "إيجازالبيان" و"الإيضاح": "البدل على غير قياس".
وقال في "إيجاز البيان": "وبالبدل عبر عن ذلك محمد بن علي بن أحمد ـ يعني الأذفوي ـ في كتابه ().
وقال الداني في "الموجز": "وقال أصحاب أبي يعقوب عنه: إنه يُبْدِلُها ألفا.
وقال في" التلخيص"نحوه: وقال في إيجاز البيان":"وهو الموجود في ألفاظ عامة المصريين لأنهم يشبعون المد في ذلك جدا" ().
وأما على تأويل من ذهب في ذلك إلى التسهيل فقد عبر عنه في "التعريف""بما تقدم فقال:"كان ورش يسهل الثانية من الهمزتين المتلاصقتين ولا يدخل بينهما ألفا" ()
وقال في "الاقتصاد":"وروي عنه التخفيف لها بين بين كمذهب ابن كثير، وهي رواية البغداديين وغيرهم، وهي قياس مذهبهم في المختلفتين.
وقال في "إيجاز البيان":"وهذا قول عامة البغداديين وأهل الشام ممن وصلت إلينا الرواية عنه منهم، وهو الوجه السائر في العربية والقياس المطرد في اللغة".
وقال في "ارشاد المتمسكين":"وهو الصحيح في القياس والرواية".
وذكر في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين التسهيل بين بين خاصة" ().
وقال في "الإيضاح في الهمزتين": "فأما علة ما رواه المصريون أداء عن ورش عن نافع من ابدال الهمزة الثانية ألفا ساكنة في جميع الاستفهام فشاذ خارج عن قياس التسهيل، إلا أنه قد سمع من العرب وحكي عنها.
قال قطرب في "المعاني" ():"يقولون"آنذرتهم" يدع الهمزة الثانية ويجمع بين ساكنين: النون في "أنذرتهم""والألف قبلها". قال الداني: يعني المبدل من همزة القطع- قال قطرب: وليس ذلك بالحسن.
قال المنتوري:"وذكر في "إيجاز البيان"نحوه وقال:"وزعم قطرب أن ذلك لغة قريش وسعد بن كنانة وكثير من قيس" ().
قلت: لاشك أن قول أبي عمرو عن الإبدال هنا إنه "شاذ خارج عن قياس التسهيل" إنما أراد به الشذوذ اللغوي لا القرائي، وذلك عنده وانطلاقا من منهجه الأثري لا يضر، فإن منهجه العام كما أعلن عنه في "جامع البيان" أن "أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والا قيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشوّ لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها" ().
موقف الزمخشري من إبدال الهمزة لورش في أنذرتهم" والرد عليه:
ولهذا استجهل كثير من المفسرين إنحاء الزمخشري على رواية ورش "آنذرتهم" وأخذه فيها بالبدل حيث زعم أن إبدال الهمزة الثانية فيها ألفا لحن وخروج عن كلام العرب، لأنه جمع بين ساكنين على غير حده ()
قال أبو الحسن النوري:" وهو مطعون في نحره بالأدلة: منها أن هذه قراءة صحيحة متواترة، فهي أقوى شاهد فلا تحتاج إلى شاهد، ولا لتسلسل. قال:"فقد أجاز الكوفيون الجمع بين الساكنين على غير الحد الذي اختاره البصريون، واستدلوا عليه، ويكفي مذهبهم في ذلك" ().
وقبله قال شيخ القراءة والعربية الإمام الفذ أبو حيان محمد بن يوسف أثير الدين الغرناطي متعقبا الزمخشري في قوله: "وقد أنكر الزمخشري وزعم أن ذلك لحن وخروج عن كلام العرب من وجهتين: أحدهما الجمع بين ساكنين على غير حده، الثاني: أن طريق تخفيف الهمزة المتحركة المفتوح ما قبلها هو التسهيل بين بين لا بالقلب ألفا، لأن ذلك هو طريق الهمزة الساكنة.
قال أبو حيان: "وما قاله هو طريق البصريين، وقد أجاز الكوفيون الجمع بين الساكنين على غير الحد الذي أجازه البصريون، وقراءة ورش صحيحة النقل لا تدفع باختيار المذاهب، ولكن عادة هذا الرجل اساءة الأدب على أهل الأداء ونقلة القرآن" ().
والقراءة بالبدل مذهب القيروانيين عامة، ولم يذكر أبو عبد الله بن سفيان في "الهادي غير البدل".
ونص عبارته:""وورش عن نافع يحقق الأولى ويبدل من الثانية ألفا" ()
¥