قال الأزميري في بدائع البرهان: " قوله تعالى: قل آلذكرين إلى قوله صادقين فيه للأزرق ستة أوجه كلّها صحيحة الأوّل والثاني والثالث الإبدال في {آلذكرين} مع القصر في {نبؤني} من الشاطبية وتلخيص ابن بليمة وكذا من التذكرة على ما في النشر، ومع التوسط في {نبؤني} من تلخيص ابن بليمة والتيسير والشاطبية ومع الطول فيهما من الشاطبية والتجريد والتبصرة والكافي والهداية، والرابع والخامس والسادس التسهيل في {آلذكرين} مع قصر البدل من الشاطبية وكذا من التذكرة على ما وجدنا فيها ومع التوسط في البدل من التيسير والشاطبية ومع الطول فيه من الشاطبية والكامل والعنوان والمجتبى وأغرب التسهيل مع قصر البدل في النشر وليس بغريب ومنعه الشيخ ولا وجه لمنعه " (نفس المصدر السابق). فقوله رحمه الله تعالى: " وأغرب التسهيل مع قصر البدل في النشر وليس بغريب ومنعه الشيخ ولا وجه لمنعه " أي اتسغرب العلامة الأزميري عدم ثبوت وجه التسهيل مع قصر البدل في النشر مع وروده في كتاب التذكرة، وقد منع الشيخ وهو المنصوري وجه التسهيل على القصر عملاً بظاهر النشر ولا وجه لمنعه لثبوته من التذكرة. وهذا الذي حمل العلامة المتوليّ أن يقول:
.......... نبؤ قصرهُ اهملَنْ .......... إذا ما بعيد اثنين قل قد تسهّلاَ
أي اهمِل القصر في البدل في كلمة {نبؤني} إذا قرأت بالتسهيل في {آلذكرين} وقد عبّر عنها ببُعيد اثنين لأنها وقعت في الموضعين بعد كلمة {اثنين}. وإلى هذا جنح المحقق القاضي رحمه الله في البدور الزاهرة وهو ظاهر كلام النشر.
أقول من خلال ما ذُكر من الأقوال يمكن استخراج الفوائد التالية:
أوّلاً: اختلاف المحررين إلى مذهبين: الأوّل: المعتمدون على ظاهر النشر وعلى رأسهم العلامة المنصوري الذي منع وجه التسهيل على قصر البدل اعتماداً على ظاهر النشر. والثاني المعتمدون على أصول النشر وعلى رأسهم العلامة الأزميري حيث اعتمد على كتاب التذكرة في إثبات صحة وجه التسهيل على قصر البدل.
ثانياً: ورود الاختلاف بين ظاهر النشر ومصدره، وقد لاحظنا جميعاً أنّ ابن الجزري نصّ على وجه الإبدال من التذكرة إضافة إلى تلاوته به بالإسناد إلى ابن غلبون مع أنّ في التذكرة لم نجد إلاّ وجه التسهيل.
ثالثاً: قد أثبت العلامة الأزميري كلا الوجهين من التذكرة فوجه الإبدال اعتماداً على ظاهر النشر ووجه التسهيل اعتماداً على كتاب التذكرة. والذي حمله على ذلك في نظري هو ثبوت وجه الإبدال عن ابن الجزري بالأداء إلى صاحب التذكرة فتقوىّ وجه الإبدال بذلك والله أعلم.
رابعاً: لم يُنقل الخلاف عن صاحب التذكرة في ذلك وبالتالي فإجراء الوجهين عنه يحتاج إلى نظر، فإمّا أن يكون ابن الجزري قد وهم في نسبة وجه الإبدال إليه وإمّا أن يكون صاحب التذكرة أقرأ بهما واكتفى بذكر وجه التسهيل في تذكرته. وهذا كلّه مجرّد احتمال. ويجدر بي أن أنبّه على أنّ مذهب صاحب التذكرة في الهمزتين هو التسهيل فقط وذلك في نحو {ءأنذرتهم} مع اشتهار وجه الإبدال عن ورش وهذا ما يؤكّد على أنّ مذهبه في {آلذكرين} هو التسهيل.
خامساً: قول ابن الجزريّ: " وبه – أي بوجه الإبدال - قرأ الداني على شيخه أبي الحسن " فيه نظر لأنّ الداني لم يقل بذلك في جامع البيان كعادته وهو خلاف ما في التذكرة، ويبدوا أنّ ابن الجزريّ قاله اعتماداً على أدائه في ذلك لا غير.
رابعاً: إنّ ما جنح إليه العلامة المتولّي في منع وجه التسهيل على القصر كان في البداية قبل أن يتبنّى مذهب الأزميري والدليل على ذلك أنّ ما حنح إليه في البداية كان على خلاف ما حققه الأزميري من جهة ومن جهة أخرى فقد نقل في روض النضير وجه التسهيل من التذكرة حين قال: " وكذا يمتنع ترقيق اللام التي بعد الظاء للأزرق لأنّ التسهيل من التذكرة والعنوان والمجتبى وأحد الوجهين من التيسير والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الفتح " (الروض النضير ص405). تنبيه: قول المتولي " وبه قرأ الداني على أبي الفتح " فيه نظر فإنّ أثبت وجه التسهيل من التذكرة في روض النضير فتكون قراءة الداني لوجه التسهيل على أبي الحسن طاهر ابن غلبون صاحب الكتاب وليس على أبي الفتح.
¥