خامساً: هذه المسألة تدلّ على أنّ المتولي والضباع لم يطلعا على كتاب التذكرة بل اعتمدا في ذلك على كلام الأزميري في بدائعه، والحمد لله فإنّ كتاب التذكرة وغيره في متناول المتخصصين اليوم وبالتالي فلا بدّ من إعادة النظر في المسائل اعتماداً على المصادر المطبوعة والمخطوطة بدل الاعتكاف على كلّ ما قرره أئمتنا المحررين الذين اجتهدوا على حسب ما بلغهم وما بحوزتهم من المصادر، والحجة مع من قرأ على من لم يقرأ.
سادساً: نلاحظ أنّ جميع الأوجه الستة أي ثلاثة البدل مع وجهي {آلذكرين} ثابتة من الشاطبية خلافاً للمصادر الأخرى التي اكتفت ببعضها دون البعض مع تأخّر الشاطبية على معظم تلك المصادر، وهذا يدلّ على أنّ العمل بمقتضى ظاهر الشاطبية يُفضي إلى التلفيق والخلط بين الطرق لعدّة أسباب: أوّلاً: أنّ الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى لم يقم بتحرير الطرق بل ترك الأمر على الإطلاق. ثانياً: اعتبر المحررون والمحققون على رأسهم إمام الفنّ ابن الجزري الشاطبية مصدراً مستقلاً بمثابة المصادر الأخرى بغضّ النظر عن حصر طرقها ومصادرها. إذ من تأمّل في مضمون الشاطبية يجد أنّها تحوي على الكثير من المصادر كما هو الحال في طيّبة النشر مع اختلاف عدد الطرق والمصادر، فكان من الأولى على المحررين أن يعاملوا الشاطبية كما عاملوا الطيّبة في حصر الطرق والمصادر لأنّ المصدر إذا احتوى على الكثير من المصادر وجب تحرير طرقه وعزوها إلى مصادرها درءً للتلفيق والتركيب وهذا الذي فعله ابن الجزري في مسائله التبريزية مع مسألة اجتماع البدل مع الذات وهذا الذي ينبغي فعله في باقي المسائل لكن مع عزو كلّ وجه إلى مصدره. وهذا هو السبب الذي حمل المحررون على عدم حصر طرق ومصادر الشاطبية جزئية جزئية لاعتبارهم بأنّها مصدر مستقلّ بمثابة كتاب التيسير وغيره.
وخلاصة البحث هو إجراء الأوجه الستة من طريق الشاطبية على هذا النحو:
- التسهيل في {آلذكرين} وأخواتها مع قصر البدل على ما في التذكرة
- الإبدال على قصر البدل من التذكرة على ما في النشر وبه قرأ ابن الجزري من طريق التذكرة
-التسهيل والإبدال على التوسط من طريق التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان
- التسهيل والإبدال مع الطول في البدل من جامع البيان.
والعلم عند الله تعالى.
أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[14 Jun 2008, 06:37 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
تحرير مسألة الهمزتين المنفصلتين المتفقتين في الحركة نحو {هؤلاء إن} و {شاء أنشره} و {أولياء أولائك} مع أوجه البدل.
قال ابن غلبون في كتابه التذكرة في الهمزتين المفتوحتين من كلمتين نحو {جاء أجلهم}، و {شاء أنشره}: " فقرأ قنبل وورش ورويس بهمزالأولى وجعلوا الثانية بين بين، فصارت كالمدّة في اللفظ في جميع القرءان ... " (1/ 116).
وقال في المكسورتين نحو {هؤلاء إن كنتم}: " فقرأ قنبل وورش ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين فصارت كالياء الساكنة في اللفظ في جميع القرءان ". ثمّ قال " وقد رُوي عن ورش في قوله {هؤلاء إن كنتم} في البقرة وقوله في النور {على البغاء إن أردن} أنّه همز الأولى وجعل الثانية مكسورة كسرة خفيفة من غير مدّ فيها في هذين الموضعين فقط، ةقد قرأت به، غير أنّ الأجود فيهما والأشهر هذه الرواية الأولى "
وقال في المضمومتين: وذلك في {أولياء أولائك} " فقرأ قنبل وورش ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين، فصارت كالواو الساكنة في اللفظ ..... "
أقول: من خلال كلام صاحب التذكرة يتبيّن أنّ مذهبه في الهمزتين من الكلمتين والمتفقتين في الحركة هو تحقيق الأولي وتسهيل الثانية بين بين وجواز إبدال الثانية ياءً خفيفة الكسر في {هؤلاء إن كنتم} في البقرة و {على البغاء إن أردن} في النور.
¥