تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون في كتابه التذكرة: " فقرأ الحرميان وأبو عمرو ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين فصارت كالياء المختلسة وهو الجيّد، وهو مذهب الخليل وسيبويه الذي لا يجوز عندهما غيره .. " ثمّ قال " وقد ذهب قوم كثير من المقرئين إلى أنّ هذه الهمزة المليّنة في هذا الضرب تُجعل واواً مكسورة، وهو يجوز على مذهب الأخفش ....... " (التذكرة 1/ 118 و119).

أقول: كلام أبي الحسن يدلّ على جواز الوجهين عنده أي تحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين أو إبدالها واواً مكسورة.

قال أبو عمرو الداني: " وقد قرأت بالمذهب الأوّل على فارس أحمد في مذهب أهل الحرمين وأبي عمرو وهو أوجه في القياس" (جامع البيان ص 227).

وأمّا قراءة الداني على أبي الحسن فبالوجهين جميعاً كما هو ظاهر في كلام أبي الحسن المذكور آنفاً.

وأمّا قراءة الداني على ابن خاقان فبالوجهين جميعاً، قال الداني في التيسير: " والمكسورة المضموم ما قبلها تُسهّل على وجهين: تُبدل واواً مكسورة على حركة ما قبلها، وتُجعلُ بين الهمزة والياء على حركتها، والأوّل مذهب القراء وهو آثر، والثاني مذهب النحويين وهو أقيس وبالله التوفيق " (التيسير ص153)

قال ابن الجزريّ: " واختلف أئمتنا في كيفية تسهيل القسم الخامس فذهب بعضهم إلى أنها تبدل واواً خالصة مكسورة وهذا مذهب جمهور القراء من أئمة الأمصار قديماً وهو الذي في الإرشاد والكفاية لأبي العز قال الداني في جامعه وهذا مذهب أكثر أهل الأداء قال وكذا حكى أبو طاهر ابن أبي هاشم أنه قرأ على ابن مجاهد قال وكذا حكى أبو بكر الشذائي أنه قرأ على غير ابن مجاهد. قال وبذلك قرأت أنا على أكثر شيوخي. وقال في غيره وبذلك قرأت على عامة شيوخي الفارسي والخاقاني وابن غلبون. وذهب بعضهم إلى أنها تجعل بين بين أي الهمزة والياء وهو مذهب أئمة النحو كالخليل وسيبويه ومذهب جمهور القراء حديثاً وحكاه ابن مجاهد نصاً عن اليزيدي عن أبي عمرو ورواه الشذائي عن ابن مجاهد أيضاً وبه قرأ الداني على شيخه فارس بن أحمد بن محمد قال وأخبرني عبد الباقي ابن الحسن أنه قرأ كذلك عن شيوخه. وقال الداني أنه الأوجه في القياس وإن الأول آثر في النقل (قلت) وبالتسهيل قطع مكي والمهدوي وابن سفيان وصاحب العنوان وأكثر مؤلفي الكتب كصاحب الروضة والمبهج والغايتين والتلخيص ونص على الوجهين في التذكرة والتيسير والكافي والشاطبية وتلخيص العبارات وصاحب التجريد في آخر فاطر وقال إنه قرأ بالتسهيل على الفارسي وعبد الباقي. وقد أبعد وأغرب ابن شريح في كافيه حيث حكى تسهيلها كالواو ولم يصب من وافقه على ذلك لعدم صحته نقلاً وإمكانه لفظاً فإنه لا يتمكن منه إلا بعد تحويل كسر الهمزة ضمة أو تكلف إشمامها الضم وكلاهما لا يجوز ولا يصح والله تعالى أعلم. وقرأ الباقون وهم ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وروح بتحقيق الهمزتين جميعاً في الأقسام الخمسة وانفر ابن مهران عن روح بالتسهيل مثل رويس والجماعة." (النشر 1/ 388).

أقول: من خلال كلام ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى يتبيّن أنّ الداني قرأ على جميع شيوجه بالإبدال وذلك عند قوله: " قال – أي الداني - وبذلك قرأت أنا على أكثر شيوخي. وقال في غيره وبذلك قرأت على عامة شيوخي الفارسي والخاقاني وابن غلبون." و قد نقل هذا الكلام عن الداني الخراز في شرحه على الدرر اللوامع والمسمّى القصد النافع لبغية الناشئ والبارع على الدرر اللوامع ص179.

وأمّا وجه التسهيل فهو أحد الوجهين في التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن، وهو كذلك في التيسير، وبه قرأ الداني على ابن خاقان، وبه قرأ أيضاً على أبي الفتح كما هو ظاهر جامع البيان والنشر.

فالحاصل أنّ الداني قد قرأ على مشايخه الثلاثة بالإبدال والتسهيل جميعاً، فأمّا الإبدال فهو نصّ كلام الداني الذي صرّح بأنّه قرأ على جميع مشايخه بالإبدال، وأمّا التسهيل فهو أحد الوجهين في التذكرة والتيسير أي قراءة الداني على أبي الحسن وابن خاقان. وأمّا أبو الفتح فقد صرح الداني في جامعه أنّه قرأ عليه بالتسهيل وهو منقول في النشر كما يظهر.

فنخلص ممّا سبق أنّ التسهيل والإبدال كلاهما يجريان مع ثلاثة البدل ولا يمنع منها شيء والعلم عند الله تعالى.

محمد يحيى شريف الجزائري

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير