خلفاً منها فهذا يشهد بالبدل. وهو مسموع من العرب، حكاه قطرب وغيره (قلت) والبدل في قياس البدل في (أأنذرتهم) وبابه إلا أن بين بين في هذا أكثر وأشهر وعليه الجمهور والله أعلم."
قال المالقي (ت705): " ومذهب الحافظ والإمام عن ورش إنّما هو بين بين كقالون لا غير " (الدرّ النثير ص637).
وقال الخراز (ت731) في شرحه على الدرر اللوامع: " وقد نصّ على ذلك – أي الإبدال – أبو عمرو الداني في أيجاز البيان ورجّح فيهما التسهيل – أي {هأنتم} و {أرأيت} –، ولم يذكر في التيسير غيره وهو القياس " (القصد النافع ص351).
قال الواسطي (740) في كتابه الكنز "فإن تقدّمها همزة الاستفهام نحو {أرأيتكم}، {أرأيتم}، {أرأيت} فإنّ المدنيين يُليّنان همزتها بين بين, ورُويَ عن الأزرق إبدالها إلفاً أيضاً، نقله مع وجه التليين مكيّ " (الكنز 1/ 241). وإسناد الواسطي يمرّ على الداني عن ابن خاقان أي نفس إسناد التيسير.
من خلال ما سبق من الأقول والنصوص يتبيّن أنّ وجه التسهيل ثابت عن الداني من كتابه التيسير وجامع البيان وبه قرأ على أبي الحسن على ما يظهر في التذكرة. بل صرّح المالقي على أنّ الداني ليس له إلاّ التسهيل حين قال: " ومذهب الحافظ والإمام عن ورش إنّما هو بين بين كقالون لا غير "، وبه قرأ الواسطي بسنده إلى الداني عن ابن خاقان. أمّا وجه الإبدال فلم أجده لا في التيسير ولا في جامع البيان ولا في المفردات ولا في التعريف وإنّما أثبت ابن الجزري الوجهين للداني من كتابه التنبيه حيث صرّح فيه الداني أنّه قرأ بالوجهين، ونقل الخراز كلا الوجهين عنه من كتابه إيجاز البيان.
فالذي يظهر جليّاً أنّ وجه التسهيل أقوى رواية وقياساً خلافاً لوجه الإبدال فإنّه ضعيف رواية لا سيما عن الداني، وذلك خلاف ما نسمعه الآن من المشايخ في تقديم وجه الإبدال في التلاوة، وقد نبّه على تقديم وجه التسهيل العلامة الصفاقسيّ والعلامة المارغني عليهما رحمة الله تعالى.
فنخلص مما سبق أنّ وجه التسهيل هي قراءة الداني على جميع شيوخه كما في التذكرة والتيسير وجامع البيان. أمّا وجه الإبدال فإنّ الداني لم يقرأ به على أبي الحسن كما هو ظاهر كتاب التذكرة، ولم يقرأ به على ابن خاقان كما هو ظاهر التيسير وقراءة الواسطي بسنده إلى الداني عن خاقان فتكون قراءة الداني بوجه الإبدال على ابن خاقان ضعيفة الاحتمال، فما يبقى إلاّ قراءة الداني على أبي الفتح اعتماداً على ما نقله ابن الجزريّ عن الداني من كتابه التنبيه وما نقله الخراز عن الداني في إيجاز البيان، فيُحتمل أن يكون الداني قد قرأ بوجه الإبدال مع وجه التسهيل على أبي الفتح، والعم عند الله تعالى.
وبالتالي، فإنّ وجه التسهيل يجري مع ثلاثة البدل، وأمّا الإبدال فيكون مع طول البدل وهي قراءة الداني على أبي الفتح والعلم عند الله تعالى. ولا أدّعي الكمال فيما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[21 Jun 2008, 01:46 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
تحرير لفظ {إرم} مع أوجه البدل:
اعلم حفظك الله تعالى أنّ ابن غلبون لم يستثن لفظ {إرم} من الترقيق بل اعتبرها مرققة كباقي الراءات المرققة المسبوقة بالكسر الأصليّ المتصل بها، بل صرّح الداني أنّه قرأ عليه بالترقيق فقال: " فأقرأني ابن غلبون {إرم} بإمالة الراء لأجل الكسرة، وأقرأنيه غيره بإخلاص فتحها لكون هذا الاسم بمنزلة الأعجميّ ... " (جامع البيان ص354).
والإمالة تُطلق على الترقيق كما هو معلوم في اصطلاح القدامى.
قال ابن الجزريّ: " وأما الألفاظ المخصوصة فهي ثلاثة عشر: أولها (إرم ذات العماد) في الفجر. ذهب إلى ترقيقها من أجل الكسرة قبلها أبو الحسن بن غلبون وأبو الطاهر صاحب العنوان وعبد الجبار صاحب المجتبى ومكي. وبه قرأ الداني على شيخه ابن غلبون وذهب الباقون إلى تفخيمها من أجل العجمة وهو الذي في التيسير والكافي والهداية والهادي والتجريد والتلخيصين والشاطبية. والوجهان صحيحان من أجل الخلاف في عجمتها. وقد ذكرهما الداني في جامع البيان. " (النشر 2/ 96).
أقول: من خلال ما سبق يظهر جلياً أنّ ترقيق الراء في {إرم} هو مذهب أبي الحسن طاهر ابن غلبون لعدم استثنائه لها في كتابه التذكرة وبه قرأ الداني عليه كما صرّح في جامع البيان. وقرأ الداني على غير أبي الحسن بالتفخيم أي قرأ على ابن خاقان وأبي الفتح بالتفخيم.
ثمّ إنّ ترقيق الراء في {إرم} صحيح وثابت في العنوان والمجتبى والتبصرة ولم ينفرد به أبو الحسن حتّى يُسقطه الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى.
فالسؤال: لماذا أهمل الإمام الشاطبيّ وجه الترقيق في {إرم} مع ثبوته من أحد طرقه وهو كتاب التذكرة لابن غلبون وبه قرأ الداني ورواه عنه في جامع البيان إضافة إلى ثبوت الوجه وصحته عن غير أبي الحسن؟
وبالتالي فلا بدّ من إثبات وجه الترقيق في {إرم} من طريق الشاطبية، وتحرير الكلمة مع أوجه البدل يكون كالتالي:
- قصر البدل وعليه الترقيق في {إرم} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل وعليه التفخيم فيها من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه التفخيم فيها من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
أكتفي بما ذكرت، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري.
¥