تحرير: {حيران}
قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى بعدما ذكر الراءات الواقعة بعد الياء سواء كانت الياء مدية أم ليّنة نحو {بصيراً} و {خيرات}: " فورش وحده يقرأ هذه الراء بين اللفظين مع هذه الياء حيث وقعت ... " (التذكرة 1/ 220).
قال أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى عند ذكره للراءات المرققة: " وأمّا ما وليت الراء فيه الياء، وسواء انفتح ما قبلها أو انكسر، فذلك نحو قوله {الخيرات} و {حيران} و {الخير} و {الطير} و {لا ضير} و {غيركم} و {المغيرات} و {الفقير} و {خبيراً} و {بصيراً} و {نذيراً} و {قديراً} و {خيراً} و {طيراً} و {وسيراً} وشبهه " (التيسير ص192،193).
وقال: " فأقرأني ابن خاقان {حيرانِ} بإخلاص الفتح لامتناعه من الصرف بكون مؤنثة حيرى، وكذلك نصّ عليه إسماعيل النحاس في كتابه الأداء، وكذلك رواه أيضاً عامّة أصحاب أبي جعفر أحمد بن هلال عنه وأقرأنيه غيره بإمالة الراء قياساً على نظائره." (جامع البيان ص354).
أمّا ما ورد في طبعة كتاب النشر ففيه سقط وذلك في المجلّد الثاني في الصفحة السابعة والتسعين عند ذكره للكلمات التي وقع الخلاف فيها لورش فقال: " خامسها (وعشيرتكم). في التوبة فخمها أبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن سفيان وصاحب التجريد وأبو القاسم خلف بن خاقان ونص عليه كذلك إسماعيل النخاس. قال الداني وبذلك قرأت على ابن خاقان وكذلك رواه عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عنه. قال وأقرأنيه غيره بالإمالة قياساً على نظائره انتهى، ورققها صاحب العنوان وصاحب التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه. والوجهان جميعاً في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية. سابعها (وزرك، وذكرك)." (2/ 97).
أقول: يُلاحظ وجود سقط بين "خامسها (وعشيرتكم) " وبين "سابعها (وزرك، وذكرك) " فالساقط هو " سادسها (حيران) " وقوله: " فخمها أبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن سفيان وصاحب التجريد وأبو القاسم خلف بن خاقان ونص عليه كذلك إسماعيل النخاس. قال الداني وبذلك قرأت على ابن خاقان وكذلك رواه عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عنه. قال وأقرأنيه غيره بالإمالة قياساً على نظائره انتهى، ورققها صاحب العنوان وصاحب التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه. والوجهان جميعاً في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية." هو يخصّ لفظ {حيران} وليس لفظ {عشيرتكم} على ما يظهر في جامع البيان حيث ذكر الداني في جامعه أنّ التفخيم في {حيران} نصّ عليه النحاس ثمّ نقل كلام الداني من جامع البيان.
وخروجاً من هذا الإشكال أنقل كلام العلامة البناء من كتابه إتحاف فضلاء البشر حيث قال بعد ذكره للفظ {وعشيرتكم}: " وأمّا {حيران} بالأنعام ففخمها ابن خاقان وبه قرأ الداني عليه وصاحب التجريد ورققها صاحب العنوان والتذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير وتعقّبه في النشر بأنّه خرج بذلك عن طريقيه فيه وهما جامع البيان والشاطبية " (إتحاف فضلاء البشر ص94).
قال العلامة المتولّي: "بقي من المختلف فيه {حيران} ففخمها صاحب التجريد وابن خاقان وبه قرأ الداني عليه، ونصّ عليه إسماعيل النحاس، ورققها صاحب العنوان والتذكرة وأبو مشعر، وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه، والوجهان في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية .... " (روض النضير ص274).
أقول: من خلال ما سبق من كلام الأئمة والمحققين يظهر ما يلي:
أوّلاً: ورود وجه الترقيق من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن، وهو ظاهر التذكرة إذ لم يستثن {حيران} من القاعدة، وهو ظاهر جامع البيان والنشر والروض أيضاً.
ثانياً: قرأ الداني على ابن خاقان بوجه التفخيم لا غير، وهو خلاف ما في التيسير الذي قطع فيه بالترقيق حيث ذكرها ضمن أمثلة ما يُرقّق، فيكون بذلك قد خرج عن طريقه، وبالتالي فينبغي الأخذ بوجه التفخيم من التيسير حيث روايته لورش من كتابه التيسير هي عن ابن خاقان وهو لم يقرأ عليه إلاّ بالتفخيم كما ذكر في جامع البيان.
ثالثاُ: قرأ الداني على أبي الفتح بالترقيق والدليل عليه قوله في جامع البيان: " وأقرأنيه غيره – أي غير ابن خاقان - بإمالة الراء قياساً على نظائره."
وحينئذ تكون قراءة الداني على ابن خاقان بالتفخيم وعلى أبي الحسن وأبي الفتح بالترقيق، وبالتالي تحرير لفظ {حيران} مع أوجه البدل كالتالي:
- قصر البدل وعليه الترقيق في {حيران} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل وعليه التفخيم فيها من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه الترقيق فيها من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري.
¥