تعجبت من وجود مثل هذا الإشكال في قصيدة في مستوى {ناظمة الزهر}، كما استغربت قبوله من طرف عالم في قدر المخللاتي و هو يشرح هذه القصيدة للشاطبي في كتابه {الوجيز في فواصل الكتاب العزيز} و الذي تم شرحه و تحقيقه من طرف علامة زمانه في علم العدد و المشهود له بسبقه و فضله و أستاذيته في المادة بدون منازع، فكان من المنطقي و المعقول و الأولى أن أتهم فهمي قبل كل شيئ.
لذا نظرت في سبب الإشكال كله في هذه النازلة فإذا به حرف الدال، رمز {الشامي} في لفظة [د] ا ن في البيت 133 بالقصيدة:
133 - وتَسْقُطُ ثنتا النور [د] انَ [هـ]ـداهما .. * .. ثمودٍ عنِ البصري و [صدر] وعى صدري
فلو كان الحرف هو الواو [رمز البصري]، ما وُجِدَ إشكال.
رجعت لمتن قصيدة" ناظمة الزهر " في كتاب " إتحاف البررة بالمتون العشرة في القراءات و الرسم و الآي و التجويد "، جمع و ترتيب: علي محمد الضباع رحمه الله و غفر له، مُراجع المصاحف بمشيخة المقارئ المصرية ـ طبعة مصطفى البابي و أولاده بمصر ـ 1354 هـ / 1935م ـ[ص 353]، فوجدت رسم ألفاظ البيت مطابقا لما هو في كتاب الوجيز للمخللاتي رحمه الله و غفر لنا و له و هو المتوفى قبل جمع مادة كتاب إتحاف البررة بسنين عدة، و كتابه الوجيز ـ و لا شك ـ من مراجع الضباع في إتحافه.
نظرت في كتب علم العدد للأساتذة الدكاترة الأعضاء في ملتقى أهل التفسير هذا فكانت النتيجة كالتالي:
أود هنا أولا و قبل كل شيء، أن أتقدم بالشكر و الإمتنان و التقدير للأستاذ الدكتور سيدي و مولاي حمدي عزت، بارك الله في عمره و نفع بعلمه. فهو بحمد الله مرجع هام من مراجع علم العدد، درس هذا العلم و بدل فيه من الجهد و الكد و الإجتهاد و الصبر ما الله وحده يعلمه ... لمست هذا في القليل مما تيسر لي الإطلاع عليه، و أعني به كتابه:" دراسات في علم الفواصل ـ عدد آي القرآن ـ " ـ الدوحة 1426، و الموجود في هذا الملتقى بالرابط أدناه،
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12044&highlight=%CD%E3%CF%ED+%DA%D2%CA
و الذي يعرض فيه أستاذنا دقائق هذا العلم و تفاصيله بوضوح و جلاء و تبسيط و بيان ينفرد بها هذا الكتاب و يتميز بها، و تجعل منه مرجعا لا غنى عنه لطالب علم العدد و الباحث فيه.
استخرجت من دراسة الأستاذ حمدي عزت هذه، الجدول الخاص بسورة إبراهيم، و أضفت إليه الصف الأول بأسماء الأعداد، كما هو في الصورة:
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/63354927d83c8bc97.jpg
و يظهر في الجدول بكل وضوح أن {الكوفي} و {البصري} هما اللذان لا يعدان الفاصلة {النور} رأس آية في الموضعين:
1 ـ الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [1]
2 ـ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [5]
كما يظهر الجدول بكل وضوح و بيان أن الشامي بعدديْه: الدمشقي و الحمصي، يعد الفاصلة رأس آية و في الموضعين.
...
ثم نظرت في كتاب العدد للإمام الهذلي، بتحقيق الأساتذة: د. مصطفى عدنان العيثاوي، و د. عمار أمين الددو، فوجدت ألهذلي رحمه الله يقول [ص 99]، ما نصه:
* ـ {النور} (1، 5) فيهما حجازي شامي./ اهـ ...
يفهم من هذا أن الحجازيين ـ و هم المدنيان و المكي ـ و الشامي يعدون الفاصلة {النور} رأس آية في الموضعين. و أن الكوفي و البصري وحدهما لا يعدانها في الموضعين و يسقطانها في العد.
و هذا يعني في التطبيق أننا لا نجد الرقم [1] بعد الفاصلة {النور} بالموضع الأول، و لا نجد الرقم [5] في الموضع الثاني، في أكثر المصاحف تداولا بيننا و هو المصحف بقراءة عاصم الكوفي بروايتيْه، و كذالك لا توجد في المصاحف المكتوبة بقراءة البصري و هي المتداولة في السودان حيث تنتشر قراءة أبي عمرو البصري. و من المفروض أن يوجد رقمان ـ أو النقط الفاصلة بين الآيات ـ في مصاحف أهل الحجاز و الشام و المغرب.
و ترقيم هاتين الفاصلتين موجود فعلا في المصاحف المغاربية المرقمة بالعدد المدني الأخير: رقم الآية الأولى هو [1]، و رقم الثانية هو [6].
...
¥