تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 04 - 2007, 05:02 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فإني أشكر إخواني الأساتيذ الأفاضل لتلبيتهم هذه الدعوة لمناقشة نص من نصوص إمام النحاة، وقد أفدنا من اجتهاداتهم في فهم هذا النص وفقهم الله وسددهم وآتاهم من فضله ما يشاء من خير عميم.

قال سيبويه:

وكذلك: من لي إلا أبوك صديقاً، لأنك أخليت مَنْ للأب ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ

ذهب أخونا أبو بشر مذهب السيرافي في جعل (أبوك) بدلا من (مَن)، فصار (أبوك) كأنه العامل في الخبر (لي) لأن البدل على نية طرح المبدل منه، فصار معنى العبارة في الاستفهام الحقيقي: هل لي إلا أبوك صديقا.

ويرد على هذا أمران:

الأول أن تفسير (أخليت من للأب) بـ (أبدلت من من الأب) لا يحتمله ظاهر النص، فالمعنى الظاهر: أخليت (من) من أن يعمل في غير الأب، وهو بحسب جعل الأب بدلا قد عمل في الخبرالذي تعلق به (لي)، فـ (من) قد عمل كما يعمل المبتدأ وبعد ذلك أبدل منه. وهذا الاعتراض وارد على كل من يجعل (لي) خبرا لمن.

الثاني أن هذا المثال مسوق على تقديم المستثنى على المستثنى منه، وبهذا التفسير لا يبقى المثال من باب تقديم المستثنى على المستثنى منه.

فأصل العبارة: من صديق لي إلا أباك؟ فقدم المستثنى (إلا أباك) على المستثنى منه (صديق) فصارت: من لي إلا أباك صديق، وجاز أن يكون (صديق) مستثنى منه وإن كان مفردا لأنه نكرة واقعة في سياق الاستفهام فتدل على عموم الأصدقاء، أي: من أصدقاء لي إلا أباك.

أما الأخ علي فسلك مسلكا جمع فيه بين رأي المبرد وجعل المسألة من باب إبدال المستثنى من المستثنى منه فجعل (لي) خبرا متحملا لضمير يعود لمن وجعل ذلك الضمير هو المستثنى منه فصار أبوك بدلا من ذلك الضمير، والمعنى: من استقر لي إلا أبوك صديقا.

وهذا أيضا يرد عليه أمران الأول أنك جعلت (من) عاملا في الخبر (لي)، وبذلك لم تتم التخلية للأب.

والثاني أن العامل في الأب هو الفعل (استقر) أو اسم الفاعل (مستقر) وليس اسم الاستفهام (من).

لذلك أرى أن يكون الأب خبرا للمبتدأ (من) ويكون (لي) متعلقا بالصديق الذي كان في الأصل خبرا.

تفصيل هذا أن أصل العبارة:

من صديق لي إلا أباك، بالنصب على الاستثناء، أو أبوك، بالرفع على الوصفية، فلما قدم المستثنى على المستثنى منه صارت العبارة: من لي إلا أباك صديق؟ بنصب الأب على الاستثناء على الوجه المختار، فمن مبتدا، وأباك مستثنى، وصديق خبر المبتدأ و (لي) متعلق بالخبر.

ويجوز الرفع: من لي إلا أبوك صديق، من مبتدأ وأبوك الخبر وصديق بدل و (لي) متعلق بصديق.

ويجوز نصب الصديق على الحال: من لي إلا أبوك صديقا، من مبتدأ، وأبوك الخبر وصديقا حال انتصب عندما لم يمكن أن يكون وصفا للأب، كما قيل: فيها زيد قائما، لما لم يمكن أن يكون قائم وصفا لزيد نصب على الحال، والعامل في الحال في كل الأحوال تمام الكلام. و (لي) متعلق بالحال (صديقا).

والذي غر السيرافي بالبدلية أن سيبويه قال:

كما قلت: من لي إلا أبوك صديقاً، حين جعلته مثل: ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه،

فظن أن وجه الشبه هو إبدال المستثنى من المستثنى منه، وليس الأمر كما ظن وإنما وجه الشبه مجيء الحال بعد تمام الكلام، فهو يريد أن يبين وجه انتصاب (صديق) بعد أن كان مرفوعا، فشبهه بقوله: ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه، لأن أصله أن يكون خير مجرورا على أنه صفة أحد، ولكن جاز نصب الوصف على الحال بعدما تم الكلام، فوجه الشبه بين المثالين وقول الكلحبة أيضا هو انتصاب الحال عن تمام الكلام، ويؤيد ذلك أن قول الكلحبة ليس فيه بدل: لا أمر للمعصي، فلما تم الكلام جيء بالحال بعد إلا.

فمراد سيبويه _ والله أعلم _ من قوله:

لأنك أخليت مَنْ للأب ولم تفرده لأن يعمل كما يعمل المبتدأ

لأنك جعلت من عاملا في الأب وحده ولم تفرده عن الأب لأن يعمل في الخبر (صديق) كما كان عليه أصل العبارة: من صديق لي إلا أباك، أو أبوك.

مع التحية الطيبة، وإلى لقاء آخر من الاجتهاد في تفسير كلام سيبويه إن شاء الله.

ـ[أبو بشر]ــــــــ[25 - 04 - 2007, 09:15 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الكرام وأستاذنا الأغر ومعلمنا المحجل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير