- أن سيبويه في القسم الثاني يمثل بما إن تقدم المستثنى على شيء ولكن في الوقت نفسه يتقدم على المستثنى شيء آخر مرتبط بالشيء الأول، فيجوز في هذه الحالة إعراب المستثنى بدلا من المرفوع أو المجرور الذي يسبقه، وهذه الحالة بخلاف الحالة الأولى في القسم الأول حيث لا يوجد ما تقدم على المستثنى حتى يبدل منه فلذلك تعيَّن النصب في القسم الأول. ولا حظ استعمال سيبويه لفظ "وكذلك" لما قال (وكذلك: مَن لي إلا أبوك صديقاً) بماذا وفيماذا شبه سيبويه هذه العبارة؟ الجواب - في رأيي القاصر - أنه شبهها بما قبلها وفي البدلية، فهذا هو الذي حمل السيرافي على القول بالبدلية، ثم ماذا نقول في قول سيبويه فيما بعد: (كما قلت: مَن لي إلا أبوك صديقاً حين جعلتَه مثلَ: ما مررتُ بأحدٍ إلا أبيك خيراً منه) متى قال هذا المثال ومتى جعله مثل "ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه"؟ قال هذا المثال لما قال (وكذلك: مَن لي إلا أبوك صديقاً) وجعله مثل "ما مررت بأحد إلا أبيك خيراً منه"، لما قال "وكذلك"، ثم كيف نعرب "من" و"لي" و"زيدا" و"صديقا" في قول سيبويه فيما بعد (مَن لي إلا زيداً صديقاً) وهو مثل قوله "من لي إلا أبوك صديقاً" من حيث النوع والمفردات؟ ألا يعرب "من" مبتدأ و"لي" خبراً، ألا يرجح هذا المثال إعراب "من" مبتدأ و"لي" خبراً في الثال الذي نحن بصدده؟
- أن سيبويه في القسم الثالث يتناول على وجه التقريب نفس الأمثلة التي تناولها في القسم السابق غير أن بعض العرب تنصب المستثنى على الاستثاء ولا تبدله مما قبله
- أن سيبويه لا يتناول في هذا الباب تقدم المستثنى على المستثنى منه فقط بل تقدمه على شيء مما له ارتباط بالمستثنى منه المتقدم على المستثنى أيضاً، كما أنه لا يتناول إعراب المستثنى المتقدم فقط بل إعراب الشيء المتقدم عليه أيضاً سواء أكان له ارتباط بشيء يسبق المستثنى أم لا.
- أن سيبويه في هذا الباب يتناول لغات مختلفة من لغات العرب في مسألة تقدم المستثنى ويعللها بتعليلات مختلفة كما أنه يحملها على وجوه وأمثلة مختلفة
- أنه من الجدير بالذكر أن سيبويه أطلق عنوان الباب ولم يقيده، فقال "باب ما يقدم فيه المستثنى" إذ ليس بشرط أن يتقدم على المستثنى منه كما هو واضح من تمثيله
- أن المسألة لا يمكن النظر إلى بعض جزئياتها دون بعضها الآخر فلا بد من النظر إلى المسألة في كامل الباب
هذا ما عندي بعد أن أعدت النظر في المسألة علماً بأني لم أتحدث عن قول سيبويه (لأنك أخليت "من" للأب ... ) مع أني لا أزال أذهب إلى ما قد ذهبت إليه في تفسير قول سيبويه هذا.
والله أعلم
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 04 - 2007, 08:36 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم الباحث الدقيق أبا بشر
ولا حظ استعمال سيبويه لفظ "وكذلك" لما قال (وكذلك: مَن لي إلا أبوك صديقاً) بماذا وفيماذا شبه سيبويه هذه العبارة؟ الجواب - في رأيي القاصر - أنه شبهها بما قبلها وفي البدلية، فهذا هو الذي حمل السيرافي على القول بالبدلية،
لا يا أخي الكريم
فإن سيبويه يشبه هذه العبارة بقول الشاعر:
الناسُ ألبٌ علينا فيك ليس لنا ... إلا السيوفَ وأطرافَ القنا وزَرُ
وبمثاله: ما لي إلا أباك صديق، فهذا مثال للمنفي، وقوله: من لي إلا أباك صديق، في الاستفهام، والحكم فيهما واحد، غير أنك إذا رفعت الأب ونصبت الصديق، كان الأب في (ما لي إلا أبوك صديقا) مبتدأ واجب التأخير، وفي (من لي إلا أبوك صديقا) خبرا لكون اسم الاستفهام مبتدأ.
أما وجه الشبه بين (من لي إلا أبوك صديقا) وبين (ما مررت بأحد إلا أبيك خيرا منه) فهو نصب كل واحد من الصديق والخير على الحال، بدليل أنه ضم إلى هذين المثالين قول الكلحبة: لا أمر للمعصي إلا مضيعا، فلا وجود هنا للبدل ألبتة.
مهما يكن فإني أشكرك وأشكر كل من شارك في هذه المناقشة وأرجو من الأستاذ مغربي أن يثبت هذه النافذة لأني سأتابع فيها بالمشاركة مع الأساتذة الكرام مناقشة المواضع التي تحتاج إلى تفسير من كلام سيبويه، وأدعو طلاب وطالبات الدراسات العليا بخاصة لمشاركتنا ففي الكتاب من الكنوز ما يمكن أن يمدهم للوصول إلى اختيارات موفقة لموضوعات اطروحاتهم.
مع التحية الطيبة.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[26 - 04 - 2007, 01:52 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥