تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شكر الله لك شيخنا الأغر هذا التوضيح الرائع، ولا اعتراض عليه بيد أني منذ بداية الحوار كنت على يقين أن (أبوك) ليست بدلا من (من)، وأن (لي) متعلق بخبر (من) وأن (أبوك) حلت محل الخبر متعلق لي، ولوجود هذه القناعات التي رسخت عندي في ظل طلب المعنى لها قلت إن (إلا أبوك) بدل من خبر (من).

على أن المعنى على التوجيه الذي تفضلت به متفق تماما مع المعنى الذي يؤديه توجيهي مع اختلاف في موجِب الإحلال إذ رأيتُ أن (إلا أبوك) إبدلت من الخبر متعلق (لي) باعتباره محذوفا، ورأيتَ أن (إلا أبوك) حلت محل الخبر متعلق (لي) ليس على الإبدال وإنما لأن ذلك الخبر تأخر وانتصب على الحالية.

ثم إن لي تساؤلا يتعلق بسبب مجيء هذا المثال في باب تقديم المستثنى على المستثنى منه في (الكتاب) وهو:

ألا يمكن أن يكون سيبويه ـ رحمه الله ـ أراد بعد أن عرض أمثلة لتقديم المستثنى، وذكر حكم المستثنى المتقدم (وجوب النصب) .. أقول ألا يحتمل أنه أراد بعد ذلك أن يوضح مبرر رفع (أبوك) في المثال، وهو أن ما بعد إلا لم يعد متقدما على المستثنى منه فيجب نصبه، وإنما فقد هذا الحكم لأن المستثنى منه المتأخر (أي الخبر صديق) لم يعد مستثنى منه متأخرا وإنما انتصب على الحالية وبالتالي أصبح الاستثناء مفرغا، فخرج من الباب؟؟

أي ربما أنه أورد المثال في الباب ليوضح أنه ليس من الباب وإنما كان من الباب قبل نصب (صديقا) على الحال.

قلتَ حفظك الله:

ويجوز الرفع: من لي إلا أبوك صديق، من مبتدأ وأبوك الخبر وصديق بدل و (لي) متعلق بصديق.

فقررتَ (لي) متعلقا للبدل متقدما على المبدل منه. وسؤالي: بم يعلق البصريون (لي) على هذا الوجه وهم يمنعون تقدم معمول التابع على المتبوع؟

وهذا الإشكال يجعل تعلق (لي) بمتعلَّق آخر غير (صديق المذكورة) احتمالا واردا! ويقوي هذا الاحتمال تساؤل أخي أبي بشر، وليت أستاذي الأغر يجيب عنه لأنه تساؤل من الأهمية بمكان، وقد أضفت إلى قوله ـ رعاه الله ـ بعض الاستنتاج المتضمن استيضاحات ذات صلة:

كيف نعرب "من" و"لي" و"زيدا" و"صديقا" في قول سيبويه فيما بعد (مَن لي إلا زيداً صديقاً)؟

وتكمن أهمية التساؤل فيما يلي:

* شبه الجملة (لي) ليس متعلقا بـ (صديقا) إذ لو كان كذلك لكان الاستثناء مفرغا ولرفع (زيد) على أنه خبر (من)!

* نصب (زيدا) دون أن يكون متقدما على المستثنى منه ودون أن يكون بدلا من منصوب يدل على أنه نصب على الاستثناء، وذلك يقتضي وجود المستثنى منه قبله.

* لو رفعنا (زيد) في هذه الجملة لصارت مطابقة لـ (من لي إلا أبوك صديقا)

وإذا كان المستثنى منه متقدما على (زيدا) في حال النصب فإنه سيبقى ـ أي المستثنى منه ـ في حال الرفع .. فما إعراب (زيد) المرفوع في (من لي إلا زيدٌ صديقا)؟

* لو نصبنا (أباك) لصارت الجملة مطابقة لـ (من لي إلا زيدا صديقا) أي ستصبح (من لي إلا أباك صديقا) وهي صحيحة بالقياس على أختها، والسؤال: ما وجه نصب (أباك)؟ وإذا كان منصوبا على الاستثناء تعيّن أن المستثنى منه موجود قبل إلا سواء عند رفع الأب أم عند نصبه، فما وجه الرفع؟ وإذا كان على البدلية فأين المبدل منه (المستثنى منه)؟

ولكم وافر محبتي واحترامي.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 04 - 2007, 09:08 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياكم الله أخي الكريم

وسؤالي: بم يعلق البصريون (لي) على هذا الوجه وهم يمنعون تقدم معمول التابع على المتبوع؟

أخي الكريم البدل في الاستثناء له حكم خاص، فهو ليس كالبدل الذي ندرسه في بابه، فهو مثلا في نحو: ما جاءني أحد إلا زيد، مجموع (إلا) مع زيد، وفي نحو ما لي إلا ألُ أحمدَ شيعةٌ بدل على سبيل القلب فهو بدل صناعي تابع لما قبله في الإعراب، لذلك لا أرى بأسا في أن يتعلق به (لي) في قولنا: من لي إلا أبوك صديق، فهو وإن كان بدلا في اللفظ فهو خبر في المعنى ولا يمكن الاستغناء عنه، وكذلك لو نصب على الحال فقيل: من لي إلا أبوك صديقا، فهو حال واجبة الذكر لأنها خبر في المعنى، لأن المعنى الأساس: من صديق لي ألا أبوك. وهذا التعليق عندي أولى من تعليقه بحال محذوفة من الأب.

أما عن التساؤلات الأخرى فأقول:

أصل التركيب: من صديق لي إلا أبوك، على الوجه المختار أو: من صديق لي إلا أباك.

فإذا قدمنا المستثنى على المستثنى منه جاز في التركيب أربعة أوجه:

1 - من لي إلا أباك صديق: من: مبتدأ، وأباك: مستثنى، وصديق خبر.

2 - من لي إلا أبوك صديق: من مبتدأ، وأبوك الخبر، وصديق بدل.

3 - من لي إلا أبوك صديقا: من مبتدأ، وأبوك الخبر وصديقا حال.

ولي في هذه الوجوه متعلقة بالصديق.

4 - من لي إلا أباك صديقا: من مبتدأ، ولي الخبر وأباك مستثنى وصديقا حال من الضمير في (لي) على تقدير: ما أحد كائن لي إلا أباك صديقا. وفي هذا الوجه جعل (من لي) كلاما تاما من المبتدأ والخبر لذلك نصب بعده المستثنى والحال، والعامل في كليهما عند سيبويه تمام الكلام أو الكلام التام الذي عمل بعضه في بعضه فاكتفى، هذا من حيث الصناعة النحوية، ولكن المعنى على ما ذكرته أولا في كل التراكيب: من صديق لي إلا أبوك. والله أعلم.

مع التحية الطيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير