ـ[أبومصعب]ــــــــ[03 - 05 - 2007, 03:08 ص]ـ
أخي الكريم الأستاذ أبا مالك حفظه الله،
قال أبو البركات الأنباري في الإنصاف
القول في أصل الاشتقاق الفعل هو أو المصدر
ذهب الكوفيون إلى أن المصدر مشتق من الفعل وفرع عليه نحو ضرب ضربا وقام قياما وذهب البصريون إلى أن الفعل مشتق من المصدر وفرع عليه.
الإنصاف (ج 1 / ص 235)
وهو بذلك يقيد ما بوب به في اشتقاق المصدر من الفعل أو العكس، أما أن يكون المصدر أصل جميع المشتقات فيعارضه ما قاله ابن جني في الخصائص "وأيضًا فإن المصدر مشتق من الجوهر"
وإذا لم تكن الأصالة الزمنية مقصودة في معرفة الأصل والفرع، فهل من معنى لجدلهم حول أصل المشتقات وترتيبهم إياها؟!، ودليل قصدهم الترتيب اختلافهم في أصل اشتقاق الوصف الصريح، فترى بعضهم يقول باشتقاقه من الفعل كما هو واضح من كلام ابن جني، في حين يذهب ابن هشام إلى غير ذلك، يقول: "اسم الفاعل: وهو ما اشتق من فعل لمن قام به على معنى الحدوث كضارب ومكرم" ... إلى أن قال "وأقول قولي ما اشتق من فعل فيه تجوز وحقه ما اشتق من مصدر فعل" شرح شذور الذهب - (ص 470)، ومن الذين قالوا بالقول الأول ابن الحاجب في الكافية، وهم بهذا يجعلون المشتق منه أصولا مختفلة، يشتقون منها بعض الفروع ثم يأخذون من الفروع فروعا غير الفروع التي أخذوها من الأصول
فإذا لم يكن الترتيب الزمني مقصودا، فأي ترتيب تراهم يقصدون؟!،
قولك: " وهذا لا يمنع من أن يكون أحد المشتقات سابقا في بعض الأحيان إن دل عليه دليل، كما تقول مثلا (تأبَّل) إذا اتخذ إبلا، فمن المعقول هنا أن هذا الفعل مشتق من الاسم (الإبل)، وليس العكس."
فحديث الرحم، ألا يكمن اعتبار دلالته على أن "الرحمن" سابق ل"الرحم" في الاشتقاق كما اعتُبرت دلالته على الاشتقاق _وفيه كلام كما سيأتي_، ومثل هذا ما جاء في بيت حسان من اشتقاق "محمد" من "محمود":
وَشَقَّ لَهُ مِن اسمه ليُجِلَّه ******* فَذُو العَرشِ محمودٌ وهَذا مُحَمَّدُ
جاء في مختصر تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 60)
"الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي كلام ابن جرير ما يُفْهِم حكاية الاتفاق على هذا، وقال القرطبي: والدليل على أنه مشتق ما خرجه الترمذي وصححه عن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته". قال: وهذا نص في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشقاق.
وقول القرطبي رحمه الله: (والدليل على أنه مشتق ... ) يؤيد ما قرَّرته في قولك: (وأرى ثانيا أن المقصود بالاشتقاق أن الكلمات ترجع إلى أصل واحد، لا أن هذا قد سبق هذا أو هذا قد سبق هذا، ولذلك تجد بعض العلماء أحيانا يقول: هذا مشتق من ذاك، ثم يقول في موضع آخر: ذاك مشتق من هذا.)
أما قوله (قال: وهذا نص في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشقاق)، فقد يكون المعنى غير ما اصطلح عليه من الاشتقاق، إذ يحتمل معنى (أن الرحم أثر من رحمة الله)
وإن سلمت هذه الدلالة في الحديث والبيت الشعري،
وَشَقَّ لَهُ مِن اسمه ليُجِلَّه ******* فَذُو العَرشِ محمودٌ وهَذا مُحَمَّدُ
فقد دلا معا على أن الذي شق هو "الله"، فإن سلما من الاعتراض على المعنى المراد من الاشتقاق، وأن هذا المعنى هو ما يقصده أهل اللغة والنحو منه، فهل يسلما من ادعاء من قال إن هذا قاصر على هذين اللفظين، ولا يتعداه إلى غيره إلا بدليل، أو أن هذا مختص بالله تعالى مستندا إلى قول من قال إن الله هو واضع اللغة، وقوله سبحانه "وعلم آدم الأسماء كلها"، ولو جاز القياس _ ولا يجيزه ابن حزم رحمه الله كما هو معلوم، وعليه فقد ببطل الاستدلال بهما على قوله مما نقله أخونا أحمد الفقيه _، لكان الأقرب للصواب اشتقاق الأسماء من أسماء الله وصفاته، ولو جاز التوسع لكان الأقرب للسلامة اشتقاق الأسماء من الوصف الصريح ...
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[03 - 05 - 2007, 01:06 م]ـ
الاشتقاق ظاهرة موجودة في جميع اللغات، وهي في العربية أشيع وأقيس، وهي من الظواهر التي تدل على الفضل والتميز والقدرة على الاستمرار والتجديد، وإنكار وجودها كإنكار وجود ضوء الشمس في النهار، ولا يهم بعد ذلك أن نعرف أي كلمة هي أصل المشتقات، لكن القياس العقلي يحكم بكون ما دل على معنى مفرد مجرد من مصاحبة أي معنى آخر هو الأصل، فالمصدر لكونه دالا على الحدث مجردا هو الأولى أن يكون الأصل لأن ما سواه يدل على الحدث مع زيادة شيء آخر فالفعل يدل على الحدث والزمان واسم الفاعل يدل على الحدث ومن قام بالحدث وكذلك بقية المشتقات.
المهم أن نعرف أن ما قاله ابن حزم في حق النحويين في مسألة اشتقاق الاسم مردود عليه، ندعو الله أن يغفر له.
مع التحية.