جمعوا الكثير الذي يغلب على دورانه على لسان أكثر العرب وسموه القاعدة، أما القليل المخالف للقاعدة فلم يحكموا عليه بالخطأ لأنه من عربي فصيح من عصر الاحتجاج ولكنه يمثل لهجته، أو لغة لا تطرد على كل العرب.
فوصفوها في كتبهم بعدة صفات فقالوا: لغة - قليل - نادر- شاذ - سماعي - لا يقاس عليه، ضرورة.
ولم يقولوا هو خطأ ولاهو لحن، لأنهم مجمعون على فصاحة الشاعر العربي قبل (170هـ)، ومجمعون على فصاحة الإعرابي في كلامه قبل 350 هـ).
وما يحدث في كتبهم حينما يرون بيت شعري من عصر الاستشهاد يفعلون ما يلي:
1 - تأويل النص بحيث يردونه إلى القاعدة ما استطاعوا، ففي بيت:
أم الحليس لعجوز شهربه،، ترضى من الحلم كعظم الرقبه
قالوا إن اللام زائدة وليست لام ابتداء.
وبعضهم قال إنها داخلة على مبتدأ محذوف أي (لهي عجوز) ثم حذفوا المبتدأ وبقيت واتصلت بـ (عجوز).
والتأويل من أشهر أساليب رد البيت الذي يعتبر من عصر الاحتجاج إلى القاعدة، لذلك ترى اختلافات النحاة في التخريج للآيات، والآبيات المخالفة للقاعدة.
2 - إذا رأوا أنّ التأويل قريب، ولا تكلف فيه اعتبروا هذا البيت شاهدا من الشواهد الصحيحة إلا أنه بالتأويل.
فهي عند ابن هشام - رحمه الله- على القاعدة ولكن المبتدأ محذوف (لهي عجوز) أو اللام زائدة.
فالقاعدة ثابتة عنده في هذا البيت لم تدخل لام الابتداء على الخبر بل على المبتدأ المحذوف.
كذلك بتأويل ثان اللام الزائدة، وليست الام هنا لام الابتداء.
3 - إذا رأوا أنّ التأويل بعيد، وفيه تكلف رموا البيت بالمصطلحات المعروفة الدالة على عدم القياس عليه وهي: قليل - شاذ - نادر - ضرورة - لغة، ولا يقولون خطأ لأنه من عصر الاحتجاج الذي اعترفوا بفصاحة أهله.
وهو ما فعله مثلا الرضي - رحمه الله- في شرحه للكافية فقد قال:" وقد شذ دخول اللام على خبر المبتدأ المؤخر مجردا من (إن) نحو قوله:
أم الحليس لعجوز شهر به
وقدر بعضهم: لهي عجوز، لتكون في التقدير داخلة على المبتدأ".
أما ابن عصفور - رحمه الله- فعدها ضرورة لأنها لم تقعنه التقديرات، فقال قال في شرح جمل الزجاجي:" وأيضاً فإنَّ اللام لا تزاد في الخبر إلاَّ في ضرورة شعر نحو قوله:
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعجُوزٌ شَهرَبَهْ **ترضَى من اللحم بعظم الرَقبهْ".
الكلام يحتاج لتفصيل أكثر، لكن هذا قد يغنى، ويسد ما أردنا الكلام عنه.
والله أعلم
ـ[مدقق املائي]ــــــــ[29 - 07 - 2007, 12:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا اخواني على التوضيح
جزيتم الجنه