تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا تساويا تعريفًا أو تنكيرًا، ولم نعلم أيهما المبتدأ من قرينة الحال أو نحو ذلك، فهنا يمتنع تقديم الخبر، ويتعين تقديم المبتدأ، لأجل أن نحكم بأن الثاني حكم على الأول بمقتضى الترتيب.

فإذا كانت لدينا قرينة الحال، أو ما أشبه ذلك، فيجوز التقديم والتأخير، لكون المبتدأ صار معلومًا، سواءً أخذ مكانه في صدارة الجملة، أو تأخَّر.

والآن، أعود مرَّة أخرى إلى بيت أبي تمَّام،

قوله: " والْجُودُ ساحِلُهْ "

ما ذكره أستاذي المفضال " الأخفش "، هو الصواب، حيث يجوز تقدير كلِّ منهما مبتدأ وخبرًا، إلاَّ أنَّ هذا التقدير يَنبني على الجملة السابقة، " لُجَّتُهُ الْمَعْروفُ "، ولا بدَّ من النظر إليها حال التقدير، لأنَّ اللفظ في نظيره كمثله.

فأقول، وبالله التوفيق، المسألة تحتمل القولين.

الأول:

لُجَّة: مبتدأ، وخبره " المعروفُ ".

ساحلُ: مبتدأ مؤخَّر، وخبره " الجودُ ".

الثاني:

المعروفُ: مبتدأ مؤخَّر، وخبره " لُجَّة ".

الجودُ: مبتدأ، وخبره " ساحلُ ".

فإن قلتِ: أيُّهما الأولَى؟

قلتُ: الأول

لأنَّ الشاعر شَبَّه " الممدوح " بالبحر، والبحر يُعرَف بلُجَجه وسواحله، لا بمعروفه وجُوده، ثمَّ أفادنا أنَّ هذا البحر ليس مثل البحار المعروفة عند الناس، بل هو بحر، لُجَّته العظيمة هي " المعروف "، وساحله الذي يستطيع أن يصله كل إنسان هو " الجُود ".

وبهذا الإعراب، يحافظ البيت على نسقٍ واحد في التشبيه، فاللجَّة تقابل المعروف، والساحل يقابل الجود، ويصبح تقدير الكلام:

لُجَّتُه المعروفُ، وساحِلُه الجودُ.

ويجوز أن يكون التقديم والتأخير في الجملة الأولى من الشطر، لا في الثانية، والتقدير:

المعروفُ لُجَّتُه، والجودُ ساحِلُه.

ولكن أرَى أنَّ المعنى الأول أرجح، من ثلاثة أوجه:

الأول: أنَّ المتبادر أن ينصرف الذهن إلى معنى من معاني البحر، ثمَّ يتمُّ الإخبار عنها، فالذهن كان خاليًا، في شوقٍ ليعلم ما وجه التشبيه بالبحر.

الثاني: أنَّ مقتضى التشبيه بالبحر يتطلَّب الإخبار عن ما يُعرف به البحر، وما يشتمل عليه.

ولو أراد الشاعر أن يشبِّه معروفَ " ممدوحِه " وجُودَه، لكان بإمكانه أن يسلك طريقًا سهلاً مختصرًا، ويتجنَّب ركوب البحر، والتعرُّض لأخطاره.

الثالث: أنَّ الضمير في قوله: " مِن أيِّ النَّواحِي أتَيتَهُ "، عائد إلى البحر، والمرءُ يأتي البحرَ من ساحِلِه، أو يتوسَّطه مباشرة، فكان وصف هذين المعنيين هو المقصود.

والله أعلم

ختامًا، قد أطلقت العنان لريشتي البالية، فقادَتني إلى معانٍ غريبة نائية، فضللتُ طريقي بين سطورٍ خاوية، وحروف واهية، ولا حولَ ولا قوَّة إلاَّ بالله

مع عاطر التحايا

ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[24 - 02 - 2005, 11:39 ص]ـ

لله دركم

يا أستاذي الفاضل حازم

أبلغُ القولِ منْ ثنائي " جزاكَ اللهُ خيرًا " كذا يقولُ الرسولُ

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير