[ما الأوجه الإعرابية لـ (حقيق)؟]
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[11 - 03 - 2005, 02:02 م]ـ
قال الله تعالى: {وقال موسى يا فرعونُ إني رسولٌ من ربِّ العالمينَ - حقيقٌ على أن لا أقولَ عَلَى اللهِ إلا الحقَّ} الأعراف: 104 – 105.
وقرأ نافع: {حقيقٌ عَلَيَّ}.
ما الأوجه الإعرابية لكلمة (حقيق) في القراءتين؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[حازم]ــــــــ[16 - 03 - 2005, 10:32 م]ـ
الأستاذة الفاضلة النابغة / " سمط اللآلئ "
أرَى أنَّ مشاركاتك قد اختارت العلياء مكانا، والتميُّز عنوانا، وروعة المعاني جوانب وأركانا.
وما زالت اختياراتك بالضياء تزدهر، وفضلك بالعلم ينهمر
زادك الله رفعة وفضلا، ونفع بعلمك.
قال الله تعالى: {حَقِيقٌ علَى أن لا أقُولَ عَلَى اللهِ إلاَّ الحقَّ} الأعراف 105
قال الإمام الشاطبيُّ – رحمه الله -:
علَيَّ علَى خَصُّوا
قرأ القرَّاء العشرة إلاَّ نافعًا المدني، بألفٍ بعد اللام من {علَى}، على أنها حرف جرٍّ.
وقرأ نافع بياءٍ مشدَّدة مفتوحة بعد اللام، فهي ياء المتكلم دخل عليها حرف الجرِّ " علَى ".
وقد لفظ الناظم بالقراءتين معا.
توجيه القراءتين:
أما قراءة نافع، فقراءة واضحة، أي: واجبٌ علىَّ قول الحق، وأن لا أقول على الله غيره.
والوجه: أنَّ " حقيقًا " فَعيلٌ من " حقّ "، وهو مُعدى بـ" علَى ".
وتعدية " حقيق " بحرف " على " معروفة، قال الله تعالى: {لَقدْ حقَّ القَولُ علَى أكثَرِهم فَهُم لا يُؤْمِنونَ] يس 7، وقال جلَّ وعلا: {فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ ربِّنا} الصافات 31.
فإذا عُدِّيَ الفعل بـ" علَى "، وَجبَ أن يُعدَّى به ما هو منه.
ثمَّ إنَّ معناه يقتضي أيضًا تعديته بـ" علَى "، لأنَّ معناه وجب، و" وَجب " يُعدَّى بـ" علَى ".
تقول: " وَجبَ عليَّ دينٌ "، فكذلك ما هو بمعناه.
وأما من جهة الإعراب، ففيه ثلاثة أوجه، كما ذكرها السمين:
أحدها: أن يكون الكلام قد تمَّ عند قوله: {حقيقٌ}.
و {عليَّ}: خبر مقدَّم، و {أن لا أقولَ}: مبتدأ مؤخَّر.
كأنه قيل: عليَّ عدم قَول غير الحقِّ، أي: فلا أقول إلاَّ الحقَّ.
حقيقٌ: صفة لـ" رسولٌ"
الثاني: أن يكون {حقيقٌ} خبرًا مقدَّمًا، و {أن لا أقولَ} مبتدأ.
الثالث: أنَّ {أن لا أقولَ} فاعل بـ {حقيقٌ}.
كأنه قيل: يحقُّ ويجبُ أن لا أقول.
وهذا أعرب الوجوه، لوضوحه لفظًا ومعنًى.
ويجوز أن يكون {حقيقٌ} خبرًا ثانيًا.
ويجوز أن يكون {حقيقٌ} مبتدأ، وما بعده الخبر، وسوَّغ الابتداء بالنكرة تعلُّق الجارِّ بها.
فقد تحصَّل في رفع {حقيقٌ} أربعة أوجه.
وقرأ الباقون: {علَى}، وفيها ستة أوجه.
الوجه الأول: قاله الأخفش والفرّاء والفارسي:
" علَى " بمعنى الباء، كما أنّ الباء بمعنى " علَى " في قوله تعالى: {ولا تَقعُدوا بِكُلِّ صِراطٍ} أي: علَى كلِّ صراط، فكأنه قيل: حقيقٌ بأن لا أقول، كما تقول: فلان حقيق بهذا الأمر وخليق به.
ويشهد لهذا التوجيه قراءةُ أبيّ: " بأن لا أقول "، وَضَع مكان " علَى " الباء.
قال أبو شامة: وتبعهم الأكثرون على ذلك
وقال الفرَّاءُ: العرب تقول: " رَميتُ علَى القَوسِ "، " وبالقَوسِ "، " وجِئتُ علَى حالِ حَسَنةٍ "، " وبِحالةٍ حَسَنةٍ "
قال الأخفش: وليس ذلك بالمطرد، لو قلت: " ذهبتُ علَى زيدٍ "، تريد: " بزيد " لم يجز.
قال السمينُ: ولأنَّ مذهب البصريين عدم التجوُّز في الحروف.
قلتُ: قراءة أبَيّ من القراءات الشَّاذَّة.
قال الزمخشري: وفي القراءة المشهورة إشكال، ولا تخلو من وجوه، وذكر أربعة أوجه.
أحدها: أن تكون مما يقلب من الكلام لأمن الإلباس، كقول خداش بن زهير:
ونَرْكَبُ خَيلاً لا هَوادةَ بَينها * وتَشْقَى الرِّمَاحُ بِالضَّياطِرَةِ الْحُمْرِ
ومعناه: وتشقى الضياطرةُ بالرماحِ.
قال أبو حيَّان: وأصحابنا يخصُّون القلب بالشِّعْر، ولا يجيزونه في فصيح الكلام، فينبغي أن تُنزَّه القراءة عنه.
قال تلميذه السمين: وللناس فيه ثلاثة مذاهب:
الجواز مطلقًا.
المنع مطلقًا.
التفصيل، بين أن يُفيد معنًى بديعًا، فيجوز.
أو لا، فيمتنع.
والثاني: أنّ ما لزمك فقد لزمتَه، فلما كان قول الحق حقيقًا عليه، كان هو حقيقًا على قول الحق، أي لازمًا له.
يعني: فتكون قراءة الجماعة بمعنى قراءة نافع.
¥