[خبر اسم الشرط]
ـ[حازم]ــــــــ[25 - 03 - 2005, 11:19 م]ـ
قالَتْ حُبِسْتَ فَقُلتُ لَيسَ بِضائِرٍ * حَبْسي، وأيُّ مُهنَّدٍِ لا يُغْمَدُ؟
أوَ ما رَأيتِ اللَّيثَ يَألَفُ غِيلَهُ * كِبْرًا وأوْباشُ السِّباعِ تَرَدَّدُ
والشَّمسُ لَولا أنها مَحْجوبةٌ * عَنْ ناظِرَيكِ لَما أضاءَ الفَرْقَدُ
والبَدْرُ يُدرِكُهُ السِّرارُ فَتَنْجَلي * أيَّامُهُ وكأنَّهُ مُتَجَدِّدُ
والغَيثُ يَحصرُهُ الغَمامُ فما يُرَى * إلاَّ ورَيِّقُهُ يراحُ ويَرْعُدُ
والنارُ في أحْجارِها مَخْبوءةٌ * لا تُصْطَلَى إنْ لم تُثِرْها الأزْنُدُ
والزَّاغِبِيَّةُ لا يُقيمُ كُعوبَها * إلاَّ الثَّقافُ وجَذْوةٌ تَتَوقَّدُ
غِيَرُ اللَّيالي بادِئاتٌ عُوَّدٌ * والمالُ عارِيةٌ يُفادُ ويَنفَدُ
ولِكُلِّ حالٍ مُعْقِبٌ ولَرُبَّما * أجْلَى لكَ المَكْروهُ عمَّا يُحمَدُ
لا يُؤْبسَنَّكَ مِن تَفَرُّجِ كُربةٍ * خَطبٌ رَماكَ بهِ الزَّمانُ الأنْكَدُ
واصْبِرْ فإنَّ الصبرَ يُعْقِبُ راحة * في اليَومِ يَأتي أوْ يَجيءُ بهِ الغَدُ
كَم مِن عَليلٍ قَد تَخطَّاهُ الرَّدَى * فَنَجا وماتَ طَبيبُهُ والعُوَّدُ
والحَبْسُ ما لم تَغْشَهُ لِدَنِيَّةٍ * شَنعاءَ نِعْمَ المَنزِلُ المُتَورِّدُ
بَيتٌ يُجَدِّدُ لِلكَريمِ كَرامةً * ويُزارُ فيهِ ولا يَزورُ ويُحفَدُ
الأستاذة النابغة، ذات الفوائد السَّابغة / " سمط اللآلئ "
أرجو المعذرة، فقد رأيت أن أنقل موضوعك القيِّم إلى عنوان مستقل، يدلُّ عليه، ويسهل الاهتداء إليه، وأصْل موضوعك:
(إذا كانت " مَنْ " الشرطية في الآية الكريمة مبتدأ، فما هو الخبر؟ أهو فعل الشرط، أم جوابه، أم أنَّ كليهما هو الخبر؟)
وأرَى – أيتها الكريمة - أنَّكِ قد أحطتِ بالموضوع من كلِّ جوانبه، تحقيقًا وشمولا، وبمسائله توثيقًا وتأصيلا، وبأدلَّته تعليلاً وتفصيلا.
غير أنك فضَّلتِ المشاركة بإجماله، وأردت نشر تفصيله وبيان جماله، رغبة منك لجمع شمل نظامه، وإماطة لِثامه، ليعبق مِسك فوائده، وتضيء حُليُّ قلائده.
زادك الله ضياءً في العِلْم، ونورًا في الفَهْم.
[خبر اسم الشرط]
مسألة خلافها مشهور، وفي كتب النحو مُعلَّل ومسطور، والتحقيق فيها شاقٌّ وعسير، وأسأل الله القدير، العونَ والتيسير.
إذا وقع اسم الشرط مبتدأ.
فهل خبره جملة فعل الشرط؟
أو جملة الجواب؟
أو هما معا؟
لا شك أن لكل من هذه الآراء حجَّة ودليلا، ولا أرَى أنَّ مناقشة هذه الآراء ستؤدِّي بنا إلى رأي واضح نجزم به، ونطمئنُّ إليه، ولكن لا بدَّ أولاً، من معرفة سبب الخلاف الذي أدَّى إلى تباين الآراء.
يعود سبب الخلاف إلى أمرين.
الأول: تباين آرائهم في تحديد معنى الجملة، فهم لم يُحدِّدوا مفهومها، ولم يتَّفقوا عليه، ولو فعلوا لزال الخلاف في ما بينهم، ولقاربوا الإجماع أو ما يشبهه.
لقد كان من النحويين، مَن نظر إلى الكلام والجملة على أنهما مترادفان، وقد صرَّح الزمخشري بذلك في كتابه " المفصل "، فقال: والكلام هو المركَّب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى، ويسمى الجملة.
وأما الجملة عند جمهور النحاة، فتعبير صناعي، أو مصطلح نحوي لعلاقة إسنادية بين اسمين، أو اسم وفعل، تمَّت الفائدة بها أم لم تتمّ، ولذلك فهي أعمُّ من الكلام، والكلام أخصُّ منها.
الثاني: اختلافهم في تقدير معنى الجملة الشرطية، نحو: " مَن يَستغفرِ اللهَ يجدِ اللهَ غفورًا رحيمًا "
فمنهم مَن قدَّرها: المُستَغفرُ اللهَ، يجدُ اللهَ غفورًا رحيمًا.
ومنهم من قال: كلٌّ من الناسِ إن يَستغفرِ اللهَ فإنه يجد اللهَ غفورًا رحيمًا
والصواب هو القول الثاني، لأنَّ الأول يلغي معنى الشرط، وهو مراد أصلا
وتأسيسًا على هذا، أنتقل إلى ذكر الآراء وحجَّة قائليها
الرأي الأول: " جملة الجواب وحدها هي الخبر "
حجة القائلين به هي أنَّ الجواب هو الذي يتمُّ به المعنَى.
فقد حوَّلوا صيغة الجملة الشرطية، نحو " مَن يسافرْ يبتهجْ " إلى جملة اسمية: " المسافرُ مبتهجٌ "، أو " المسافرُ يَبتهجُ "
فكلمة " يبتهج " هي التي أفادت، وتمَّ بها المعنى، وهي جواب الشرط في الجملة الأصلية.
وقالوا: ما اسم الشرط هنا إلاَّ اسم موصول، أضيف إليه معنى الشرط، ففك صِلَته بفعله لفظا لا معنى.
¥