[ألا كل شيء ما خلا الله باطل]
ـ[أبو باسل]ــــــــ[02 - 04 - 2005, 04:55 م]ـ
[ألا كل شيء ما خلا الله باطل]
أداة الاستثناء (ما خلا) تعامل كفعل ماض جامد
فأين فاعله؟ إذا كان لفظ الجلالة (الله) مفعولا به.
ـ[حازم]ــــــــ[02 - 04 - 2005, 08:19 م]ـ
أستاذي العزيز / " أبو باسل "
لله درُّك، ما أروع اختياراتك، وما أجمل استفساراتك
وما زالت مشاركاتك جذَّابة مضيئة، يبهرني مكنونها، ويأسرني مضمونها
تهفو نفسي لملاحقتها، ويقصر علمي عن مصافحتها
ألا كلُّ شَيءٍ ما خَلا اللهَ باطِلُ * وكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالةَ زائِلُ
البيت من ثاني " الطويل "، قاله لبيد بن ربيعة، الصحابيُّ – رضي الله عنه -، من قصيدة طويلة، مدح بها النعمان، قالها في جاهليَّته، ولهذا البيت قصَّة:
وذلك أنَّ لبيدًا جاء إلى مكَّةَ في صدر الإسلام، وهو لا يزال على دينه، فأنشد قريشًا قصيدته، وعثمان بن مظعون – رضي الله عنه – جالس، ولمَّا وصل لبيد إلى قوله: " ألا كلُّ شَيءٍ ما خَلا اللهَ باطِلُ "
قال عثمان: صدقتَ.
فلمَّا قال: " وكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالةَ زائِلُ "
قال عثمان: كذبتَ، نعيم الجنَّة لا يزول.
فقال لبيد: يا معشر قريش: والله ما كان يؤذَى جليسكم، فمتَى حَدثَ هذا فيكم؟
فقال رجل: إنَّ هذا سفيه من سفهاء معدّ، قد فارقوا ديننا، فلا تجِدنَّ في نفسِك من قوله، فردَّ عليه عثمان، حتَّى شريَ أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل، فلطم عينه فأوجعها.
فقال الوليد بن المغيرة لعثمان - وكان في جواره-: إن كانت عينُك عمَّا أصابها لغنيَّة، فقال عثمان: بل – والله – إنَّ عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله.
ثمَّ إنَّ لبيدًا أسلم وحسُن إسلامه.
والله أعلم.
قال ابن هشام –رحمه الله -، في " القطر ":
(وانتصابه بعد " ما خلا " و " ما عدا "، على أنه مفعولهما، والفاعل مستتر فيهما) انتهى
وفي " أسرار العربية "، وهو يذكر: " ما خلا " و " ما عدا " أنهما فعلان، قال:
(ووجبت لهما الفعلية، وكأنَّ فيهما ضمير الفاعل، فكان ما بعدهما منصوبا) انتهى
وقال ابن هشام، في " مغنيه ":
(فمعنى: " قاموا ما خلا زيدًا "
على الأول: " قاموا خالين عن زيد "
وعلى الثاني: " قاموا وقت خُلوِّهم عن زيد ") انتهى
بقيَ النظر في الإعراب.
ألا: حرف استفتاح وتنبيه، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب
كلُّ: مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره، وهو مضاف
شيءٍ: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره
ما: حرف مصدري
خلا: فعل ماضٍ، معناه الاستثناء، مبني على فتح مقدَّر على الألف للتعذُّر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: هو، يعود إلى البعض المفهوم من الكلِّ السابق.
أو يعود على مصدر الفعل المتقدم عليه، أو اسم فاعله.
اللهَ: لفظ الجلالة: مفعول به منصوب.
ويقول بعض المعربين: مفعول به منصوب على التعظيم.
وهو قول وجيه
باطلُ: خبر المبتدأ مرفوع به، وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره.
وقد أعرضت عن إعراب المصدر المنسبك من " ما " وما بعدها، وذلك لاختلاف أوجه الإعراب فيه، وكذا ينبني على وجهي الخلاف في إعراب " ما "
والله أعلم
ختامًا، أشكر الأستاذ الفاضل / " الخليل " على روعة دقَّة إجابته، وما زال سبَّاقًا في العلم.
دمتُما بخيرٍ وعافية
مع عاطر التحايا
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[02 - 04 - 2005, 10:13 م]ـ
الأستاذ حازم
وما إن ماؤنا بغريض مزن ***** ولكن الملاح بكم عِذاب
هلا أوضحت للقراء قول ابن هشام
(فمعنى: " قاموا ما خلا زيدًا "
على الأول: " قاموا خالين عن زيد "
وعلى الثاني: " قاموا وقت خُلوِّهم عن زيد ") انتهى.
ماذا يريد بالأول وماذا يريد بالثاني؟
وهلا طبقتم التقدير الذي قدرتموه على الفاعل في بيت لبيد أعني قولكم:
(خلا: فعل ماضٍ، معناه الاستثناء، مبني على فتح مقدَّر على الألف للتعذُّر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: هو، يعود إلى البعض المفهوم من الكلِّ السابق.
أو يعود على مصدر الفعل المتقدم عليه، أو اسم فاعله.)
كيف يكون التقدير؟
هل يقال: خلا بعض الأشياء؟
وأين مصدر الفعل المتقدم عليه؟ وأين اسم فاعله؟ حيث لم يتقدم على الفعل خلا أي فعل في بيت لبيد؟
أرجو البيان ولكم الشكر.
أخوكم الأغر
ـ[المهندس]ــــــــ[03 - 04 - 2005, 11:14 م]ـ
وذكرني حلوَ الزمانِ وطيبهُ * مجالسُ قومٍ يملؤون المجالسا
حديثاً وأشعاراً وفْقِهاً وحكمةً * وبراً، ومَعْروفاً وإِلفاً مؤانسا
لم يكتف أخونا الفاضل الأستاذ حازم بتوضيح ما خفي علينا ولكنه بدأ حديثه العذب بمعلومة لطيفة ارتبطت بالبيت محل السؤال، وكأني به قد تأسى بنبي الله يوسف عليه السلام، حين سأله صاحبا السجن عما رأيا، وتشوقا للإجابة، بدأ ببيان مصدر ذلك العلم وأنه مما علمه الله وبين لهم فضل الدين الذي يتبعه ودعاهما إلى توحيد الله، ثم أجابهما.
أشارك الأخ الفاضل الأغر في السؤال عما يقصده ابن هشام
وفي السؤال عن المقصود من العبارة:
(أو يعود على مصدر الفعل المتقدم عليه، أو اسم فاعله.)
أما المقصود من العبارة: (يعود إلى البعض المفهوم من الكلِّ السابق)
فأظن أنني أفهمه؛ فالكل (المستثنى منه) حين نُنقص من بعضا (المستثنى) فالمتبقي يكون بعضا، وهو المقصود.
¥