[لماذا حذفت .. ؟]
ـ[أبو باسل]ــــــــ[11 - 03 - 2005, 08:28 م]ـ
(ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف: من الآية82)
لماذا حذفت التاء في (تسطع)؟
يا ظبية البان ترعى في خمائله & فليهنك اليوم أن القلب مرعاك
لماذا حذفت الهمزة من الفعل (فليهنئك)؟
ـ[حازم]ــــــــ[13 - 03 - 2005, 06:05 م]ـ
أستاذي العزيز / " أبو باسل "
أسعد الله أيَّامَك، وحقَّق في رِضاه مُبتغاك وأحلامَك.
ما زلتَ تُبهج قلوبَنا بمشاركاتك، وتُشرق منتدانا بمداخلاتك
زادك الله علمًا وتوفيقًا
قال الله تعالى: {ذلِكَ تَأوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَليْهِ صَبْرًا}، الكهف
في كتاب " العين ":
(والعرب تحذف التاء من " استطاع "، فتقول: اسطاع يَسطيع، بفتح الياء، ومنهم من يَضمُّ الياء، فيقول: يُسْطِيعُ، مثل يُهْريق) انتهى
وجاء في " مختار الصحاح ":
(والاسْتِطَاعةُ: الإطاقة، وربما قالوا: اسْتَطاعَ يستطيع، يحذفون التاء استثقالا لها مع الطاء.
وبعض العرب يقول: اسْتاعَ يستيع، فيحذف الطاء.
وبعض العرب أَسْطاعَ يُسطيع، بقطع الهمزة) انتهى
وزِيدَ تعليلٌ، في " القاموس المحيط ":
(ويقال: اسْطاعَ، ويَحذفونَ التاءَ اسْتثْقالاً لها مع الطاء، ويكرهون إدْغامَ التاء فيها، فتُحرَّكُ السين، وهي لا تُحرَّكُ أبدًا) انتهى
وقال أبو حيَّان في " بحره "، عند قوله تعالَى: {ذَلِك تأويلُ ما لمْ تَسْطِعْ عَليهِ صَبْرًا} الكهف.
(و {تَسْطِعْ}: مضارع: اسطاع، بهمزة الوصل.
قال ابن السكيت: يقال ما استطيع، وما اسطيع، وما استتيع، واستيع، أربع لغات.
وأصل اسطاع: استطاع، على وزن استفعل، فالمحذوف في " اسطاع " تاء الافتعال، لوجود الطاء التي هي أصل، ولا حاجة تدعو إلى أن المحذوف هي الطاء، التي هي فاء الفعل، ثم أبدلوا من تاء الافتعال طاءً.
وأما " استتيع "، ففيه أنهم أبدلوا من الطاء تاء، وينبغي في " تستيع " أن يكون المحذوف تاء الافتعال كما في " تسطيع ") انتهى
والله أعلم
بقي النظر في كلمة " لِيَهْنك "
قد أعيتْني هذه الكلمة، وبحثتُ عن تخريج كسرة النون فيها، فلم أوفَّق.
وقد قلتُ: " كسرة النون "، أي: يَهْنِكَ "، لأنني وجدتها مضبوطة بالكسرة في الحديث النبوي المتضمِّن فضل آية الكرسي، حيث جاء في نهايته:
(لِيَهْنِكَ العِلمُ أبا المنذر)
وسمعتُها من أحد مشايخي، يَلفِظها: بكسر النون.
ولم أجدها مفتوحة إلاَّ في إحدى نُسخ: " صحيح مسلم "
وبدون ضبط في " رياض الصالحين "، في النسخة التي بين يديَّ
وضُبطَت بكسرة مشدَّدة في كتاب " الترغيب والترهيب "، وهو ضبط فيه نظر.
غير أني أميل إلى ضبطها بالفتح، حيث ورد الفعل: هَنَأَ مهموزًا، وورد بدون همز.
فإذا كان مهموزًا، فالأمر ظاهر، لِيَهْنِئْك، أو: لِيَهنِيك، على الإبدال.
وإذا كان بغير همز، فهو من: هَنِيَ يَهْنَى، على وزن: بَقِيَ يَبقَى
فعند جزمه، يُحذف حرف العلَّة، فيصبح: لِيَهْنَكَ، أو لِيَهْنَكِ، كما في البيت المذكور، والله أعلم.
جاء في " اللسان ":
(وهَنَأَني الطَّعامُ، وهَنَأَ لي: يَهْنِئُني، ويَهْنَؤُني هَنْئًا وهِنْئًا، ولا نظير في المهموز)
ثمَّ قال:
(والتَّهْنِئةُ: خلاف التَّعْزِية. يقال: هَنأَهُ بالأَمْرِ والولاية هَنْأً، وهَنَّأَه تَهْنِئةً وتَهْنِيئًا، إِذا قلت له: ليَهْنِئْكَ.
والعرب تقول: ليَهْنِئْكَ الفارِسُ، بجزم الهمزة، وليَهْنِيكَ الفارِسُ، بياءٍ ساكنة، ولا يجوز: ليَهْنِكَ، كما تقول العامة) انتهى
ثمَّ قال:
(ولغة أُخرى: هَنِيَ يَهْنَى، بلا همز) انتهى
أستاذي الكريم: حقيقةً، أشكرك جزيل الشكر، على هذه اللمحة الرائعة للفظ الكلمة، وهذا الانتباه الواعي للمعنَى، حيث جعلتَني أغوص في معانٍ لم تخطر على ذهني سابقًا، فجزاك الله خير الجزاء.
مع عاطر التحايا
ـ[أبو باسل]ــــــــ[14 - 03 - 2005, 09:19 م]ـ
شكرا على تواصلك الرائع
فلكم أحب وأسعد حين تمتعني بإجاباتك المنظمة الوافية
حفظك الله
ـ[لحارث بن حلزة]ــــــــ[15 - 03 - 2005, 12:01 ص]ـ
شكرا يااستاذ حازم على هذه الفايدة
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[16 - 03 - 2005, 03:04 ص]ـ
كلان سيدنا الخضر يستثقل ويستبعد صبر سيدنا موسى فجاء بها القرآن على لسانه كاملة "لن تستطيع معي صبرا" ليساعد المبنى على ما يحمله من معنى استبعاد الصبر، وخصوصا أنها منصوبة فيلزم إبقاء الياء.
أما عندما ضيع سيدنا موسى الفرص الثلاث، وانتهى الأمر، وبين الخضر علل تصرفاته الثلاث، صار المقام مقام اختصار، فكانت الحكمة تقتضي الاختصار، لهذا تم حذف تاء استطاع فقال سبحانه على لسان الخضر "ذَلِك تأويلُ ما لمْ تَسْطِعْ عَليهِ صَبْرًا"،
وزيادة على ذلك أنها هنا جاءت مجزومة فأوجبت حذف الياء. فكان المحذوف حرفان التاء والياء للاختصار، وخير ما يستأنس به على ذلك دخوله سبحانه مباشرة في قصة ذي القرنين.
والله أعلم
غفر الله لي ذنبي