تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(شرح مشكلات الوسيط) (6): إنّه لا يقبل ما تفرد به. وكانَ علة ذلك (7) ما ذكره في أول كتابه من أنّه ينقل عن العرب الذين سمع منهم، فإنّ زمانه كانت اللغة (8) فيه فَسَدَت. وأمّا صاحب (العباب) (9) فإنّه قلَّد صاحب (الصحاح) فنسخ كلامه. وأمّا ابن الأنباري فليس كتابه موضوعاً لتفسير الألفاظ المسوعة من العرب بل وَضْعُهُ أنْ يتكلم على ما يجري من محاورات الناس، وقد يكون تفسيره له على تقدير (10) أنْ يكون عربيًّا، فإنّه لم يصرح بأنّه عربيّ. وكذلك لا أعلم أحداً من النحاة تكلّم عليها غيره. ولخص أبو حيان في (الارتشاف) أشياء من كلامه، ووهم فيها (11). فإنّه ذكر أنّ الكوفيين قالوا: إنّ (جرّاً) مصدر، والبصريون قالوا: إنّه حال. وهذا يقتضي أنّ الفريقين تكلموا في إعراب ذلك، وليس كذلك، وإنّما قال أبو بكر: إنّ قياس إعرابه على قواعد البصريين أنْ يُقال: إنه حال، وعلى قواعد الكوفيين أنْ يُقال: إنّه مصدر. هذا معنى كلامه، وهذا هو الذي فهمه أبو القاسم الزجّاجي (1). وردَّ عليه فقال: البصريون لا يوجبون في نحو: (ركضاً) من قولك: (جاء زيدٌ ركضاً) أنْ يكون مفعولاً مطلقاً بل يجيزون أن يكون التقدير: جاء زيدٌ يركض ركضاً. فلذلك (2) يجوز على قياس قولهم أن يكون التقدير: هَلُمَّ تجرّوا (3) جرّاً. انتهى. ثم قول أبي بكر: (معناه: سيروا على هَيْنتكم، أي تَثَبَّتوا (4) في سيركم ولا تجهدوا أنفسكم) معترض من وجهين: أحدهما: أنّ فيه إثبات معنى (5) لم يثبته لها أحد: الثاني: أنّ هذا التفسير لا ينطبق على المراد بهذا التركيب، فإنّه إنّما يراد به استمرار ما ذكر قبله من الحكم، ولهذا (6) قال صاحب (الصحاح): (وهَلُمَّ جرّاً إلا الآن). وقول أبي حيّان: (معناه: تعال على هينتك) عليه أيضاً اعتراضان: أحدهما: أنّه تفسير لا ينطبق على المراد. الثاني: في إفراده (تعال) مع أنّه خطاب للجماعة، وكأنّه توهم (تعال) اسم فعل (7)، واسم الفعل لا تلحقه ضمائر الرفع البارزة. وقد توهم ذلك بعض النحويين (1) فيها وفي (هات)، والصواب أنّهما فعلان بدليل الآية، وهي (2) قوله تعالى: ' قُلْ هاتوا برهانكم ' (3)، وقول الشاعر: إذا قلتُ هاتي نَوِّليني تمايَلَتْ (4) وقوله: (هَلُمَّ بمعنى جرّوا) (5) منقول من كلام ابن الأنباري، وهو خطأ منه انتقده عليه الزجاجي في (مختصره) وقال: (لم يقلْ أحدٌ إنّ (هَلُمَّ) في معنى جرّوا) (6). وفيه دليل على ما قدَّمته من أنّ الإعرابين المذكورين لم يقلهما البصريون ولا الكوفيون، وإنّما قالهما ابن الأنباري قياساً على قولهما: (جاء زيدٌ ركضاً). وتقدير البيت الأَول: فإنْ تجاوزت أرضاً (7) مقفرة، أيْ: ليس بها أنيس، رمت بي تلك الأرض المقفرة إلى أخرى مقفرة كتلك الأرض المقفرة. وجواب الشرط إمّا (رمت بي) أو في البيت بعده إنْ كانت (رمت) صفة ل (مقفرة) (8). وأمّا البيتان الآخران فمعناهما الثناء على قوم بالكرم والسيادة، والعرب تمدح بالإطعام في الشتاء لأنّه زمنٌ يقلُّ فيه الطعام ويكثر الأكل لاحتباس الحرارة في الباطن. والسَدائف: جمع سديفة (9) وهي مفعول المطعمين (10)، ومعناها: شرائح (11) سنام البعير المُقَطَّع وغيره مما غلب عليه السمن. وقوله: (مل نيب) أصله من النيب، جمع ناب: وهي الناقة، سُمِّيت بذلك لأنّها (1) يستدل على عمرها بنابها. وحُذِف نون (2) (من) لأنّه أراد التخفيف حين التقى المتقاربان، وهما النون واللام، لتعذر (3) الإدغام لأنّ اللام ساكنة. ونظيره قولهم في بني الحارث: بلحارث، وهو شاذ (4)، والذي في البيت أشذُّ منه لأنّ شرط هذا الحذف أن لا تكون اللام مدغمة فيما بعدها فلا يُقال في بني النجار وبني النَّضير (5): بنجار وبنضير (6). وعلَّل (7) ابن جني ذلك بكراهة توالي الإعلالين، فإنّ اللام قد أُعِلَّت بإدغامها فيما بعدها، فمتى أُعِلَّت النون التي قبلها بالحذف توالى الإعلالان (8). وقد يُردّ بأنّ ذلك إنّما يُتجنب في الكلمة الواحدة، ويُجابُ بأنَّ كلاًّ من المتضايفين والجار والمجرور كالكلمة الواحدة وأُعطيا (9) حكمهما. وقوله: (

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير