تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل نتصور أحدا من المتكلمين يتلفظ بكلمة"يد"فعلبا مجردة من كل سياق أو مناسبة أي غير مسبوقة بكلمات أخرى ولا متبوعة بكلمات اخرى ومن غير ان يكون هناك معهود بين المتكلمين أو احالة مرجعية معينة ... هذا التقدير لا يمكن ان يوجد فى الواقع ... لأن المعهود فى كلام الناس انهم يبنون كلاما على كلام ... ويبنون كلاما على مقام .. وكل كلمة لا يعقل معناها الا إذا حملت على سياقها ومناسبتها .. ويمكن تشبيه الكلمة بالإسفنجة الفارغة التى تمتلىء تدريجيا بمرورها على الاشياء المبتلة ... الا ترى مثلا ان كلمة "رأس"فى سياق-أى فى جملة-"رأس الانسان"تعنى: الطرفية والاستدارة (شكل الراس) والصلابة (صلابة الجمجمة) والاحتواء (تحتوى على المخ) والتجوف الخ الخ .... ولكن انظر الى كلمة "رأس "فى سياق-أى فى جملة-"رأس الخيط"اين هو معنى الصلابة والتجويف .. والاحتواء .. لقد اختفت ولم يبق من المعانى السابقة الا معنى الطرفية ... فلما جردنا كلمة "رأس " عن كلمة "انسان" جردناها فى الوقت نفسه عن كل معانى الصلابة والاحتواء .. ولما اضفناها الى كلمة "خيط"اكتسبت معاني جديدة مثل الرخاوة .. والابتدائية. والاتصالية الخ الخ ... ولو اضفناها الى "جبل" مثلا لاصبح من معانيها الارتفاعية .. والعمودية ولو اضفناها الى نهر لاصبح من معانيها الحركية والافقية والامتدادية والسيولةالخ الخ ..

اما اصحاب علم الكلام المذموم فإنهم تحت تأثير النزعة المنطقية حاولوا ان يتصوروا كلمة ذات معنى مطلق غير مقيد لا بمتكلم ولا ظرف ولا سياق .. ففى مثالنا السابق حاولوا ان يجدوا معنى لكلمة "راس "دون اضافتها الى غيرها .. وهذا محال .. وحتى لو استطاعوا لحصلوا فقط على معنى ذهنى .. لا يمكن ان ينطبق على شىء خارجي .. -رحم الله شيخ الاسلام ما كان ابصره بعيوب المنطق -

ولنعد الان الى سؤالنا الاول: هل تعنى "اليد" الجارحة؟

فنقول وبالله التوفيق: "يد" مجردة من كل تعيين لا توجد الافى الذهن ... او هي لغو كما كان يقول ابن القيم - رحمه الله- و"يد " فى كلام الناس تعنى معانى كثيرة ومختلفة بحسب سياقها:

"يد الطفل"=راحة بخمسة اصابع مع اظافروعصب ولحم وبصمات الخ الخ ...

"يد الابريق"=انحناء من زجاج او من المنيوم (حسب نوع الابريق) ملتصق بجانب الابريق ويسمح بحمل الابريق (قارن بين يد الطفل التي هي آخذة ويد الابريق التى هى مأخوذة)

"يد الموت" امر معنوى مضاف الى امر معنوى ويفيد القوة أو التحكم بحسب مراد المتكلم المستعمل لهذا التعبير

"يد الله"يد مضافة الى الله .... تليق بالله .... فالطفل المكون من لحم وعظم تليق به يد من لحم وعظم ... والابريق الزجاجى يليق به يد من زجاج

والموت المعنوى تليق به يد معنوية ... والله -سبحانه وتعالى-لا ندرى كيفيته ولذلك لا ندري كيفية اليد المنسوبة له ... ولكنه قطعا له يد الهية تناسبه

ولم نقل ذلك من عندنا ولكن الله تعالى قال "بل يداه مبسوطتان" .. اما القول بانهما جارحتان او من لحم او لهما اظافر .. فهذا تزوير وتحريف لانك فهمت الجملة السابقة وكانها تتحدث عنك .. وتناسيت انها تتحدث عن الله سبحانه ... واذا زعمت انك لا تفهم اليد الا وهي من لحم ودم .. فنقول لك انك لا تفهم اللغة الانسانية ... فقد اثبتنا لك ان الكلمة تاخذ معناها من سياقها فقط ... وانت خلطت بين المطلق والمقيد ... فاطلقت "يد" ولم تفهمها الا وهى مقيدة بانسان ...

ولهذه المسالة ارتباط بقضية المجاز ... وسنعمل بحول الله على توضيحها

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[07 - 02 - 2003, 01:17 ص]ـ

اعلم ان النافى ليس عليه دليل ... والدليل على المثبت ... وفى مسألتنا هذه ... على مثبت المجاز فى اللغة ان يقدم الدليل على وجوده ..

وللحقيقة اقول ما وجدت لأهل الاثبات تعريفا للمجاز سالما من الطعون .. وارجو من الاخوان الذين سيشاركون معنا فى الحوار .. ان يبدؤوا من تعريف المجاز ... لان الكلام عن الشيء فرع عن تصوره ..

مثلا: التعريف الشائع: المجاز هو الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له ...

هذا التعريف يقوم على أمر مجهول وهو الوضع ... متى تم هذا الوضع؟

ومن قام بالوضع؟ وما الدليل على ان "السبع"وضع للحيوان اولا .. ثم استعمل فى "الشجاع الآدمي" بعد ذلك؟ وماذا لو ادعينا العكس فقلنا

وضع لفظ" الاسد "للإنسان الشجاع فلما راى المستعمل حيوانا شجاعا سماه اسدا؟ ذاك ليس اولى بهذا ....

على كل حال نظرية المجاز لا تقوم الا على افتراض الوضع السابق .. فاذا كان امر الوضع غامضا كان المجاز مرهونا بغامض فلا يتصور ...

وانا انتظر ردود الاخوة .. خاصة من لدن مثبتى المجاز ... ونرجو من الله ان يثبتنا على الحق

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير