[العقل المستعار - (منقول)]
ـ[المستعار]ــــــــ[28 - 07 - 2002, 02:15 م]ـ
العقل المستعار
بحث في إشكالية المنهج
في النقد الأدبي العربي الحديث
المنهج النفسي أنموذجاً
د. صالح بن سعيد الزهراني
الأستاذ المشارك في كلية اللغة العربية - جامعة أم القرى
ملخص البحث
تهدف هذه الورقة إلى البحث في قضية المثاقفة بين الثقافة العربية والثقافة الغربيّة المعاصرة وذلك من خلال التركيز على الثاقفة النقدية، واتخاذ المنهج النفسي أنموذجاً لهذه الثقافة.
وتعرض للمهاد الفلسفي والمعرفي الذي تأسس عليه المنهج النفسي في نقد الأدب وتؤكد أنه منهج له سياقه الثقافي الخاص به، وتكشف عن محاسن هذا المنهج وعيوبه التصورية والإجرائية، كما تكشف عن أن المنهج النقدي بوصفه البستمولوجيا لا يمكن فصله عن فلسفته التي نشأ في ظلالها.
وترى أن المثاقفة الحقيقية يجب أن تكون مثاقفة راشدة تبحث عن الحكمة وتستلهمها ولا تستنسخها كيفما اتفق.
الثقافة العربية والمثاقفة
" المثاقفة " بين الأمم، ضرورة تفرضها الرغبة في التأثير والتأثر بحثاً عن الحكمة، واسترشاداً بالرؤى النيرة، والأفكار الخلاّقة من أجل تشييد بنية ثقافية متماسكة، وواعية بذاتها، وعارفة ما لدى الآخرين من منجزات وأفكار يمكن توظيفها، أو رفع المناعة ضدها، لما لها من أثر في سلب الهويّة، وطمس معالم الخصوصيّة.
وبمقتضى الطبيعة البشرية المبنية على النقص، وعلى حبّ البحث عن الجديد، ومعرفة الآخر قامت الثقافات البشرية على " المثاقفة " فأثرت وتأثرت، واختلفت درجات ذلك التأثير والتأثر باختلاف الرصيد الحضاري، والشعور بقيمة الذات والحفاظ عليها، فذابت ثقافات في نسيج ثقافات غالبة، وفقدت هويتها، كما حدث مع غالب ثقافات العالم الثالث، ونجحت ثقافات أخرى في المثاقفة، عندما قامت على أسس محكمة، كما تحقق للثقافة اليابانية، والثقافة الكونفوشوسيّة في الصين عندما تثاقفت مع " ثقافة الغرب ".
وهذه الورقة معنيّة بالبحث في " المثاقفة " بين الثقافة العربيّة والثقافة الغربيّة مع التركيز على المثاقفة النقديّة عبر تحوّلاتها العديدة وتقديم " المنهج النفسي " في النقد الأدبي أنموذجاً لهذه المثاقفة.
وقد عرضت الورقة لماهية الثقافة، وأبرزت حرص ديننا الإسلامي على البحث عن الحكمة، ودعوته للمثاقفة الراشدة. وعرّفت المثاقفة، مع سرد موجز لتاريخ المثاقفة في الثقافة العربيّة، مع الثقافات الأخرى ابتداءً بحركة الترجمة على يدي خالد بن يزيد بن معاوية في القرن الهجري الأول، ومروراً بمرحلة الازدهار على يدي الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد. ثمّ بما حدّث بعد ذلك في حالات الشقاق السياسي والدويلات المتناحرة في القرن الرابع، وأوضحت طبيعة تلك المثاقفة، وما تركته من آثار في تراثنا الثقافي.
وكشفت عمّا آل إليه المشهد الثقافي في " مثاقفتنا الجديدة " مع الغرب عقب دخول الحملة الفرنسيّة إلى مصر عام 1798 م، وكيف انقسم الواقع الثقافي إلى فئتين متنابذتين؟، وكيف غذّى الوسط الاجتماعي هذا الانقسام، وساعد على نشوء كثير من تشوهاته؟.
وحين عرضت " للمثاقفة " النقديّة المعاصرة مع الغرب منذ منتصف القرن العشرين الميلادي، باعتبارها شريحة تكشف طبيعة مثاقفتنا مع الغرب كشفت على وجه الإجمال عن تحوّلات المناهج النقدية ابتداءً بمناهج الحتمية العلميّة، وانتهاء بمناهج النقد النسائي والنقد الثقافي، وأبرزت تحيّز هذه المناهج إلى سياقها الفكري والتاريخي، وما حدث من اضطراب وخلط في تطبيق تلك المناهج على أدب مغاير له سياقه الفكري والتاريخي المغاير، مع الإشارة إلى ما حققته تلك المناهج من كشوفات في تفتيق النّص وإن أساءت إلى روح الثقافة العربيّة، ورصيدها الحضاري، بحسب تعبير بعض النقّاد
¥