[سلسلة: الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم]
ـ[معلم لغة عربية]ــــــــ[28 - 10 - 2004, 03:19 ص]ـ
كتب الله لهذه اللغة العظيمة الخلود وذلك بخلود كتاب الله
وحفظ الله هذه اللغة بِحفْظه لكتاب الله
ويكفي هذه اللغة شرفا أنْ اختار الله هذه اللغة لغة لكلامه وكتابه
فما أعظمه من شرف
وما أجلّها من مكانة
ولقد تحدّى الله بكتابه فصاحة العرب وأعْجزهم ببيان تلك اللغة
ونحن في هذه السلسلة نحاول أن نسْتعرض بمُقْتطفات سريعة: الإعجاز اللغوي في القرآن
حتى يتسنى لنا فِهْم واكتشاف جواهر تلك اللغة في كتاب ربنا عز وجل
ونبْدأ هذه السلسلة بقوله تعالى:
قال تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا)
جاءت هذه الآيات في سياق الحديث عن قصة ذي القرنين وبنائه للسد أمام قوم يأجوج ومأجوج.
وفي هذه الآية إعجاز لغوي في أسلوب القرآن:
فلقد عبّر القرآن الكريم عن عجز قوم يأجوج ومأجوج عن تسلّق هذا الجدار بقوله:
(فما اسطاعوا أن يظهروه) وذلك بحذف التاء من الفعل
وعبّر عن عجزهم عن هدم الجدار ونقضه بقوله: (وما استطاعوا له نقبا)
وذلك بإثبات التاء في الفعل
والسؤال: لماذا حذفت التاء في المرة الأولى (فما اسطاعوا)
وأثبتت في المرة الثانية (استطاعوا)؟
الجواب: إن حذف حرف من كلمة أو إثباته أمر مقصود لحكمة باهرة يتفق مع السياق
والمعنى الذي يقرره …
فحذف التاء من الفعل الأول (اسطاعوا) يتفق مع المعنى الذي تقرره الآية ..
أي ما اسطاع أفراد يأجوج ومأجوج من تسلّق جدار السد الأملس ا, وبما أن تسلق الجدار يحتاج إلى خفة ومهارة جاء الفعل (اسطاعوا) مساهما في هذه الخفة ومخففا من أحد حروفه ..
وفي الفعل الثاني (استطاعوا له نقبا) أي لا يستطيعون هدمه ونقضه ..
وبما أن فعل الهدم والنقض يحتاج إلى جهد وتحمل ومشقة ويحتاج إلى وقت طويل في
عملية الهدم ولهذه الأثقال المادية والزمانية والمكانية التي تقررها الآية جاء الفعل في
الآية (استطاعوا) مساهما فيها ومشاركا في الثقل التركيبي عن طريق زيادة الحروف.
كانت تلك لمحة سريعة من لمحات الإعجاز اللغوي في القرآن
وإلى لقاء آخر قريب بمشيئة الله تعالى
مع سلسلة: الإعجاز اللغوي في القرآن
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[28 - 10 - 2004, 11:49 م]ـ
الأخ الفاضل معلم اللغة العربية
إن الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم عنوان كبير له معان عظيمة ودلالات عميقة
أتمنى لك التوفيق في هذه السلسلة، أرجو أن تستمر لنثبتها ولعلي أشارك معك فيها بين حين وآخر إن أذنت
وفقك الله وجعله في موازينك
ـ[معلم لغة عربية]ــــــــ[04 - 11 - 2004, 12:08 ص]ـ
إذا نظرنا في سورة الكهف وفي قصة موسى مع الخضر – عليهما السلام - فسوف نقف على (تاء) محذوفة للتخفيف وهي تشير إلى لطيفة لغوية جميلة في القرآن.
فعندما قابل موسى الخضر عليهما السلام وعرض عليه أن يتبعه ليتعلم منه , أخبره الخضر أنه لا يستطيع أن يصبر معه لأنه سيفاجأ بأشياء وأحداث لن يصبر عليها
ووعده موسى أن يصبر ولا يعصى له أمرا وطلب منه الخضر أن لا يعترض على أي شيء يراه وأن لا يسأله عن شيء …. واتفقا وانطلقا. . فحدث في الرحلة:
أن خرق الخضر السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار
وكان موسى -عليه السلام - يعترض في كل مرة على فعل الخضر, والخضر يذكّره بوعده , وفي نهاية الرحلة افترق موسى والخضر وقبل افتراقهما قال له الخضر:
(هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) وبيّن له حقيقة الأحداث الثلاثة:
خرق السفينة و قتل الغلام وبناء الجدار
وختم بقوله: (ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا)
فنلاحظ أن " التاء " موجودة في الفعل (تستطع)
في الآية الأولى بينما التاء محذوفة في المرة الثانية
(ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا)
والسؤال هنا: لماذا أثبتت التاء في الآية الأولى
وحذفت من الآية الثانية؟
لقد شاهد موسى عليه السلام من الخضر ثلاثة أفعال
وهي غريبة وغير مقبولة في الظاهر وتدعو إلى الإنكار
فوقع موسى في حيرة في تأويل هذه الأحداث وكأنه صار
في هم وشعور نفسي ثقيل فأثبتت التاء مع الفعل في الآية الأولى لتناسب هذا الثقل النفسي ..
ولكن وبعدما علّل الخضر لموسى عليهما السلام حقيقة الأحداث عرف موسى وجه الصواب في تَصَرُّف الخضر
فزال هذا الثقل النفسي فحذفت التاء من الفعل (تسطع)
لتشارك التخفيف النفسي
وإلى لقاء آخر ومع معجزة لغوية جديدة
ـ[أبو سارة]ــــــــ[04 - 11 - 2004, 07:50 م]ـ
شكرا لك أخي الكريم
وبما أن الشيء بالشيء يذكر
عندنا في الكويت جزيرة اسمها (فيلكا) كان بها قبر يتجه إليه بعض الجهلة للتبرك به ويزعمون أنه قبر الخضر!
وسمعت أن أحد الصالحين قام بطمس هذا القبر ومنع الناس من زيارته، فاصبح أثرا بعد عين0
والله تعالى أعلم وأحكم0
ـ[معلم لغة عربية]ــــــــ[26 - 11 - 2004, 11:10 م]ـ
وما زلنا في استكمال عجائب هذا الكتاب
كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
تنزيل من حكيم حميد
وإليكم: من لطائف القرآن:
قال الله تعالى في سورة العنكبوت:
{فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما}.
لماذا جاء تفسير العدد أولاً بـ " سنة ": ألف سنة ..
وجاء تفسير العدد ثانيا بـ " عام ": خمسين عاما؟
الجواب: من وجهين:
الأول: خولف بين اللفظين استثقالاً لتكرير لفظ واحد بمعنى واحد.
الثاني: إن العرب تعبّر عن سنة القحط التي تصيبهم فيها الشدائد بالسنة، يقولون: أصابتنا سَنة، فلما كان عٌمْرُ نوح عليه السلام مشتملاً على ما قاساه من أذى قومه، وشدائد تعذيبهم له، وصَبْرِه عليهم حسُن تفسير عمره بالسنة، وأما بالنسبة للخمسين عاماً الناقصة من الألف فإنه لم يكن فيها شيء من الأذى والشدائد، ففسّر عددها بالعام، وهو لطيف حسن
ولنا لقاء آخر بمشيئة الله تعالى ..