تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[النداء]

ـ[الأحمر]ــــــــ[22 - 11 - 2002, 01:36 ص]ـ

النداء هو طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو أو أنادي. ولذا غلب أن يلي النداء أمر أو نهي " يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً " " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " وقد تحذف أداة النداء " يوسف أيها الصديق ".

وينادى الرب مجرداً من أحرف النداء في الغالب لكون ذلك تعبيراً عن شعور الداعي بقربه من ربه .. وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى " وقد سبق نداء الرب بحرف النداء في " وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون " وذلك للدلالة على الحالة النفسية عندما دعاهم لله بكل جد فلم يزدهم ذلك إلا تمادياً في الضلال. ولم يقتصر طلب الإقبال على الحي العاقل وحده وإنما نودي الغائب والحبيبة التى أخبروا عن إيغالها في الرحلة وورود ذلك في الشعر العربي بكثرة والغرض من هذا هو التعبير عن البواعث المشوقة إلي استحضار الحبيبة والحديث إليها وكذلك نودي غير العاقل الحي من الطيور والابل والوحوش وغيرها كما نوديت مشاهد الطبيعة من برق وسحاب وقمر وشجر وشمس كما نوديت القبور والصحاري والأطلال والديار والجبال ونوديت أيضاً أحوال النفس وعواطفها من حب وبغض وحسرة ولذة وندم " يا حسرة على العباد " ونودي في القرآن الأرض والسماء " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي " ونوديت النار " يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " ونودي الويل " قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً " " يا جبال أوبي معه "

" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية "

أيتها النفس أجملي جزعاً

### إن الذي تحذرين قد وقعا

أيا شجر الخابور مالك مورقاً

### كأنك لم تجزع على ابن طريف

أيا جبلي نعمان بالله خليا

### نسيم الصبا يخلص إلى نسيمها

ووراء كل هذه النداءات أسرار ترجع إلى الذوق وأكثر هذه المواقع توجد في السياق المليء بالحس والمواقف المفعمة بشدة الحزن وكأن أداة النداء في مثل هذه الأساليب تمثل صرخة يطلقها الأديب لجذب انتباه السامع. ومما لاحظه العلماء قديماً على " يا " أنها أكثر حروف النداء استعمالاً وأنه لا ينادى اسم الله عز وجل إلا بها. وكذا حين يقتضي السياق جمالاً من التوكيد كاصطحابها لأي المستعملة في الإبهام. و" ها " التى تجيء للتنبيه كقولك يا أيها وهى أكثر أساليب النداء وروداً في القرآن وذلك لأهمية المقاصد والأغراض التى نودي الناس ليسمعوها. ومن نداء القبر قول ابن مضير

أيا قبر معن كيف أول حفرة

### من الأرض خطت للسماحة مضجعاً

ويا قبر معن كيف واريت جوده

### ولو كان حياً ضقت حتى تصدعا

فهذا نداء ذهول حسّن مذاق الكلام وأبان عن قلب أثقله الكرب حتى صار ينادي ما لا ينادى ويسأل من لا يجيب لأن حدود الأشياء قد غابت عن رؤيته

لشدة الحزن ومن نداء الميت قول الشاعر

أعدّاءُ من لليعملات على الوجى

### وأضياف ليل بينو النزول

أعدّاء ما للعيش بعدك لذة

### ولا لخليل بهمة بخليل

فشدة توجع الشاعر هنا أذهلته فأخذ في نداء الميت وبكائه بحرف الهمزة التي لنداء القريب مع بعد ما بينه وبين المنادى لموته ولكنه جعله قريباً من نفسه نظراً لإحساسه وشدة تعلقه به وقد استطاب الشاعر هذا النداء وكرره ليدلل على لزوم توجعه وشدة عنائه ومن نداء البرق قول أبي العلاء:

فيا برق ليس الكرخ وارى وإنما

### رماني إليه الدهر منذ ليالي

فهل فيك من ماء المعرة قطرة

### تغيث بها ظمآن ليس بسال

فحنينه وإحساسه بالغربة كان قوياً مما جعله ينادى البرق ويتحدث إليه بهذه الأوجاع. ومخاطبة هذه الأشياء وما يماثلها يراد به الاندماج في الأشياء التي لا تجيب النداء والاقتراب منها، وبث الروح الانسانية فيها لتتوفر لها المشاركة والاحساسات بما يحسه الشاعر من مشاعر مختلفة فهو يحاول إضفاء صورة الحياة في تصوره على من حوله ومخاطبتها فتبكي لأوجاعه وتحن لحنينه وتسمع أسس عواطفه واختلاجاته.

ومن خواص النداء:-

أن حرف النداء قد يدخل على الفعل " ألا يسجدوا لله " وقد يدخل على الحرف " يا ليتني كنت تراباً " وقال صلي الله عليه وسلم " يا رب كاسية في الدنيا عارية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير