تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المشاكلة]

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[20 - 07 - 2004, 12:41 ص]ـ

[المشاكلة]

من فنون البديع المعنوية

المشاكلة: هي أن يستعير المتكلّم لشيء لفظاً لايصح اطلاقه على المستعار له إلاّ مجازاً، وانما يستعير له هذا اللفظ لوقوعه في سياق ما يصح له، كقوله تعالى: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) (15) فإن الله تعالى لا نفس له، وإنما عبّر بها للمشاكلة

وكقوله:

قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبة وقميصاً

أي: خيّطوا لي جبّة وقميصاً، فأبدل الخياطة بلفظ الطبخ لوقوعها في سياق طبخ الطعام

من يأتي بأمثلة أخرى؟؟؟

ـ[سامح]ــــــــ[01 - 08 - 2004, 03:25 ص]ـ

أهلاً بك أستاذة أنوار

وموضوع متميز .. وفن بديعي رائق

من المشاكلة قول الله تعالى ((وجزاء سيئة سيئة مثلها))

لأن تسمية الجزاء بالسيئة جاء لوقوعه في صحبة السيئة الأولى

وإلا فالسيئة قصاص لكن المسوغ (وقوعه في صحبة السيئة

الأولى.

ومنه قوله تعالى ((فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدى

عليكم))

قوله (اعتدوا) أي جازوه على اعتدائه , ولكنه تعالى - عبر عن

المجازة بالاعتداء؛ لأنه سببها وقد سوغت هذه (السببية) أن

تقيم الاعتداء مقام مايترتب عليه وتنيبه عنه في الدلالة , ووراء

هذا المجاز إبراز لقوة السببية بين الاعتداء وجزائه وأنه (الجزاء)

ويجب أن يكون نتيجة ومحصلة لازمة للعتداء فهو لايتخلف عنه

وكأن هذه الفاء أيضاً مشعرة بسرعة المكافحة وضرورة الترتب

وليس هذا الذي أشي إليه متناقضاً مع الدعوة إلى العفو والحث عليه

لأن المقام في الآية الكريمة ليس مقام تسامح؛ لأنه يحدد الموقف

بين المسلمين وغير المسلمين وحينئذ لاعفو ولاتسامح حتى

تظهر الشوكة والغلبة.

ومنه قول عمرو بن كلثوم:

ألا لايجهلن أحد علينا / فنجهل فوق جهل الجاهلينا

عبر الشاعر بقوله (نجهل) عن جزاء الجهل عليهم؛ لأنه سببه

وفي هذا التعبير إشارة حاسمة من الشاعر إلى أن الجهل

عليهم إنما هو جهل على من جهل؛ لأن الجزاء لايتخلف عنه

بل إنه سيجد عندهم جهلاً فوق الجهل , والشاعر هنا يتخطى

حدود العدل ولكن الآية الكريمة وهي تحظ على مواجهة أعداء

الحق الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم تلتزم بمنطق العدل ,

فتقيد الاعتداء الثاني بالمثل ويعقبه الأمر بالتقوى بمفهومه

الفسيح الذي يشمل العدل والالتزام كما يشمل الصلابة في

المواجهة ودفع الظلامة. (1)

ومنه

هذه الطرفة:

دخل دمشق أعرابي كان جائعاً فرأى حانوتاً فيه حلوى , وجفنة

أرز متوج باللحم والشحم والأفاويه واللوز والفستق وغير ذلك

من المقبلات والمشهيات , فظنه داراً للضيافة شارعة , فدخله

مسلماً وعرف الطباخ الذكي قصده , وأراد مداعبته فقال له:

ألا أسقيك ماءاً مثلجا؟ فرد عليه الأعرابي: بل اسقني رزاً

متوجاً , وكنافة وكربجاً .. ثم قال بعد أن رجع إلى أهله يقص

عليهم خبره:

مررتُ بطباخ بِجِلق عارفٍ / بأسرار طهي الرز واللحم والشحم

فسألته: هل منك مايمسك الحشا / وقد كاد مني الجوع يفتك بالجسم

فقال: ألا أسقيك ماء مثلجا / فقلت: اسقني الرز المتوج باللحم

وإلا اسقنيه كُربُجا وكُنافة / ولاتسقني مليس يُبْنى به عظمي (2)

أتمنى أن أكون قدمتُ شيئاً

بورك فيك ..


(1) التصوير البياني .. د. محمد أبو موسى
(2) البلاغة العربية في ثوبها الجديد (البديع)
.. د. بكري شيخ الأمين

ـ[أبو غازي]ــــــــ[07 - 09 - 2004, 03:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت الكريمة أنوار الأمل جزاها الله خيراً.

أشكرك على طرح هذا (الموضوع) الجميل.

ولكن المثال الذي اخترتيه يا أختي الفاضلة لا يصلح للاستشهاد.

لأنه يمس العقيدة, وأظن أنك أخذت هذا المثال من أحد التفاسير التي لا تسير على منهج السلف الصالح (الصحابة والتابعين وتابعيهم) وأظنك لا تعلمين هذا, فأنت معذورة جزاك الله خيراً.

فلقد قلتِ حفظكِ الله تعالى:" فإن الله تعالى لا نفس له، وإنما عبّر بها للمشاكلة ".

وهذا الكلام غير صحيح فإن الله جل جلاله, له نفس. ولكن لا نُشَبِّهها بأنفس المخلوقين, ولا نكيّفها ولا نمثلها ولا نعطلها. بل نثبتها لله تعالى لأنه أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى:" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي 5/ 73:" ثم إن الله تعرف إلينا بعد إثبات الوحدانية والإقرار بالألوهية, أن ذكر تعالى في كتابه بعد التحقيق, بما بدأ من أسمائه وصفاته, وأكد عليه السلام بقوله فقبلوا منه كقبولهم لأوائل التوحيد من ظاهر لا إله إلا الله, إلى أن قال بإثبات نفسه بالتفصيل من المجمل.

فقال لموسى عليه السلام:" واصطنعتك لنفسي" طه:41.

وقال:" ويحذركم الله نفسه" آل عمران:28.

ولصحة ذلك واستقرار ما جاء به المسيح عليه السلام فقال:" تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك" المائدة 116

وقال عز وجل:" كتب ربكم على نفسه الرحمة" الأنعام 54.

وأكد عليه السلام صحة إثبات ذلك في سنته فقال:" يقول الله عز وجل من ذكرني في نفسه, ذكرته في نفسي". رواه البخاري

وقال:" كتب كتاباً بيده على نفسه: أن رحمتي غلبت غضبي " رواه البخاري ومسلم.

وقال:" سبحان الله رضى نفسه" رواه مسلم.

وفي في محاجة لآدم لموسى:" أنت الذي اصطفاك الله واصطنعك لنفسه" رواه البخاري.

فقد صرّح بظاهر قوله أنه أثبت لنفسه نفساً.
وأثبت له رسوله ذلك.

فعلى من صدّق الله ورسوله اعتقاد ما أخبر به عن نفسه, ويكون ذلك مبنياً على ظاهر قوله:" ليس كمثله شيء"

انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ولو كانت هذه الصفة من باب المشاكلة لأخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفصح الناس وأبلغهم.

وللعلم: فإن الخوض بأسماء الله وصفاته والعبث بها يدخل في باب قوله تعالى:" ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون".
وقوله:" ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته".
وقوله:" فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم"

وصلي اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير