[الأمر]
ـ[الأحمر]ــــــــ[01 - 11 - 2002, 10:03 م]ـ
الأمر: هو طلب فعل غير كف علي جهة الاستعلاء. واحترز بغير الكف عن النهي. واحترز علي جهة الاستعلاء حقيقة أو معني عن الدعاء أو الالتماس.
صيغ الأمر:-
1 - فعل الأمر: قم – اجلس- ذاكر.
2 - اسم فعل الأمر: رويدك – صه.
3 - الفعل المضارع المقترن بلام الأمر: لتذاكر – لتجلس – لتقم.
4 - المصدر النائب عن الفعل: صبرا آل ياسر.
وقد تستعمل صيغة الأمر لغير طلب الفعل استعلاء مما يناسب المقام بحسب القرائن وذلك بألاتكون صيغته لطلب الفعل أصلاً أو تكون لطلبه لكن ليس علي سبيل الاستعلاء.
والعبرة في ذلك ترجع إلي تأمل السياق، لأنه هو الذي تستمد منه الصيغة دلالتها ومن ذلك:-
1 - الإباحة: وتكون في مقام يتوهم السامع فيه خطر شيء عليه لاشتراكها هي والأمر في مطلق الإذن فيدفع التوهم بأنه مباح ولا حرج فيه. كقولهم جالس الحسن أو ابن سيرين. " وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " فالمراد إباحة الأكل والشرب في ليل رمضان حتي طلوع الفجر. وإنما جاءت صيغة الأمر في موضع الإباحة للحث علي السحور وكأنه من الأمور المرغوبة " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " فالأمر هنا للإباحة بعد أن كان ذلك محظوراً لأجل صلاة الجمعة " فإذا حللتم فاصطادوا "
2 - التهديد: ويكون في مقام عدم الرضى بالمأمور به. كقولك لمن شتم إنساناً عالي القدر وقد أدبته. اشتم مخدومك. تقول ذلك له تهديداً له ولا تريد منه أن ينفذ الأمر. " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير " والتهديد في الآية يمكن التعرف عليه من خلال السياق ويبدأ ذلك من " يلحدون في آياتنا " أي ينحرفون عن جهة الصحة في معنى آيات القرآن وهذا يدل على كونهم مستحقين للعذاب وقوله " لا يخفون علينا " فيه مزيد بيان لتهديدهم والتصريح به لأن عدم خفائهم عليه سبحانه يلزمه العلم بانحرافهم وقوله " أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة " فيه إشارة واضحة إلى التعرض للعذاب الموجع كما أن في الاستفهام إنكاراً وتقريراً وتجهيلاً وتهديداً واستخفافاً كما أن بناء " يلقى " للمجهول يشير إلى أنه يخطف من حيث لا يدري وفي التعبير بالإلقاء إيحاء بالنبذ والطرح وتقابل هذه الصورة المشينة صورة من يأتي آمنا فتتلقاه الملائكة بالبشر والتكريم وقوله " اعملوا ما شئتم " يدل دلالة واضحة على التهديد خاصة أنه جاء على طريق الالتفات من الغيبة إلى الخطاب الدال على السخط والتوعد ثم تنتقل الآية من هذا الخطاب إلى التفات آخر بالغيبة في قوله " إنه بما تعملون بصير " وفي ذلك انصراف عنهم بعد مخاطبتهم بهذا التهديد وكأنه تعالى يأمرهم على طريق التهديد بأن يفعلوا ما يشاؤون من أنواع الشرور وألوان المعاصي ليوقع بهم أنواعاً من العذاب المؤلم ومن ثم فقد رأينا أن التهديد ينبثق من السياق قبل الوصول إلى صيغة الأمر ويأخذ عدة صور إلى أن يصل إلى قمة ذلك التهديد في قوله " اعملوا " وقد يرد سؤال مضمونه وأين موقع الأمر من هذا في قول الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " والجواب أن " اعملوا ما شئتم " في الحديث على عكس ما في الآية لأن فيه دلالة واضحة على نهاية الرضى والقبول وكأنه سبحانه لشدة حبه ورضاه عن أهل بدر يقول لهم افعلوا ما تشاؤون من الأفعال أياً كانت فكلها مقبولة منهم ومرضي عنه وليس معنى هذا أن الله أباح لهم شيئاً من المحرمات كما أنه ليس المراد أن الله يأمرهم بالشر وهذا كقولك لمن تثق فيه وتحبه لما قدمه نحوك من الخير اعمل ما شئت فأنا لن أغضب منك." قل الله أعبد مخلصاً له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه " " ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا" فالله لا يأمرهم بالكفر لكنه لما علم أنه لا يكون منهم إلا ذلك لأنهم أصحاب جدل أنذرهم بهذا التهديد الدال على أن الله سبحانه لشدة غضبه عليهم كأنه يأمرهم بما يوجب عليهم العقاب " تمتعوا فإن مصيركم إلى النار " ومن ذلك ما مثّل به البلاغيون لهذا الغرض وهو قول السيد لخادمه. اعصني. وهو لا يريد منه المعصية وإنما يهدده وكأن رغبته في الإيقاع به تجعله يطلب منه ما يثير غضبه عليه بصورة أقوى ليكون عقابه أشد لذعاً.
3 - التسخير وتستعمل فيه صيغة الأمر في مقام انقياد المأمور للأمر من غير قدرة له فيه " ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين " فهم لن يكونوا ذلك بأنفسهم وإنما يسخرهم لذلك ففيه دلالة على سرعة التكوين وأنهم منقادون لأمره سبحانه وتعالى.
4 - التمني وتستعمل فيه صيغة الأمر في مقام طلب شيء محبوب لا قدرة للطالب عليه كقول امرئ القيس
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل
### بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فالليل لا يمكن أن ينفذ طلبه بالانجلاء وإنما ورد ذلك من قبيل التمني.
يتبع
¥