[الحمد لله .. أسرار وإعجاز ـ 2]
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[08 - 10 - 2002, 12:30 ص]ـ
لا زلنا نستقصي الدقة القرآنية في اختيار عبارة الحمد لله دون غيرها
إذ قد يبدو ظاهريا أنه يمكن استعمال عبارات أخرى مثل:
... أحمد الله أو نحمد الله أو احمدوا الله ...
فيقال في الرد: إن هذه العبارات إن استعملت لتأثر المعنى المقصود، وقلت القوة المراد له الظهور بها، وفيما يلي تفصيل ذلك عن الجمل المذكورة قبل قليل
ــ هي جمل فعلية، الأولى يتحدث بها الشخص الواحد، والثانية تقولها جماعة من اثنين فأكثر، والثالثة أمر بإتيان فعل الحمد
والجملة الفعلية تدل على الحدوث وتجدد الفعل
أما (الحمد لله) فجملة اسمية والجمل الاسمية تدل على الدوام والثبوت
لذا فمن القواعد المعروفة في اللغة أن الجملة الاسمية أقوى من الجملة الفعلية لأن الأولى تدل على الثبوت، وأيضا لأمور أخرى سنتعرف عليها فيما يلي
ــ الجملة الفعلية تختص بفاعل معين، فالفاعل في الجمل المذكورة أعلاه هو المتكلم المفرد في الأولى، ولكن ماذا عن غيره من الناس؟
وفي الجملة الثانية جماعة المتكلمين والسؤال لازال قائما ماذا عن غيرهم؟
وفي الثالثة الجماعة التي تؤمر بالحمد وأيضا تظل قاصرة
أما الجملة الاسمية فتفيد الحمد على الإطلاق من المتكلم وغيره دون تحديد فاعل معين، ولعلنا نستشهد على ذلك بقوله عز من قائل سبحانه (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
فبالإطلاق الوارد في الجملة الاسمية يحدث الشمول الذي لا يشمل البشر فقط بل يتجاوزهم إلى كل ما في الكون
ــ والجملة الفعلية ترتبط بزمن معين مما يعني أن الحمد لا يحدث في غير هذا الزمن الذي يتم فيه الحمد
وزمن الإنسان زمن محدد معين، يرتبط أو يساوي عمره على أقصى تقدير، فلا يتجاوزه إلى ما بعده ولا يبدأ قبله، فيكون الحمد أقل مما ينبغي بكثير
أما في الجملة الاسمية فالحمد مطلق، مستمد غير منقطع، مناسب بلا نقصان
ــ كما أن الجملة الفعلية لا تفيد أن المفعول مستحق للفعل، فقد نشكر من لا يستحق الشكر، وقد نهجو من لا يستحق الهجو
أما الجملة الاسمية فتفيد استحقاقه للحمد تأكيدا
والجملة الفعلية لا تعني أنه مستحق للحمد لذاته
بينما تفيد الجملة الاسمية أن الحمد والثناء حق لله تعالى، وملك له سبحانه، فهو ثابت له، وهو يستحقه لذاته ولصفاته ولما أنعم من آلائه
ــ وإن كان الفعل للأمر (احمد أو احمدوا) فإن هذا أيضا لا يؤدي المعنى المطلوب، لما هو واضح من أن المأمور قد يفعل ما أمر به دون اقتناع، وإنما خوفا من الآمر أو رغبة في شيءولأن المأمور به لا يكون مستحقا للفعل دوما
ــ والحمد صفة القلب، وهي اعتقاد كون المحمود متفضلا منعما مستحقا للتعظيم والإجلال، فإذا تلفظ الإنسان بالجملة الفعلية ذات الفاعل والزمن المحددين، وكان قلبه غافلا عن معنى التعظيم اللائق كان كاذبا، أما إن تلفظ بالجملة الاسمية فإنه يكون صادقا وإن كان قلبه غافلا لاهيا، لأنها تفيد أن الحمد حق لله، وهذا حاصل سواء أعقل أم غفل
-0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0 - 0
من كتاب لمسات بيانية ـ مع التنسيق ويسير تصرف
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[02 - 05 - 2005, 10:09 م]ـ
كانت تتمة هذا الموضوع مما حذف من المنتدى إبان فقده مدة شهر من الزمان قبل عام تقريبا
وهذه هي أعيدها لتكون بين أيديكم
=============
4 ـ الحمدَ لله
ـ قراءة الحمد بالنصب جائزة على تقدير فعل محذوف، فتكون جملة فعلية
ـ والجملة الفعلية تدل على التجدد والحدوث، بينما تدل الجملة الاسمية على الثبوت، وهو أقوى
ـ والجملة الفعلية تختص بفاعل معين وزمن معين، وفي هذا ما فيه من نقص الدلالة على المعنى المراد كما تقدم في رقم 3
ـ يستوي الأمر إذا قدرنا فعلا مضارعا أو فعلَ أمر، لأن الأمر بالشيء لا يعني أن المأمور به مستحق للفعل، وقد يفعل المأمور ما أمر به دون اقتناع إما لعدم استحقاق من المأمور للفعل، أو لأنه يراه كذلك، فقراءة الرفع (الحمدُ لله) تفيد ثبوت الشيء على جهة الاستحقاق ثباتا دائما، فهي أولى من قراءة النصب في حالي الإخبار (أحمدُ الله ونحمد الله) والأمر (احمد الله واحمدوا الله)
5 ـ حمدا لله
¥