ـ لما هدده اليهود بالقتل بشره بأنه إنما يقبض روحه بالوفاة لا بالقتل. والواو لا تفيد الترتيب ليلزم من الآية موته قبل رفعه
ـ أن فيه تقديما وتأخيرا تقديره: إني رافعك ومتوفيك
أي أنا رافعك الآن إلى السماء ثم متوفيك بقبض الروح من الجسد عند انتهاء أجلك كله، والدليل أن الفعل لم يأت بصيغة الماضي (إني توفيتك) بل بصيغة اسم الفاعل الذي فيه دلالة على زمن قادم هو الوعد بقبض الروح عند انتهاء ما لها من أجل في الحياة وإن طال، والمقصود هو بشارته عليه السلام بنجاته من اليهود ورفعه إلى السماء سالما دون أذى يلحقه
والواو تفيد الجمع والاشتراك ولا تفيد الترتيب، وإن قدمت الكلمة فلمعان أخرى ـ كالبشارة هنا ـ ليس من بينها الترتيب
ـ أن معناه قابضك من الأرض تاما وافيا في أعضائك وجسدك لم ينالوا منك شيئا. من قولهم توفيت حقي على فلان إذا استوفيته تاما وافيا
ـ أن معناه متوفي نفسك بالنوم من قوله تعالى: " والله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها" ورافعك إلي وأنت نائم حي لا تخاف بل تستيقظ وأنت في السماء آمن مقرب
الخلاصة أن المعنى هو: استكمال مدة محددة هي الأولى له في الدنيا، أو الرفع حالة النوم أي الوفاة بالمعنى الثاني، أوالتوفي بمعنى القبض من الأرض والأخذ الوافي أي أخذه كله بجسده وروحُه فيه إلى السماء سليما من أي ضرر
وهذا من جماليات اللغة العربية وسعتها إذ تحمل دلالات متعددة للكلمة ولكنه تعدد من باب التنوع لا التضاد، فالمعاني تصب في معنى موحد في النهاية وإن اختلفت السبل الموصلة إليه كما نجد في هذه الآية الكريمة
فتأمل أيها القارئ في تنزيه القرآن لنبي الله عيسى عليه السلام عن الإصابة بأذى من يتربص به ويريد له الشر، وتأمل في تلك المكانة العلية التي جعله الله فيها وهي الرفع إلى السماء وحفظه للمهمة التي عليه القيام بها في آخر الزمان
ـ[مسلمة]ــــــــ[26 - 04 - 2003, 10:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هنيئاً لك أخانا الكريم الفقير إلى الله اهتمامك بفهم القرآن الكريم
فنبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال " خيركم من تعلم القرآن وعلمه"
ليس لدي ما أقوله من الناحية اللغوية بعد الذي كتبته أختي العزيزة أنوار الأمل
كما أن قدراتي اللغوية متواضعة
أريد أن أقول إن القرآن الكريم يُفهم من كتب التفسير وليس فقط من الناحية اللغوية
وقد قال الله عز وجل عن المسيح عليه السلام:-
) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (النساء:159)
وقد فُسرت الآية الكريمة على أن المسيح عليه السلام رُفع حياً وأنه سيعود في آخر الزمان ليعيد النصارى إلى دين التوحيد - الاسلام- ويكسر الصليب ويقتل الخنزير
وقد جاءت الآية بعد الآيات التي تُثبت بطلان عقيدة النصارى:-
) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (النساء:157)
) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء:158)
والسلام على الجميع