تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[10 - 08 - 2005, 12:46 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..

إن الذي قاله الزمخشري .. موضّح لما بين صيغة (حياة) وصيغة (حيوان).

وإن هذا المصدر (حيوان) يصلح مع الآخرة، ولا يصلح مع الحياة الدنيا، لما في الآخرة من عمق المعنى، وعمق المتعة وتنوّعها، من غير تكرّر.

قال تعالى: " الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " (الزخرف: 69 - 71)، وقال تعالى: " فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (آل عمران: 148)، فجعل ثواب الآخرة موصوفاً بالحسن، ولم يصف به ثواب الدنيا. وقال تعالى: " قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى " (النساء: 77)، فقد فضّلها على الدنيا بأنها خير منها، لأن متاع الدنيا قليل - حجماً ومدّة، وقال تعالى: " فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ " (التوبة: 38)، وقال تعالى: " وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً " (الإسراء: 21)، وقال تعالى: " وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى " (الأعلى: 17) ..

وإن المتأمّل في كتاب الله تعالى، يلاحظ أن تعبير (الحياة الدنيا) ورد في ثمان وستين آية في كتاب الله العزيز، ولم يرد تعبير (الحياة الآخرة) أبداً، مع أن القرآن الكريم يجعل كلمة (الدنيا) مقابلة لـ (الآخرة). ثم يلاحظ أيضاً أن تعبير (الدار الآخرة) ورد في تسع آيات من القرآن الكريم، ولم يرد تعبير (الدار الدنيا) أبداً. فهل لهذا من دلالة؟

نقول - والله أعلم - إن الحياة هي النمو والدوام والبقاء ما شاء الله عزّ وجلّ للمرء أن يدوم ويبقى في هذه الدنيا، ثم يتبعها الموت. فالحياة كلمة تقابل الموت، والموت ضدّ الحياة. فالحياة مهما طالت، فإن لها نهاية محتومة ستأتي يوماً ما. ولذا فإن الحياة الدنيا حياة مؤقتة لا بدّ لها من زوال , وليس كذلك الآخرة. فالآخرة حياة دائمة عند الله عزّ وجلّ، خلود إما في نعيم الجنة وإما في شقاء النار.

ولذا نجد القرآن الكريم يقول (الحياة الدنيا)، ولم يقل (الحياة الآخرة)، لأن الحياة الدنيا فانية زائلة، والحياة عند الله في الآخرة خلود لا يزول (هي الحيوان). ولهذا المعنى جاء في القرآن الكريم تعبير (الدار الآخرة)، ولم يرد فيه تعبير (الدار الدنيا)، لهذا السبب نفسه لا ريب.

فالدار في اللغة المحلّ الذي يجمع البناء والساحة، وهي المنزل المسكون وهي البلد، وكلمة الدار تحمل معنى الاستقرار والثبات والبقاء. والإنسان في حياته الإجتماعية يشعر أنه لا استقرار له إلا في داره، فالدار عنوان الثبات والدوام. ولذا قال القرآن (الدار الآخرة)، لأنها دار الدوام والاستقرار والثبات والخلود، ولم يقل (الدار الدنيا) لأنها زائلة ذاهبة.

تأمّل قوله تعالى: " يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ " (غافر: 39)، وقوله تعالى: " تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ " (القصص: 83)، وقوله تعالى: " لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ " (النحل: 30).

وكل هذه الآيات تدلّ وتؤكّد على أن الآخرة أعمق وأغنى من الحياة الدنيا، وهي الحياة الدائمة التي لا يعقبها فناء .. هي الحياة النظيفة التي لا رجس فيها ولا دَنَس، هي حياة الحقّ التي لا باطل فيها .. ألا إنها الحيوان ..

و (الحيوان) بكل ما توحي به هذه الصيغة من توكيد الحياة الذي يأتيها من زيادة الألف والنون في آخرها لما يدلان عليه من مبالغة (عمق) وتوكيد ..

والله أعلم

ـ[القيصري]ــــــــ[10 - 08 - 2005, 01:55 ص]ـ

السلام عليكم

منقول

ومن الأمثلة التطبيقية للاختيار في الصيغ:

- اختيار صيغة المصدر فعلان في قوله تعالى: ?وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ? [العنكبوت:64]؛ حيث جاء اختيار صيغة الفعلان للتعبير عن الحياة في الدار الآخرة بما تشتمل عليه من حركة ونشاط وابتهاج وخفة النفس واهتزازها مع دوام ذلك واستمراره وتجدد ألوانه، وذلك في مقابل الحياة الدنيا -حياة اللهو واللعب- بما تشتمل عليه من انكسار وسأم من رتابة صور الحياة وتكرارها بلا تجدد، مع سرعة انقطاع لذاتها، وزوال نعيمها، وتحول عافيتها.

الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم

الدكتور عبد الحميد هنداوي الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

شكرا

القيصري

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير