كما يوصف بها الشيء الذي يَنْزل من غيره من الأشياء مَنْزلة السيد من قومه. ففي الجسم البشري أعضاءٌ لا يعيش الإنسان بفقد واحد منها (هي: القلب، والدماغ، والكبد، والرئتان، والكليتان) وقد وُصِفت قديماً بأنها (الأعضاء الرئيسة).!!!
د -كثيراً ما نصادف في كتابات المُحْدَثين عبارات مثل: عنصر رئيسيّ، وظيفة رئيسية، شخصيات رئيسية، الخ ... ويُخَطِّئ بعضُ النقّاد هذا الاستعمال، أي الوصف بصيغة النسَب إلى (رئيس)، قائلين بأن التعبير لا يصحّ إلا بدون ياء النسَب المشددة!
أما حُجّتهم في ذلك فهي أن الوصف بـ (رئيسي) لم يرد في الكتابات القديمة، وأن المنسوب يختلف عن المنسوب إليه. فالدمشقي هو غير دمشق، مثلما أن الملكيّ هو غير المَلِك!
هـ - بيد أن استعمال كلمة (رئيس) اتسع في العصر الحديث، وصارت لَقَباً للأشخاص عادةً، يَدُلُّ في الاستعمال على منصب أو وظيفة؛ من ذلك: رئيس الدولة، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، رئيس المحكمة، رئيس الجامعة، الخ ...
وبعبارة أخرى، الصفة (رئيس) غَلبتْ عليها الاسميّة، فصارت - في العصر الحديث - كالاسم الجامد، إضافتها معنوية (تُكسبها تعريفاً) بدليل أننا نَصِفُها بمعرفة فنقول: رئيسُ الدولة الـ جديدُ.
ومن المعلوم أن الاسم الجامد (الذي لا يُؤوَّل بمشتق) لا يوصف به إلا إذا لَحِقتْه ياء النسَب المشدّدة! (انظر الفقرة 139).
وفي رأي النقّاد المتشدِّدين «يصحُّ النسَب إلى (رئيس) في أصل معناه، بأن يقال: (مرسوم رئيسيّ) أي صادر عن الرئيس»!] كما يقال مرسوم ملكيّ [. لكن هذا غير مألوف البتة، والمألوف أن يقال: مرسوم جمهوري، أو مرسوم رئاسي ...
ويترتَّب على رأي النقّاد - من التقابل بين (مرسوم رئيسي) و (مرسوم ملكيّ) - أن لفظ (رئيس) انجذب إلى الاسمية وصار يقابل لفظ (مَلِك)، وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه آنفاً.
و- لكن الحياة حافلة بالأشخاص والأشياء والأفكار والاتجاهات، الخ ... ذوات الأهمية الخاصة في بابها أو التَمَيُّز على أشباهها، أو التأثير في سواها. وكلٌّ منها بهذا ينتمي إلى مفهوم (رئيس) ويأخذ بحظٍّ منه. وللدلالة على ذلك يستعمل المحدَثون الوصف بصيغة النسَب، فيقولون: (الشخصيات، أو العناصر، أو الاتجاهات) الرئيسية.
وحين يصف الكاتب (العنصر) بأنه (رئيسيّ) فإنه يقصد إلى أن يَنسُب إلى العنصر صفات المنسوب إليه (رئيس) على جهة التشبيه (انظر الفقرة ب). فإذا قال: (هذا عنصر رئيسيّ في الموضوع)، عَنَى أن العنصر يَنْزل من عناصر الموضوع مَنْزلة الرئيس ممن يليه في الترتيب مكانةً. فهو إنما يريد تشبيه العنصر في مكانه من العناصر الأخرى بالرئيس في مكانه، وهو مكان الرئاسة والتَّصَدُّر.
والجدير بالملاحظة أن صيغة (رئيسيّ) هذه قد استقرت في دلالتها المشار إليها؛ ولا يصحّ استعمالها إلا إذا كان الموصوف (عنصر، عضو، شخصية) جزءاً من مجموعة من جنسه. وقد أصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1968 قراراً سوَّغ فيه استعمال الوصف (رئيسيّ).
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[06 - 03 - 2009, 12:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
:::
لقد أشكل عليَّ قولهم: (الباب الرئس أو الرئيسي).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم:
تخيل معي الآتي: نحن مجموعة من أعضاء شبكة الفصيح مثلا، اتفقنا على أن يكون لنا مقر نجتمع فيه ونناقش قضايا اللغة العربية، وحتى لا تضيع جلساتنا في الاختلاف، وتمسك كل عضو منا بما يراه، اتفقنا أن نجعل أحدنا صاحب القرار النهائي عند اختلاف الرأي. هذا العضو صاحب القرار، يشبه الرأس بين أعضاء الجسد، لذا نسميه الرأس أو الرئيس لأنه دائما الرأس، فكلمة الرئيس وصف ملازم له (صفة مشبهة). لايصح أن نسمي هذا الشخص الرئيسي لأنه منسوب للرأس، كرئيس القوم (رأسهم) ورئيس الجمهورية (على رأسها).
وتخيل الآن أن مقرنا الفاخر يقع في حي راق، وله باب كبير يطل على الشارع العام، وأبواب أخرى فرعية صغيرة تطل على شوارع جانبية، وخصصنا بابا صغيرا جانبيا لاستخدام رئيسنا لا يدخل ولا يخرج منه سواه.
أما الباب الكبيرالذي يطل على الشارع العام ويستخدمه الجميع، فهو الباب الرئيس لأنه بين الأبواب له مكانة الرأس أو يشبه الرئيس بيننا، وأما الباب الذي يستخدمه الرئيس وحده فننسبه إلى الرئيس فنقول الباب الرئيسي.
فلدينا الآن عدة أبواب منها الباب الرئيس والباب الرئيسي وسائر الأبواب.
تخيل الآن جلسة من جلساتنا في هذا المقر. بدأ كل عضو بطرح موضوع للمناقشة، تم حصر الموضوعات وأخذ رأي الأعضاء في أهم موضوع مطروح لنبدأ به، فنال أحد الموضوعات أكبر نسبة من الأصوات. يمكننا الآن أن نسميه الموضوع الرئيس لأن أهميته بين الموضوعات الأخرى كأهمية الرأس بين الموضوعات، أما الموضوع الذي طرحه رئيسنا فقررنا عدم مناقشته وحذفناه من البرنامج. الموضوع الذي رأيناه أهم الوضوعات وبدأنا به الجلسة، هو الموضوع الرئيس، والموضوع الذي طرحه الرئيس يمكنه وصفه بالموضوع الرئيسي رغم ضآلته وقلة فحواه وعدم مناقشته.
مع التحية
¥