[سؤال عن تقدير محذوف]
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 02 - 2006, 05:41 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
في قوله تعالى: (فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق، يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا).
يقول الشيخ السعدي، رحمه الله، في تفسيره:
أي غاية ما تؤملون ببغيكم وشرودكم عن الإخلاص لله أن تنالوا شيئا من حطام الدنيا، وهو: (متاع الحياة الدنيا)، والإشكال عندي في تقدير المحذوف المناسب لكي يستقيم نصب: (متاع)، مع هذا التفسير، فقد استقام لي، تقدير: إنما بغيكم على أنفسكم لأجل متاع الحياة الدنيا، فهي غاية ما تؤملون، ولكن الجر هو الذي يستقيم مع هذا التقدير، والآية فيها النصب، فما التقدير المناسب لهذا النصب، وجزاكم الله خيرا.
وللفائدة: في قوله تعالى: (إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق)، قد يظن القارئ، للوهلة الأولى، أنه بمفهوم مخالفة الآية، يوجد من البغي ما هو بحق، كما أن منه ما هو بغير حق، وهذا غير صحيح، لأن قوله تعالى: (بغير الحق)، ليس قيدا يستفاد منه عكس الحكم عند انتفاءه، فيكون البغي جائزا إذا كان بحق، وغير جائز إذا لم يكن بحق، وإنما هذا التقييد هو ما يطلق عليه: (الصفة الكاشفة)، التي تكشف صفة هذا البغي، دون أن يستفاد منها مفهوم مخالفة، فهي تفيد بمنطوقها دون مفهومها، فتفيد أن البغي بغير الحق مذموم، ولا تفيد أن البغي بحق غير مذموم، لأن البغي لا يكون إلا بغير حق، فيكون مذموما على الدوام، والله أعلم.
ـ[أبو محمد المنصور]ــــــــ[20 - 02 - 2006, 08:39 ص]ـ
قرئ (مَتَاعَ الحياة الدنيا) و (متاعُ الحياة الدنيا) فمن قرأ بنصب (متاعَ) وهو حفص برواية عاصم و عبد الله بن أبي إسحاق وغيرهما: فالنصب يتحقق بوجه من عدة وجوه: الأول: على أنه مفعول مطلق، أي: تتمتعون به متاع َ الحياة الدنيا. الثاني: على أنه مصدر في موضع الحال، أي: متمتعين. الثالث: على أنه مفعول به والعامل فيه (بغيكم). الرابع: على أنه مفعول له. الخامس: على أنه ظرف زمان، أي: وقت متاعكم .. ومن قرأ برفع (متاعُ) وهو أبو عمرو والكسائي وابن كثير وغيرهم فالتقديرفيه أنه خبر لمبتدأ محذوف. أو خبر (بغيكم). . ومن قرأ بالجر (متاعِ) فالجر في قراءتهم على أنه نعت للأنفس، أي: ذوات متاعٍ، ونص ابن الأنباري في كتابه البيان في غريب إعراب القرآن على أن الجر لأنه بدل من الضمير (الكاف والميم) في (أنفسكم) والتقدير: إنما بغيكم على متاع الحياة الدنيا، ومعلوم أن البدل على نية تكرار العامل. هذا ما يسر الله به وبالله التوفيق.
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 02 - 2006, 05:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا محمد المنصور
وبالمناسبة، ذكرني لقبك: المنصور، بحديث دار بين وبين أخي، وفقه الله، منذ عدة أيام، تدارسنا فيه أسماء من حملوا لقب المنصور ممن تولى الإمارة، عبر تاريخ أمة الإسلام، واهتدينا إلى 5:
أولهم بطبيعة الحال، فحل بني العباس، ذو العزم والرأي والكيد، الداهية الأريب، أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور، رحمه الله، وما أدراك ما أبو جعفر المنصور؟
وثانيهم: الحاجب المنصور العامري، رحمه الله، حاجب الخليفة الأموي، هشام المؤيد بن الحكم المستنصر بن عبد الرحمن الناصر لدين الله، وهو مقدم الدولة العامرية، التي استولت على مقاليد الأمور في الأندلس بعد اضمحلال سلطان بني أمية، وكان، رحمه الله، مولعا بجهاد النصارى، حتى أثر عنه أنه كان يجمع ما علق بثيابه من غبار المعارك الحربية التي خاضها، في قارورة، أو نحوها، وأوصى أن تدفن معه علها تشفع له عند الله عز وجل:
وإذا كانت النفوس كبارا ******* تعبت في مرادها الأجساد، أو كما قال المتنبي.
وثالثهم: أمير الموحدين الشهير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن المنصور، رحمه الله، قاهر النصارى في موقعة الأرك، أمير الموحدين ومقدمهم، الملك في زي الزاهد، السلطان في زي الفقيه المناظر، ومن أراد الاستزادة من أخبار هذا الشاب المغربي المسلم، فليراجع ترجمته في سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي، رحمه الله.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ******* إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ورابعهم: أمير المرينيين الشهير أبو يوسف يعقوب المنصور المريني، رحمه الله، سلطان المرينين في المغرب الحبيب، صاحب القدم الراسخة في جهاد نصارى الأندلس، في وقت انحسر فيه الإسلام في الجزيرة الأندلسية الحبيبة، وانزوى المسلمون في مملكة غرناطة الشهيرة.
وخامسهم، وهو للأسف، الخبيث الدعي، الحاكم بأمر الله، الفاطمي، زورا، المولع بعلوم النجوم والفلك، حتى اختل عقله، المشهور بآرائه الغريبة، فمن تحريم لأطعمة بعينها، وأذكر أن منها "الملوخية"، وهي أكلة شهيرة عندنا بمصر، والنقل يحتاج لتحقيق، إلى تحريم للعمل نهارا، وإيجاب له ليلا!!!!!!،
أسأل الله أن يجعلك كالأربعة الأول، وأن ينفع بك أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما نفع بهم، وعلك تكون خامسهم، أيها الحبيب، اسما ورسما، وأن يجنبك عقيدة وسيرة وحزب آخرهم، وما أخبثه من حزب!.
وصدق من قال:
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر ******* ضل قوم ليس يدرون ما الخبر
وأكرم به من خبر، إنه خبر أعلام أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
¥