تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من كتاب سيبويه]

ـ[المكي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 05:16 م]ـ

(1)

مجاري أواخر الكلم من العربية

وهي تجري على ثمانية مجارٍ: على النصب والجرّ والرفع والجزم، والفتح والضمّ والكسر والوقف.

وهذه المجاري الثمانية يجمعهنّ في اللفظ أربعة أضرب: فالنصب والفتح في اللفظ ضرب واحد، والجرّ والكسر فيه ضرب واحد، وكذلك الرفع والضمّ، والجزم والوقف.

وإنما ذكرت لك ثمانية مجار لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل -وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه- وبين ما يبنى عليه الحرف بناءً لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل، التي لكلّ منها ضرب من اللفظ في الحرف، وذلك الحرف حرف الإعراب.

فالرفع والجر والنصب والجزم لحروف الإعراب. وحروف الإعراب للأسماء المتمكّنة، وللأفعال المضارعة لأسماء الفاعلين التي في أوائلها الزوائد الأربع: الهمزة، والتاء، والياء، والنون. وذلك قولك: أفعل أنا، وتفعل أنت أو هي، ويفعل هو، ونفعل نحن.

والنصب في الأسماء: رأيت زيداً، والجرّ: مررت بزيد، والرفع: هذا زيد. وليس في الأسماء جزم، لتمكنها وللحاق التنوين، فإذا ذهب التنوين لم يجمعوا على الاسم ذهابه وذهاب الحركة.

والنصب في المضارع من الأفعال: لن يفعل، والرفع: سيفعل، والجزم: لم يفعل. وليس في الأفعال المضارعة جر كما أنه ليس في الأسماء جزم؛ لأن لمجرور داخل في المضاف إليه معاقب للتنوين، وليس ذلك في هذه الأفعال. وإنما ضارعت أسماء الفاعلين أنك تقول: إن عبد الله ليفعل، فيوافق قولك: لفاعل، حتّى كأنّك قلت: إن زيداً لفاعل فيما تريد من المعنى. وتلحقه هذه اللام كما لحقت الاسم، ولا تلحق فعل اللام. وتقول سيفعل ذلك وسوف يفعل ذلك فتلحقها هذين الحرفين لمعنى كما تلحق الألف واللام الأسماء للمعرفة.

ويبّن لك أنها ليست بأسماء أنك لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك. ألا ترى أنّك لو قلت إنّ يضرب يأتينا وأشباه هذا لم يكن كلاماً؟! إلا أنها ضارعت الفاعل لاجتماعهما في المعنى. وسترى ذلك أيضاً في موضعه.

ولدخول اللام قال الله جلّ ثناؤه: "وإن ربّك ليحكم بينهم" أي لحاكم. ولما لحقها من السين وسوف كما لحقت الاسم والألف واللام للمعرفة. وأما الفتح والكسر والضم والوقف فللأسماء غير المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم ولا فعل مما جاء لمعنى ليس غير، نحو سوف وقد، وللأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة، وللحروف التي ليست بأسماء ولا أفعال ولم تجئ إلاّ لمعنى.

فالفتح في الأسماء قولهم: حيث وأين وكيف. والكسر فيها نحو: أولاد وحذار وبداد. والضم نحو: حيث وقبل وبعد. والوقف نحو: من وكم وقط وإذ.

والفتح في الأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة قولهم: ضرب، وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه فعل. ولم يسكنو آخر فعل لأن فيها بعض ما في المضارعة، تقول: هذا رجل ضربنا، فتصف بها النكرة، وتكون في موضع ضارب إذا قلت هذا رجل ضارب. وتقول: إن فعل فعلت، فيكون في معنى إن يفعل أفعل، فهي فعل كما أنّ المضارع فعل وقد وقعت موقعها في إن، ووقعت موقع الأسماء في الوصف كما تقع المضارعة في الوصف، فلم يسكّنوها كما لم يسكنو من الأسماء ما ضارع المتمكن ولا ما صيّر من المتمكن في موضع بمنزلة غير المتمكن. فالمضارع: من عل، حرّكوه لأنهم قد يقولون من عل فيجرونه. وأما المتمكن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن في موضع فقولك ابدأ بهذا أول، ويا حكم.

والوقف قولهم: اضرب في الأمر، ولم يحركوها لأنها لا يوصف بها ولا تقع موقع المضارعة، فبعدت من المضارعة بعدكم وإذ من المتمكنة.

وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه افعل.

والفتح في الحروف التي ليست إلا لمعنى وليست بأسماء ولا أفعال، قولهم: سوف، وثم.

والكسر فيها قولهم في باء الإضافة ولامها: بزيد ولزيد.

والضم فيها: منذ، فيمن جرّبها، لأنها بمنزلة من في الأيام.

والوقف فيها قولهم: من، وهل، وبل، وقد.

ولا ضم في الفعل؛ لأنه لم يجيء ثالث سوى المضارع. وعلى هذين المعنيين بناء كل فعل بعد المضارع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير