تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رُبَّ مَن باتَ يمنّي نَفسَهُ * حالَ مِن دونِ مُناهُ أَجَلُه

ـ[أبومصعب]ــــــــ[21 - 02 - 2006, 11:39 ص]ـ

قال أبو البركات الأنباري في أسرار العربية

وأما (رب) فمعناها التقليل. وهي تخالف حروف الجر من أربعة أوجه:

- الوجه الأول: أنها تقع في صدر الكلام، وحروف الجر لا تقع في صدر الكلام.

- والوجه الثاني: أنها لا تعمل إلا في نكرة، وحروف الجر تعمل في المعرفة و النكرة.

- والوجه الثالث: أنها يلزم مجرورها الصفة، وحروف الجر لا يلزم مجرورها الصفة.

- والوجه الرابع: أنها يلزم معها حذف الفعل الذي أوصلته إلى ما بعدها، وهذا لا يلزم الحروف.

واختصاصها بهذه الأشياء لمعان اختصت بها. فأما كونها في صدر الكلام فلأنها لما كانت تدل على التقليل، وتقليل الشيء يقارب نفيه، أشبهت حروف النفي، وحروف النفي لها صدر الكلام.

وأما كونها لا تعمل إلا في النكرة، فلأنها لما كانت تدل على التقليل، والنكرة تدل على التكثير وجب أن تختص بالنكرة التي تدل على التكثير ليصح فيها التقليل.

وأما كونها تلزم الصفة مجرورها فجعلوا ذلك عوضا عن حذف الفعل الذي يتعلق به، وقد يظهر ذلك الفعل في ضرورة الشعر.

وأما حذف الفعل معها فللعلم به، ألا ترى أنك إذا قلت: رب رجل يفهم، كان التقدير فيه: رب رجل يفهم أدركت أو لقيت؟ فحذف الفعل لدلالة لدلالة الحال عليه، كما حذف في قوله: (وأدخل يدك في جيبك) إلى قوله: (إلى فرعون وقومه)، ولم يذكر مرسلا لدلالة الحال عليه، فكذلك ههنا.

ابن هشام في شذور الذهب 126:

ثم قلت باب الاسم نكرة وهوَ ما يقبل ربّ

وأقول: ينقسم الاسم - بحسب التنكير والتعريف - إلى قسمين: نكرةٍ وهو الأَصل، ولهذا قدمته، ومعرِفَة، وهو الفرع، ولهذا أَخرته.

وعلامة النكرة: أَن تقبل دخول (رُبَّ) عليها، نحو رجل وغلام، تقول (ربّ رجل) و (رب غلام) وبهذا استُدلّ على أَن (مَنْ) و (ما) قد يَقَعَانِ نكرتين، كقوله:

رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيظاً قَلْبَهُ * قَدْ تَمَنَّى ليَ مَوْتاً لم يُطَعْ

وقوله:

لا تَضِيقَنَّ بالأَمُور فَقدْ * تُكْشَفُ غَمّاؤهَا بِغَيْرِ احْتِيَالِ

رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْـ * ـرِ لَهُ فُرْجَةٌ كَحلِّ العِقَالِ

فدخلت (ربّ) عليهما، ولا تدخل إلا على النكرات، فعلم أَن المعنى ربّ شخص أَنضجت قلبه غيظا، وربّ شيء من الأَمور تكرهه النفوس.

فإن قلت: فإِنك تقول: (ربّه رجلا) وقال الشاعر:

ربَّهُ فِتْيَةً دَعَوْتُ إلى مَا * يُورِثُ المَجْدَ دَائِباً فأَجَابُوا

والضمير معرفة، وقد دخلت عليه ربّ؛ فبطلَ القول بأنها لا تدخل إلا على النكرات.

قلت: لا نسلم أَن الضمير فيما أَوردته، معرفة بل هو نكرة؛ وذلك لأَن الضمير في المثال والبيتِ راجعٌ إلى ما بعده من قولك (رَجلا) وقول الشاعر (فتيةً) وهما نكرتان

وقد اختلف النحويون في الضمير الراجع إلى النكرة: هل هو نكرة أو معرفة على مذاهب ثلاثة:

أَحدها أَنه نكرة مطلقاً.

والثاني: أَنه معرفة مطلقاً.

والثالث: أَن النكرة التي يرجِع إليها ذلك الضميرُ إما أَن تكون واجِبَةَ التنكيرِ أَو جائزته، فإذا كانت واجبة التنكير كما في المثال والبيت فالضمير نكرة، وإن كانت جائزته؛ كما في قولك (جاءني رجل فأكرمته) فالضمير معرفة، وإنما كانت النكرةُ في المثال والبيت واجبَة التنكير لأَنها تمييز، والتميز، لا يكون إلا نكرة، وإنما كانت في قولك (جاءني رجل فأكرمته) جائزة التنكير لأَنها فاعل، والفاعل لا يجب أَن يكون نكرة، بل يجوز أَن يكون نكرة وأَن يكون معرفة، تقول (جاءني رجل) و (جاءني زَيْدٌ)

قلت - أبو مصعب -: الأول أرجح وهو قول سيبويه رحمه الله، وقد صدره ابن هشام رحمه، وإطناب ابن هشام رحمه الله في الثالث لا يدل على رجحانه، لأن القول به ينقض القول بنكارة (من) و (ما) التي استدل النحاة وعلى رأسهم شيخهم سيبويه رحمه الله على نكارتهما بدخول (رب) عليهما

(رب) حرف، قال سيبويه ("كم" اسمٌ و"ربّ" غير اسم)

في بعض ما يضاف إلى المعارف و لا تفيده إضافته تعريفا لأنه في حكم الانفصال أو أنه من المبهمات الموغلة في الإبهام، ودليل ذلك دخول (رب) عليه

سيبويه 492/ 1:

... ومثله قول جرير:

يَا رُبَّ غَابِطِنَا لَوْ كَانَ يَعْرفكُمْ * لاَقَى مُبَاعَدَةً مِنْكُمْ وَحِرْمَانا

وقال أبو محجن الثقفي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير