تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض، فالأفعال أثقل من الأسماء لأن الأسماء هي الأولى، وهي أشد تمكّنا، فمن ثم لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون، وإنما هي من الأسماء. ألا ترى أن الفعل لا بد له من الاسم وإلا لم يكن كلاماً، والاسم قد يستغني عن الفعل، تقول: الله إلهنا، وعبد الله أخونا.

واعلم أن ما ضارع الفعل المضارع من الأسماء في الكلام ووافقه في البناء أجرى لفظه مجرى ما يستثقلون ومنعوه ما يكون لما يستخفون وذلك نحو أبيض وأسود وأحمر وأصفر، فهذا بناء أذهب وأعلم فيكون في موضع الجرّ مفتوحاً، استثقلوه حين قارب في الكلام ووافق في البناء.

وأما مضارعته في الصفة فإنك لو قلت: أتأتني اليوم قوي، وألا بارداً ومررت بجميل، كان ضعيفاً، ولم يكن في حسن أتاني رجل قوي وألا ماء بارداً، ومررت برجل جميل. أفلا ترى أن هذا يقبح ههنا كما أن الفعل المضارع لا يتكلم به إلا ومعه الاسم؛ لأن الاسم قبل الصفة، كما أنه قبل الفعل. ومع هذا أنك ترى الصفة تجري في معنى يفعل، يعني هذا رجل ضارب زيداً، وتنصب كما ينصب الفعل. وسترى ذلك إن شاء الله.

فإن كان اسماً كان أخفّ عليهم، وذلك نحو أفكل وأكلب، ينصرفان في النكرة.

ومضارعة أفعل الذي يكون صفة للاسم أنه يكون وهو اسم صفة كما يكون الفعل صفة، وأما يشكر فإنه لا يكون صفة وهو اسم، وإنما يكون صفة وهو فعل.

واعلم أن النكرة أخف عليهم من المعرفة، وهي أشد تمكناً؛ لأن النكرة أول، ثم يدخل عليها ما تعرّف به. فمن ثم أكثر الكلام ينصرف في النكرة.

واعلم أن الواحد أشد تمكناً من الجميع، لأن الواحد الأول، ومن ثم لم يصرفوا ما جاء من الجميع ما جاء على مثال ليس يكون للواحد، نحو مساجد ومفاتيح.

واعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث لأن المذكر أول، وهو أشد تمكناً، وإنما يخرج التأنيث من التذكير. ألا ترى أن "الشيء" يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أو أنثى، والشيء ذكر، فالتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم، وتركه علامة لما يستثقلون. وسوف يبيّن ما ينصرف وما لا ينصرف إن شاء الله.

وجميع ما لا ينصرف إذا أدخلت عليه الألف واللام أو أضيف انجرّ؛ لأنها أسماء أدخل عليها ما يدخل على المنصرف. ودخل فيها الجر كما يدخل في المنصرف، ولا يكون ذلك في الأفعال، وأمنوا التنوين. فجميع ما يترك صرفه مضارع به الفعل، لأنه إنما فعل ذلك به لأنه ليس له تمكن غيره، كما أنّ الفعل ليس له تمكن الاسم.

واعلم أن الآخر إذا كان يسكن في الرفع حذف في الجزم، لئلا يكون الجزم بمنزلة الرفع، فحذفوا كما حذفوا الحركة ونون الاثنين والجميع. وذلك قولك لم يرم ولم يغز ولم يخش. وهو في الرفع ساكن الآخر، تقول: هو يرمي ويغزو ويخشى

ـ[المكي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 05:26 م]ـ

(2)

المسند والمسند إليه

وهما ما لا يغنى واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بداً. فمن ذلك الاسم المتدأ والمبني عليه. وهو قولك عبد الله أخوك، وهذا أخوك.

ومثل ذلك يذهب عبد الله، فلا بدّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بدّ من الآخر في الابتداء.

ومما يكون بمنزلة الابتداء قولك: كان عبد الله منطلقاً، وليت زيداً منطلق؛ لأن هذا يحتاج إلى ما بعده كاحتياج المبتدأ إلى ما بعده.

واعلم أن الاسم أول أحواله الابتداء، وإنما يدخل الناصب والرافع سوى الابتداء والجار على المبتدأ. ألا ترى أن ما كان مبتدأ قد تدخل عليه هذه الأشياء حتى يكون غير مبتدأ، ولا تصل إلى الابتداء ما دام مع ما ذكرت لك إلا أن تدعه. وذلك أنك إذا قلت عبد الله منطلق إن شئت أدخلت رأيت عليه فقلت رأيت عبد الله منطلقاً، أو قلت كان عبد الله منطلقاً، أو مررت بعبد الله منطلقاً، فالمبتدأ أول جزء كما كان الواحد أول العدد، والنكرة قبل المعرفة.

ـ[المكي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 05:28 م]ـ

(3)

اللفظ للمعاني

اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين. وسترى ذلك إن شاء الله تعالى.

فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب. واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق. واتفاق اللفظين والمعنى مختلف قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة. وأشباه هذا كثير.

ـ[المكي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 05:29 م]ـ

(4)

ما يكون في اللفظ من الأعراض

اعلم أنهم مما يحذفون الكلم وإن كان أصله في الكلام غير ذلك، ويحذفون ويعوّضون، ويستغنون بالشيء عن الشيء الذي أصله في كلامهم أن يستعمل حتى يصير ساقطاً. وسترى ذلك إن شاء الله.

فما حذف وأصله في الكلام غير ذلك. لم يك ولا أدر، وأشباه ذلك. وأما استغناؤهم بالشيء عن الشيء فإنهم يقولون يدع ولا يقولون ودع، استغنوا عنها بترك. وأشباه ذلك كثير.

والعوض قولهم: زنادقة وزناديق، وفرازنة وفرازين، حذفوا الياء وعوّضوها الهاء. وقولهم أسطاع يسطيع وإنما هي أطاع يطيع، زادوا السين عوضاً من ذهاب حركة العين من أفعل. وقولهم اللهم، حذفوا "يا" وألحقوا الميم عوضاً.

(والبقية ستأتي إن شاء الله)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير