ـ[علي المعشي]ــــــــ[30 - 01 - 2006, 11:33 م]ـ
كانت لاءه نعم
الحق معك مشرفنا أبا محمد، فالهمزة على السطر وليست على الواو في ديوان الفرزدق، وفي وفيات الأعيان تحقيق إحسان عباس وغيره، فشكرا على التنبيه.
ولكن
كانت لاءه نعم، فإذا كان الخبر مقدما على الاسم، إذن فأصل الجملة: كانت نعم لاءه
فيصبح المعنى:
لولا التشهد (أشهد أن لا إله إلا الله)، لكانت نعم لا، أي لكانت نعم التي في التشهد لا، في حين أنه لا يوجد في التشهد نعم ليخبرنا بأنه لولا الإيمان في قلب الممدوح لكانت هذه النعم لا، فهل قصد الفرزدق هذا المعنى، فإن قصد هذا فأين المنطق في المعنى أو في قوله ما قال لا التي في صدر البيت.
لعل المعنى عند الفرزدق هو:
لولا أنه التشهد (أشهد أن لا إله إلا الله)، لكانت لا نعم، لأنه لا يقول لا، والذي منع لاء التشهد أن تكون نعم هو الإيمان والعقيدة في ضرورة قول لا في التشهد.
ترى هل اقتضى تأويل نحوي، أن ترسم الهمزة على السطر ليستقيم ضم نعم في غفلة عن أمر بنائها على الضم، وما الضرورة إلى هذا التأويل إذا كانت نعم مبنية على الضم.
الإعرابُ ليس قضية حركة ٍ دون معنى لكل حركة، كما أن التقديم والتأخير ليس خدمة للإعراب بقدر ما هو خدمة للمعنى.
دخلت كان على جملة أصلها مبتدأ أخبر عنه:
لاؤه نعم
فالإخبارهنا عن اللاء بأنها نعم
أما: نعم لاؤه
فالإخبارهنا عن نعم بأنها لاء
ويستقيم الأمر إذا كان المبتدأ هو الخبر، والخبر هو المبتدأ، فيتساوى الأمر تقديما وتأخيرا، فهل لا هي نعم، ونعم هي لا
الأمر فيه حيرة.
أيها الأحبة ..
كأني بالبعض يرى أن الأصوب أن يقول:
كانت لاؤه نعما، ولكن الضرورة أجبرته على ضم (نعم)
أو أن نعم حرف، وحرك بالضم للضرورة ..
ولكني أرجح الرواية المشهورة (كانت لاءه نعمُ)
ولا أجد إشكالا في البيت، وسأوضح وجهة نظري بشيء من التفصيل فاحتملوني جعلت فداءكم ..
لا، ونعم هنا ليسا حرفين بل استعملهما الشاعرعلمين للمنع والعطاء.
صحيح أن المعنى يفسد لو أن الشاعر أضاف (نعم) إلى هاء الضمير، ولكن بما أن (لا) هي المضاف، فلا يضر التقديم والتأخير، ولا جعل الاسم مكان الخبر والخبر مكان الاسم ..
ما رأيكم لو وضعنا (المنع، والعطاء) مكان (لا، ونعم) وأجرينا هذه التبديلات مع المحافظة على إضافة (لا) إلى الهاء؟
لنجربْ ..
كان منعُه العطاءَ .. أي (كانت لاؤه نعما) هذا صحيح ولكن لا يناسب القافية.
كان العطاءُ منعَه .. أي (كانت نعمُ لاءَه) وهذا صحيح أيضا ويؤدي المعنى نفسه .. كما نقول: كان انتقامُ الحليم الصفحَ .. أو كان الصفحُ انتقامَ الحليم.
لذلك عمد الشاعر إلى التبديل بين الاسم والخبر لحاجة القافية، لاسيما أن (نعم) تصلح اسما للناسخ لكونها علما كما أسلفت، وحافظ على المعنى بالإبقاء على إضافة لا إلى الضمير العائد على الممدوح.
أي أن نعم صارت لاء الممدوح الخاصة به دون سواه التي يقولها حيث يقول الآخرون لا، والمراد أن العطاء صارهو منع الممدوح، وحبذا من كان العطاء بُخله ومنعه!!
والمعنى ينقلب رأسا على عقب لو أنه قال: كانت نعمُه لاء .. أي كان عطاؤه المنعَ!
أو كانت لا نعمَه .. أي كان المنعُ عطاءَه!!
هذا ما رأيته، وأعتذر عن الإطالة ولكم التحية.
ـ[ابن هشام]ــــــــ[30 - 01 - 2006, 11:43 م]ـ
أخي العزيز أبا محمد وفقه الله
أحسن الله إليك على جوابك المسدد، ولك مني كل الشكر والتقدير.