-1 هي أصلُ حروفِ العطف، ومَعْناها: إشراكُ الثاني فيمَا دَخَل فيه الأوّل، وليسَ فيها دليلٌ على أيّهما كانَ أوّلاّ (ويستدرك منهذا الإطلاق: بعضُ الأعداد فإن منها ما يكون لمطلق الجمع مثل {ثلاث أيامفي الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملةٌ} ومنها يؤتى به ويراد منه الإنفراد لا الإجتماع، وهي الأعداد المعدولة ك"ثلاث" و "رباع" وعلى هذا يفسر قوله تعالى: {فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} (الآية "3" من سورة النساء)، وكذالك قوله تعالى: {جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} ولا حاجة لتأويل الواو هنا بـ "أو" كما يقول ابن هشام)، فَتَعْطفُ مُتَأَخّراً في الحُكمُ، ومَتَقدّماً، ومُصاحباً، فالأوَّل نحو قوله تعالى: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحَاً وإبْرَاهِيمَ} والثاني نحو: {كَذَلِكَ يُوحِي إليْكَ وإلى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} (الآية "2" من سورة الشورى "42") والثالث نحو: {فَأَنْجَيْنَاهُ وأصْحَابَ السَّفِينَة} (الآية "15" من سورة العنكبوت "29") ونحو {واسجدي واركعي مع الراكعين}، والسجود بعد الركوع.
-2 الواو بمعنى الفاء: قد تأتي الواوُ العَاطِفَةُ بمعنى الفاء وذلك في الَخَبِر، كقولك: "أنتَ تَأتِيني وتُكرمُني" و "أنَا أزُورُكَ وأعطيكَ" و "لم آتِكَ وأكْرِمْكَ " وفي الاسْتِفْهَام إذا استفهمتَ عن أمْرَين جميعاً نحو "هَلْ يأتي خالدٌ ويخبرني خبرَه؟ " وكَذلكَ أين يَذهبُ عمروٌ وينطلقُ عَبْدُ الله".
-3 اختصَاصُ الواوِ العاطفَة: تختصُّ الوَاوُ منْ سائِرِ حُرُوفِ العَطفِ بواحدٍ وعشرينَ حكْماً:
(1) أنَّها تعطفُ اسماً لا يستْغَنى عنهُ كـ "اخْتَصَمَ عَمْرٌو وخالدٌ" وَاصطَفَّ بَكْرٌ وعَلّيٌ و "اشْتَرك مُحَمَّدٌ وأخُوه" و "جلَستُ بَيْنَ أخي وصديقي" لأنَّ الاخْتصامً والاصطفافَ والشّركة والبيّنيّة من المعاني التي لا تقومُ إلا بإثنَينِ فَصَاعِداً.
(2) عَطْفُ سببيٍّ على أجنبيٍّ في الاشتغالِ ونحوه، نحوَ "زَيْداً أكرمتُ خالداً وأخاه"
(الأجنبي هو "خالداً والسببي هو "أخاه".
(3) عطفُ ما تَضَمَّنَهُ الأوَّلُ إذا كانَ المعطوفُ ذا مَزِيَّةٍ نحو: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الوُسْطَى} (الآية "238" من سورة البقرة "2").
(4) عطفُ الشَّيء على مرادفهِ نحو {شِرْعَةً ومنْهَجَاً} (الآية "38" من سورة المائدة "5").
(5) عطفُ عاملٍ قَدْ حُذِفَ وبَقِيَ مَعْمُولُهُ نحو {والَّذينَ تَبَوَّؤوا الدَّارَ والإِيمانَ} (الآية "9" من سورة الحشر"59" وكلمة الإيمان في الآية وإن كانت في الظاهر معطوفة على الدار ولكن فعل "تبوؤوا " لا يصح للإيمان، لأن تبوؤ في الأماكن فلا بدَّ لها من تقدير فعل يناسبها مثل "اعتفدوا" وهذا هو العامل المحذوف على نحو قول الشاعر:
علفتها تبناً وماءً بارداً،
المعنى: وسقيتها ماءً بارداً).
(6) جَوازُ فَصْلِها مِنْ مَعْطوفِهَا بظَرْفٍ أو عَدِيلهِ، نحو {فَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أيْديهمْ سَدَّاً ومِنْ خَلْفِهِم سدًّا} (الآية "9" من سورة يس "36").
(7) جَوازُ تقْدِيمها وتَقْدِيمِ مَعْطوفها في الضَّرورَةِ نحو قوله:
جَمَعْتَ وفُحشاً غِيبَةً ونَمِيَمَةً * خِصالاً ثلاثاً لستَ عنها بمُرْعَوِي
(8) جوازُ العطفِ على الجِوارِ في الجرِّ خاصةً نحو {وامْسَحُوا بِرُؤُوُسِكُمْ وأَرْجُلِكُمْ} (الآية "6" من سورة المائدة "5". و المراد بالجوار هنا: أن كلمة برؤوسكم مجرورة فجرُّ ما بعدها وهي أرجلكم لمجاورةها ما قبلها، وهذه قراءة من جرّ أرجلكم، والقراءة الثانية: وأرجلكم بفتح الام عطفاً على الوجوه، على الأصل)، في قراءةِ أبي عمرو وأبي بَكر وابن كثير وحمزة.
(9) جَوَازُ حَذْفِها إنْ أَمِنَ اللَّبسَ كقوله: " كيفَ أصْبَحَتَ كَيْفَ أمْسَيْتَ ".
(10) إيلاَؤها "لا" إذا عَطَفْتَ مُفْرَداً بعدَ نَهيٍ نحو: {لا تُحَلُّوا شَعَائِرَ اللهِ ولاَ الشَّهْرَ الحَرامَ ولاَ الهَدْيَ ولا القَلاَئِدَ} (الآية "2" من المائدة "5" وظاهر أن النهي بـ (لا تحلوا) وإيلاؤها "لا" بـ (ولا الهدي ولا القلائد)).
أو نَفْي نحو {فَلاَ رَفَثَ ولاَفُسُوقَ ولاَجِدَالَ} (الآية "197" من سورة البقرة "2").
¥