تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يَا رُبَّ مِثْلِكِ فِي النِّسَاءِ غَرِيرَة * بَيْضَاءَ قَد مَتَّعْتُهَا بِطَلاق

فرب لا يقع بعدها إلا نكرة، فذلك يدلك على أن " غابطنا " " ومثلك " نكرة.

قلت - أبو مصعب -: ف (غابط) اسم فاعل لم تفده الإضافة إلى (نا) سوى التخفيف، وهو في حكم الانفصال (غابطٍ لنا)، ومن أجل هذا حل لـ (رب) أن تدخل عليه

و (مثل) من المبهمات الموغلة في الإبهام ولا تتعرف بالإضافة، ولذلك دخلت (رب) عليها مضافة

دخول رب على معرفة معطوفة على نكرة

سيبويه 50/ 2:

وأما (رُبَّ رجلٍ وأخيه منطلقَين)، ففيها قبحٌ حتى تقول: (وأخٍ له). و (المنطلقان) عندنا مجروران من قبل أن قوله: (وأخيه) في موضع نكرة، لأن المعنى إنما هو: وأخٍ له.

فإن قيل: أمضافة إلى معرفة أو نكرة؟ فإنك قائل إلى معرفة، ولكنها أجريت مُجرى النكرة، كما أن (مثلك) مضافة إلى معرفة وهي توصف بها النكرة، وتَقع مَواقعَها. ألا ترى أنك تقول (ربّ مثلِك). ويدلّك على أنها نكرة أنه لا يجوز لك أن تقول: (ربّ رجلٍ وزيدٍ)، ولا يجوز لك أن تقول: (ربّ أخيه) حتى تكون قد ذكرت قبل ذلك نكرة.

قلت - أبو مصعب -: القبح الذي في (رُبَّ رجلٍ وأخيه منطلقَين) دخول رب على (أخيه) المعرف بالإضافة، والأحسن عزل المضاف عن المضاف إليه (رب أخٍ له) فتفصل، والضمير معرفة والمضاف إليه في حكم النكرة على الفصل كما هو في (ربه فتى)

عود الضمير على نكرة

51/ 2:

وقال الأعشى:

وكم دون بيتكَ من صفصَفٍ * ودَكداكِ رَملٍ وأعقادِها

و وضْعِ سِقاءٍ وإحقابِه * و حَلِّ حُلوسٍ وإغمادِها

هذا حجةٌ لقوله: رُبّ رجلٍ وأخيه. فهذا الاسم الذي لم يكن ليكون نكرةً وحدَه، ولا يوصف به نكرة، ولم يحتمل عندهم أن يكون نكرة، ولا يقع في موضع لا يكون فيه إلا نكرة حتى يكون أول ما يَشغلُ به العاملَ نكرة، ثم يُعطف عليه ما أضيف إلى النكرة، ويصيّر بمنزلة مثلك ونحوه.

قلت الحجة فيه عود الضمير في قول الأعشى (أعقادها) و (إحقابه) و (إغمادها) على نكرة، فهو في حكم النكرة وإن كان معرفة أصالة و (أعقادها) و (إحقابه) و (إغمادها) نكرات للأنها مضافة لمعارف تعود على نكرات فهي في حكم النكرات، ومن هنا كانت الحجة فيه ل (رب رجل وأخيه)

الأسماء الموصولة معارف، وتأتي نكرة، واستدل النحاة وعلى رأسهم شيخهم سيبويه على نكارة (من) و (ما) بدخول (رب) عليهما

سيبويه 104/ 2:

ويقوّي أيضاً أن (مَن) نكرة، قول عمرو بن قَميئة:

يا رُبَّ مَن يُبغض أذوادَنا * رُحنَ على بَغْضَائِه واغْتَدَيْنْ

ورُبّ لا يكون ما بعدها إلا نكرة. وقال أمية بن أبي الصلت:

رُبَّ مَا تَكْرَه النُّفُوس من الأَمْر * لَهُ فَرْجةٌ كحَلّ العِقَالِ

رب للتقليل (1)، وقد ذكر سيبويه رحمه الله في مواضع من كتابه أن (كم) الخبرية بمعنى (رب)، فذهب قوم منهم الإمام ابن مالك رحمه الله إلى القول بأنها للتكثير

(1) فخر صالح قداره: وهذا هم المنسوب عند كثييرين لسيبويه وغيره من أكابر البصريين والكوفيين، كأبي عمرو والخليل والكسائي والفراء.

وذكر ابن مالك في التسهيل أنها حرف تكثير وفاقا لسيبويه، وجعل التقليل بها نادرا. انظر: المساعد (284/ 2) وشرح التسهيل (176/ 3).

(كم) للتكثير بمعنى (رب) وقول سيبويه رحمه الله في ذلك:

الكتاب 159/ 2:

اعلم أن لـ (كَم) موضعين: فأحدهما الاستفهام، وهو الحرف المستفهَم به، بمنزلة (كيف) و (أين). والموضع الآخر: الخبر، ومعناها معنى (رُبّ).

الكتاب 163/ 2:

واعلم أن (كم) في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه (رُبّ)، لأن المعنى واحدٌ، إلا أن كم اسمٌ ورُبّ غير اسم، بمنزلة (مِنْ). والدليل عليه أن العرب تقول: (كم رجلٍ أفضلُ منك؟)، تجعله خبرَ (كم). أخبرناه يونس عن أبي عمرو.

حذف (رب) وبقاء عملها

قال سيبويه رحمه الله 164/ 2:

ولا يجوز أن تضمر الجار، ولكنهم لما ذكروه في أول كلامهم شبهوه بغيره من الفعل. وكان هذا عندهم أقوى إذا أضمرت (رب) ونحوها في قولهم:

وبلدةٍ ليس بها أنيس

قلت - أبو مصعب -: الشاهد فيه إعمال (رب) مضمرة في (بلدة) والتقدي (ورب بلدة)

ذكر جواب (رب) وحذفه:

بعد (رب) يأتي جوابها ظاهرا ويحذف للعلم به، تقول (رب رجل عالم لقيته)، (لقيته) جواب (رب)

حذف جوابها:

قال سيبويه رحمه الله 120/ 3:

وزعم - أي الخليل رحمه الله - أنَّه قد وجد في أشعار العرب ربَّ لا جواب لها. من ذلك قول الشمّاخ:

ودوّيّةٍ قفرٍ تُمشِّى نَعامُها * كمَشي النَّصارى في خفافِ الأَرنْدَج

فهذه القصيدة التي فيها هذا البيت لم يجيء فيها جوابٌ لربَّ؛ لعلم المخاطب أنّه يريد: قطعتُها، أو ما هو في هذا المعنى.

القول في تعلق (رب) وزيادتها:

رب في قول القائل: (رب رجل عالم لقيته) إما متعلقة بالفعل (لقيته) ومحل الجار والمجرور النصب على المفعولية، كأنك قلت (لقيت رجلا عالما) وقال به جماعة، و (لقيته) على هذا القول لا يكون جوابا لـ (رب)

أو تكون حرفا زائدا و (رجلا) محله الرفع مجرور لفظا بالحرف الزائد، و (لقيته) جواب (رب)

مع التحية الطيبة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير